ندوة في حيفا حول صناعة السياسة لدى الفلسطينيين في الداخل والمنظور الفكري لعزمي بشارة
نظمت جمعية "الثقافة العربية" ومركز "مدى الكرمل"، مساء الأربعاء، ندوة في حيفا، بعنوان "صناعة السياسة لدى الفلسطينيين في الداخل: قراءة في الحاضر بمنظور الفكر السياسيّ للدكتور عزمي بشارة".
وفي افتتاح الندوة، تحدث مدير عام جمعية الثقافة العربية، مصطفى ريناوي، عن التأثير الكبير للنكبة على الداخل الفلسطيني، كما تحدث عن خسارة صناعة السياسة وضياع النخبة السياسية والمثقفين، وتأثير عملهم وحركتهم السياسية.
وتناولت مديرة برامج الدراسات النسوية في "مدى الكرمل"، الدكتورة عرين هواري، قراءة في كتاب "الخطاب السياسي المبتور ودراسات ومقالات أخرى" للمفكر عزمي بشارة.
وقالت هواري: "في تحليله للواقع، يقرأ (الدكتور عزمي بشارة) السياق السياسي الفلسطيني والإسرائيلي، ويقرأ الذات الفلسطينية الفاعلة، ويقرأ التناقضات التي يعيشها المواطن الفلسطيني في إسرائيل وكذلك المثقف الفلسطيني، ويقف على مجموعة كبيرة من التضادات التي يحذر من الوقوع بها في تحليله للواقع وفي طرحه للحل السياسي".
وتابعت "ينحاز بشارة بشكل واضح للديمقراطية وللحرية ولبلوغ السعادة كهدف، وبالتالي فمشروعه القومي ليس مشروع هوية قائمة، لا بذاتها ولا لذاتها وإنما يأتي من أجل حياة حرة كريمة".
من جهته، قدم الباحث في "مدى الكرمل" إمطانس شحادة قراءة في كتاب "الخطاب السياسي المبتور ومقالات ودراسات لبشارة"، موضحاً أن بشارة نظر إلى خصوصية الحالة، ومنها عرض الحل لسؤال مسألة الفلسطينيين في إسرائيل، بما في ذلك علاقتهم بالقضية الفلسطينية ومشروع التحرر الوطني ومكانتهم في دولة لا ترى فيهم مواطنين.
واختتم شحادة بالقول "بشارة طرح إشكالية الفصل بين القومي والمدني اليومي وعرض صيغة جديدة تنطلق من خصوصية الحالة الإسرائيلية، ولم يستورد مقاربة قائمة أو أطراً سياسية نظرية من تجارب أخرى. وعرض الربط بين القومي والمدني، بين المكانة الجماعية والحالة الفردية".
وتطرّق الكاتب أنطوان شلحت إلى جزئية فقط من المساهمة الفكرية الثقافية لعزمي بشارة، وركّز على محوري هوية الفلسطينيين في أراضي 1948، ومعيقات النهضة المرتجاة. ولفت إلى أن هذه المساهمة كانت وستبقى معينًا في فهم الواقع الاجتماعي، فضلًا عن الواقع السياسي.
وفيما يخص سؤال الهوية، قال شلحت إن "مساهمة بشارة، بلغت مكانة متميزة في أواسط تسعينيات القرن الماضي وبالذات بعد انطلاق "عملية التسوية" في طريق لم تكن مشقوقة من قبل، وكانت رائدة، لناحية تحليل عناصر الشخصية العربية في الداخل، التي رأى أنها شخصية تتنازعها عمليتان متناقضتان: الأولى كونها فلسطينية، والثانية عملية الأسرلة".
وأشار شلحت إلى أنّ تسوية المسألة الفلسطينية، في إطار الحل المطروح دوليًا وعربيًا وفلسطينيًا وإلى حد ما إسرائيليًا على أساس "دولتين للشعبين" متجاورتين: إسرائيل وفلسطين، لن تؤدي إلى حلّ مشكلة هوية العرب الفلسطينيين في إسرائيل.
وأوضح أن "الأسرلة" لا تعدّ خيارًا واقعيًا بالنسبة للعرب، لأسباب عدة منها أن إسرائيل ليست دولة للإسرائيليين وإنما لليهود فقط، لافتاً إلى أن "الأسرلة" تعني دفع العرب، دفعًا أبديًا، نحو هامش المجتمع الإسرائيلي.
ووفقًا لشلحت، فإن "بشارة فتح العلاقة بين السياسة والثقافة على أفق الحوار، باعتبار ذلك شرطًا من شروط تحديث الوعي الاجتماعي، وإقرارًا بأن أي مشروع سياسي هو مشروع ثقافي بامتياز. ولذا فقد بقي مهجوسًا بالنهضة الثقافية، والذي جاء كتابه "طروحات عن النهضة المعاقة" بمثابة إنباء مدوٍ به".