هانس غروندبرغ .. رابع مبعوث أممي إلى اليمن يرث أزمة معقدة

06 اغسطس 2021
تعيين الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ مبعوثاً للأمم المتحدة في اليمن (تويتر)
+ الخط -

أصبح الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ رابع مبعوث للأمم المتحدة يرث الأزمة اليمنية المعقدة، بعد تعيينه رسمياً خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث، الذي انتهت ولايته أواخر الشهر الماضي، عقب 3 سنوات من جهود وساطة عقيمة لم يُكتب لها النجاح. 

ووصف بيان أممي المبعوث الجديد إلى اليمن بأنه "دبلوماسي محترف"، حيث عمل في بعثات سويدية وأخرى تابعة للاتحاد الأوروبي حول العالم، كما شغل مناصب في القاهرة والقدس وكذلك بروكسل، وترأس مجموعة العمل لشؤون الشرق الأوسط/ الخليج في المجلس الأوروبي أثناء الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي في العام 2009. 

وقال البيان أن غروندبرغ، الحاصل على ماجستير العلوم في إدارة الأعمال والاقتصاد من كلية استوكهولم للاقتصاد، يمتلك خبرة أكثر من 20 عاماً في الشؤون الدولية، بما فيها أكثر من 15 عاماً من العمل في مجال حلّ النزاعات والتفاوض والوساطة، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط.  

 وحسب مصدر أممي، تحدث لـ"العربي الجديد"، فمن المقرر أن يبدأ الدبلوماسي السويدي مهامه عقب جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي، منتصف أغسطس/ آب الجاري، والتي سينال فيها ثقة الدول الخمس الكبرى كمبعوث رابع في الملف اليمني الذي سبقه إليه المغربي جمال بن عمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والبريطاني مارتن غريفيث. 

وأشار المصدر إلى أن الإعلان الرسمي بتعيين غروندبرغ من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس جاء بعد الحصول على موافقة الصين، التي كانت قد تأخرت في منح الموافقة منذ منتصف يوليو/ تموز الماضي.  

وعلى الفور، قوبل قرار التعيين بترحيب من قبل وزارة الخارجية الأميركية، التي أعربت عن تطلعها للعمل معه من أجل إيجاد حل نهائي للصراع في اليمن، وفقاً لبيان صحافي، مساء الجمعة.  

ولن يكون غروندبرغ أمام أزمة مستجدة تستوجب منه فهم أبجديات تعقيداتها كما هو الحال لسابقيه، فالدبلوماسي السويدي القادم من منصب سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، كان أحد أبرز الوجوه الأوروبية التي حاولت مساندة الجهود الأممية للمبعوث السابق مارتن غريفيث، ونفذ عدة محاولات لتجسير الهوة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين. 

وحسب موقع بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، يمتلك غروندبرغ خبرة عمل طويلة في وزارة الخارجية السويدية وهيئة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كما تقلد عدة مناصب دبلوماسية في استوكهولم وبروكسل والشرق الأوسط، بما في ذلك بعثات الاتحاد الأوروبي في القاهرة والقدس. 

تاريخ مع الملف اليمني

وقبيل تعيينه سفيراً للاتحاد الأوروبي لدى اليمن، مطلع سبتمبر/ أيلول 2019، كان غروندبرغ يشغل منصب رئيس دائرة الخليج في وزارة الخارجية السويدية، حيث واكب عن قُرب مشاورات الأطراف اليمنية في السويد والتي انتهت بتوقيع اتفاق استوكهولم الهش، بشأن وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية، أواخر 2018. 

عند تقديمه أوراق اعتماده للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في 4 فبراير/ شباط 2020، أعلن غروندبرغ أنه سيواصل "تشجيع اليمنيين على التقارب وتقديم التنازلات لإيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة اليمنية، والعمل بشكل وثيق مع الشركاء والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن"، وبالفعل استهل مهامه بتنفيذ زيارات نادرة على رأس وفد أوروبي رفيع إلى العاصمة المؤقتة عدن للقاء الحكومة الشرعية، قبل أن ينتقل إلى صنعاء في أواخر يناير/ كانون الثاني 2020، للقاء القيادات السياسية لجماعة الحوثيين، رفقة سفيري فرنسا وهولندا. 

وإضافة للزخم الدولي والتقارب السعودي العُماني الذي قد ينعكس بشكل إيجابي على الأزمة اليمنية، يتسلح الدبلوماسي السويدي بدعم واسع من الولايات المتحدة، التي دفعت به إلى هذا الموقع على حساب دبلوماسي بريطاني خاض معه منافسة شديدة في مجلس الأمن الدولي، هو السير نيكولاس كيه. 

رغم كل هذه الملامح، إلا أن طريق السلام في اليمن لا يبدو مفروشاً بالورود أمام الدبلوماسي السويدي غروندبرغ، نظراً لضبابية الموقف الإيراني بدرجة رئيسية، حيث كشفت المحاولات العمانية التي جرت خلال الفترة الماضية، أن طهران هي الطرف الإقليمي المؤثر والوحيد على حلفائها الحوثيين، وأن إنهاء الأزمة اليمنية مرتبط بمفاوضات الملف النووي في فيينا. 

موقف
التحديثات الحية

بالنسبة لمواقف الأطراف الداخلية، نال غروندبرغ ثقة الحكومة اليمنية الشرعية، التي وافقت رسمياً على تعيينه، رغم الشكوك في توجهات عمله المستقبلية، وخصوصاً بعد تداول آراء سابقة للدبلوماسي السويدي أعلن فيها أنه سيعمل على طي صفحة القرار الأممي 2216، الذي يضمن الشرعية للرئيس عبدربه منصور هادي. 

تحفظات الحوثيين

في المقابل، ورغم عدم امتلاكها امتياز الرفض والقبول رسمياً، كما تحظى بذلك الحكومة الشرعية، إلا أن جماعة الحوثيين حاولت تنفيذ هجمات استباقية على المبعوث الجديد وذلك من خلال طرح تحفظات، دشنها المجلس السياسي في صنعاء، ثم القيادي البارز وعضو الوفد المفاوض عن حزب المؤتمر، جلال الرويشان. 

ليس من مصلحة جماعة الحوثيين أن تعلن رفضها لمبعوث سويدي سبق لها التعامل معه، لكن من الواضح أنها أرادت لفت الانتباه منذ البداية وإيصال رسائل تحفظيه تكشف فيها أنها ستراقب تحركاته والمسافة التي سيقف فيها بالنسبة لجميع الأطراف. 

قبيل الإعلان الرسمي للتعيين، شدد الحوثيون على ضرورة أن يتحلى المبعوث الجديد بالاستقلالية والصدق وعدم الانحياز لطرف التحالف والهيمنة الأميركية وألا يقتصر دوره على نقل رسائل فقط، لكن الجماعة قد تلجأ مستقبلاً لاستراتيجيتها المعروفة في رفض المبعوثين، وهي الامتناع عن اللقاء به لمدة زمنية طويلة كوسيلة ضغط مارستها بشكل كبير مع المبعوث السابق مارتن غريفيث. 

شرط نجاح غروندبرغ

وبعيداً عن المواقف المسبقة، يتوقف نجاح غروندبرغ بدرجة أساسية على قدرته على الوصول لجميع أطراف النزاع بعد تقلد مهامه بشكل مباشر، وساعتها قد ينجح في الحصول على تجاوب منهم للعمل في ملفات معينة، رغم التصلب الحوثي إزاء المبادرات المطروحة وتمسك الجماعة بفصل الملف الإنساني عن العسكري.

ولا تبدو ظروف تحقيق السلام مواتية في الوقت الراهن مع تزايد تعقيدات الأزمة، إلا أنه من المتوقع أن ينصب تركيز المبعوث الجديد على العملية السياسية المتعثرة، وخصوصاً بعد فشل المبعوث السابق غريفيث في لم شمل طرفي النزاع على طاولة واحدة، منذ مشاورات الكويت التي جرت خلال عهد المبعوث الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وخرجت إلى طريق مسدود رغم استمرارها لمدة 90 يوماً، منتصف 2016. 

وتدرك الأمم المتحدة أن مرور 5 سنوات على الأزمة اليمنية دون عملية سياسية أمر غير مقبول. وأقر مصدر مطلع على عملية جهود الوساطة الأممية، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن التفاوض غير المباشر، والاكتفاء بنقل الرسائل من طرف إلى آخر، استراتيجية فاشلة وتسببت بفشل مارتن غريفيث كوسيط، وتحرم المبعوثين من إظهار إمكانياتهم. 

وقال المصدر "لا بديل عن العملية السياسية (..) جمع الأطراف على طاولة مشاورات مباشرة، سيجعلهم حريصين على التجاوب مع ما يُطرح والظهور بمظهر المتعاون مع عملية السلام، حتى لا يتم تصنيفهم كمعرقلين". 

ويعيب مراقبون على أداء مبعوثي الأمم المتحدة السابقين انزلاقهم إلى سياسة المهادنة مع أطراف الصراع، وحسب خبراء، فمن الضروري أن يقوم المبعوث الجديد ببناء علاقات مرنة والمحافظة على دوره كوسيط مع جميع الأطراف، باعتبار أن الأمم المتحدة هي المسار الآمن للحل السلمي في مختلف الصراعات.