اختار الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله استخدام سلاح الترهيب والتهويل لحث مناصريه على المشاركة الكثيفة في الانتخابات النيابية المرتقبة يوم الأحد 15 مايو/أيار الجاري، والتصويت لصالح الحزب وحلفائه، وذلك من بوابة إيحائه بالتعرّض لـ"حرب تموز سياسية"، في مشهدية شبّهها بعام 2006 ووضع فيها الخصوم والمرشحين المنافسين في خانة "العدو الإسرائيلي".
وعلى مسافة أيام من موعد إجراء الانتخابات على الأراضي اللبنانية، أطلّ نصر الله في كلمةٍ خلال المهرجان الذي يقيمه حزب الله في صور والنبطية جنوباً، حيث ستشهد معركة استثنائية هذه الدورة مع احتمال إحداث خرقٍ في مقاعده، خصوصاً من قبل مجموعات مستقلة ومعارضة، فتوجه إلى من يأخذ من "سلاح المقاومة عنواناً للمعركة الانتخابية الحالية"، ولعبَ على وتر معاناة أهل الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي ليُحذّر من تداعيات نزع سلاحه أو التخلّص من حزب الله.
وقال نصر الله إن "على اللبنانيين أن يعرفوا أن من يدعون اليوم لنزع سلاح المقاومة والتخلص من حزب الله وحلفائه يتجاهلون ما عاشه الجنوب وما عاناه أهل الجنوب من الكيان الصهيوني المؤقت".
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن "بعض القوى السياسية أخذت من سلاح المقاومة عنواناً للمعركة الانتخابية الحالية ولم يلتفتوا إلى هموم الناس"، لافتاً إلى أن "من يطالب اليوم بإلغاء المقاومة يتجاهل ويتنكر لكل إنجازاتها الوطنية والقومية وإنجازها الأعظم في تاريخ لبنان، وهو تحرير كافة الأراضي اللبنانية المحتلة"، مشيراً إلى أن "المقاومة وحدها بكل فصائلها حررت كامل الأراضي اللبنانية المحتلة وحررت الأسرى بكرامة وعزة".
وسأل نصر الله "إذا تخلى الناس عن المقاومة وتخلت المقاومة عن سلاحها كما يُطالب، فمن يحمي الناس؟".
ولفت إلى أن "الهدف في حرب تموز العسكرية كان إلغاء المقاومة، وهذه المطالب هي نفسها اليوم تُطرح في الحملات الانتخابية، ما يعني أنها حرب تموز سياسية"، كما توجه إلى أهل الجنوب بالقول "أنتم الذين انتصرتم على العدو في حرب تموز العسكرية بصمودكم وشجاعتكم، واليوم نحن نتطلع لكم في كل الدوائر الانتخابية أن تنتصروا في حرب تموز السياسية بصدقكم ووفائكم"، داعياً إياهم إلى "الوقوف إلى جانب المقاومة وحلفائها".
واستخدم أمين عام حزب الله ملف استخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية كوعدٍ سيضمنه لحل الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أنه "علينا أن نخرج في 15 مايو ونمارس المقاومة السياسية للحفاظ على المقاومة العسكرية".
وأردف "هذه المقاومة هي مقاومة كل الشعب اللبناني، ولا يتخيل أحد أن يتخلى شعب المقاومة عنها، ومن يريد أن يحافظ ويدافع ويحمي لبنان فليصوت للمقاومة وحلفائها".
"المنافسة بالسياسية لا الحرب"
في المقابل، يعتبر المرشح عن دائرة الجنوب الثانية (صور الزهراني) ضمن لائحة "معاً للتغيير"، علي خليفة في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "كلام نصر الله استرجاع للخطاب القديم نفسه الذي يرتبط بتخويف الناس من أي خطر داهم عليهم، حتى ينسوا حقيقة الأزمة التي تتمثل بارتهان حزب الله وقراراته لإيران، ما أدى إلى عزل لبنان بدل أن يحميه، في وقت هو عاجز عن تقديم أي حلّ إزاء هذه القرارات الخاطئة، نتيجة ارتهانه ولجوئه المستمر إلى خطاب التهويل والترهيب، من دون أن يغوص في الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية".
كلام نصر الله استرجاع للخطاب القديم نفسه الذي يرتبط بتخويف الناس من أي خطر داهم عليهم حتى ينسوا حقيقة الأزمة التي تتمثل بارتهان حزب الله وقراراته لإيران
ويشير خليفة إلى أن "المنافسة تكون بالسياسة وليس الحرب، واستخدام لغة التجييش وخطاب الحرب للمواجهة يعود إلى أن لا مشروعية ثانية لديه، أو بديل غير أنه مرتهن بشكل تام لإيران وينفذ أجندتها في المنطقة ولو على حساب المصلحة الوطنية ومصلحة المجتمع اللبناني".
وتوقف خليفة عند "مصادرة نصر الله فكرة المقاومة وإصراره على أنه الناطق الوحيد باسمها، كما لو كانت صنفاً تجارياً أو لديه الوكالة الحصرية بالنطق باسمها، وضمّ كل المجموعات التي ساهمت في تحرير الأرض في الجنوب إلى عباءة حزب الله وإلحاقها بإيران، في اختزال فظيع لكل الحقبات والمراحل، علماً أن المقاومة يوم نشأت كانت لبنانية أو بمسمّاها وطنية، ولم تكن ملحقة بإيران أو محتكرة باسم أحد"، معتبراً أن هذه الأدبيات من ترهيب وتخويف وحرب مناورات دليل على أن ليس بيده ما يقدّمه أمام كل الفشل والأزمات المسؤول عنها.
واختار المجتمع المدني مواجهة حزب الله وحركة أمل في لائحة واحدةـ سواء بدائرة الجنوب الثانية، حيث يترشح رئيس البرلمان نبيه بري، أو الجنوب الثالثة، بعكس باقي الدوائر التي تشتت فيها المجموعات المدنية وخاطرت بحظوظ فوزها أو إحداثها أي خرق في لوائح السلطة، وقد تعرّض مرشحوها قبل فترة للاعتداء من قبل مناصري الثنائي لمنعهم من الوصول إلى مقر الحفل الذي كان مقرّراً لإعلان لائحتهم الانتخابية.
ويقول خليفة إن ما حصل في دوائر الجنوب "طبعاً أدى إلى حصول امتعاض كبير لدى الثنائي، خصوصاً في ظل وجود نفور عام على مستوى الناخبين، وتحسّس لضرورة قيام مشروع سياسي بديل بدأ بالتبلور، وإن احتاج إلى فترة للنضوج قد تتخطى موعد الاستحقاق النيابي لعام 2022".
واعتبر أن الحزب "استشعر أن هناك مشروعاً بديلاً وتبدّلاً في المزاج العام، ودعوته المحازبين والمناصرين إلى المشاركة في الاقتراع بكثافة ما هو إلا دليل على أنه لمس تدنياً في عدد المقترعين، فلجأ إلى هذا الأسلوب لدفعهم إلى التصويت".