طلبت الحكومة الهايتية من الولايات المتحدة والأمم المتحدة إرسال قوات إلى هايتي للمساعدة في تأمين مواقع استراتيجية، خشية تعرضها للتخريب، في أعقاب اغتيال الرئيس جوفينيل مويس، على ما أعلن وزير في الحكومة الجمعة.
وقال الوزير المكلف الشؤون الانتخابية، ماتياس بيير: "بعد اغتيال الرئيس، اعتقدنا أن المرتزقة قد يدمرون بعض البنى التحتية لإثارة الفوضى في البلاد"، مضيفاً: "خلال محادثة مع وزير الخارجية الأميركي والأمم المتحدة، قدمنا طلب" إرسال قوات إلى هايتي.
واشنطن ترفض والأمم المتحدة تدرس الطلب
ومن جانبها، رفضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، طلب هايتي، رغم تعهدها بالمساعدة في التحقيق.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لـ"رويترز": "لا توجد خطط لتقديم مساعدة عسكرية أميركية في الوقت الحالي".
أما في ما يتعلق بإرسال قوات حفظ سلام أو شرطة تابعة للأمم المتحدة إلى هايتي، فلا بد أن يوافق مجلس الأمن الدولي أولاً. وقال خوسيه لويس دياز، المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة إن البعثة السياسية للأمم المتحدة في هايتي تلقت الطلب، ودراسته جارية، مضيفاً أن "إرسال قوات تحت أي ظرف من الظروف سيكون مسألة يقررها مجلس الأمن".
يأتي ذلك في وقت يتواصل فيه التحقيق في عاصمة هايتي بور أو برنس، الجمعة، في اغتيال الرئيس جوفينيل مويس، فيما لا يزال الغموض يلف هوية رعاة العملية التي نفذها 28 مسلحاً، هم 26 كولومبياً وأميركيان من أصل هايتي.
وقال قائد الشرطة الهايتية ليون شارل خلال مؤتمر صحافي: "اعتقلنا 15 كولومبياً وأميركيين اثنين من أصل هايتي"، موضحاً أن ثلاثة كولومبيين قتلوا، وأن ثمانية آخرين لا يزالون فارين، فيما كانت الشرطة قد أعلنت سابقاً أنها قتلت "أربعة مرتزقة".
وأضاف شارل أن "الأسلحة والمواد التي استخدمها المهاجمون قد ضبطت"، مؤكداً تصميمه على إيجاد الأشخاص الثمانية الفارين.
وخلال المؤتمر الصحافي، عُرض عدة مشتبه فيهم على وسائل الإعلام مع جوازات سفر كولومبية وأسلحة موضوعة على طاولة، بينما قال في وقت سابق: "لدينا المنفذون العمليون، ونبحث عن المدبرين".
وتحدث رئيس الوزراء المؤقت كلود جوزيف هاتفياً الجمعة مع الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، الذي وعد بـ"تعاون بلاده في تقدم التحقيق"، وفق بيان صادر عن مكتب جوزيف.
وأوضح وزير الدفاع الكولومبي دييغو مولانو، من بوغوتا، أن ستة على الأقل من المرتزقة الذين يشتبه في أنهم ضالعون في الاغتيال "قد يكونون عناصر سابقين في الجيش"، مؤكداً في شريط فيديو أُرسل إلى وسائل الإعلام أنّ "لدينا تعليمات للشرطة والجيش لكي تتعاون على الفور في تطوير هذا التحقيق لتوضيح الوقائع".
من جهتها، أعلنت تايبيه، الجمعة، أن 11 مشتبهاً فيهم أُوقفوا في حرم سفارة تايوان في بور أو برنس، وقالت السفارة التايوانيّة إنّ "الشرطة شنّت عملية تمكّنت خلالها من اعتقال 11 مشتبهاً فيهم"، موضحة أنّها وافقت "بلا تردّد" على طلب شرطة هايتي للدخول إلى مجمع السفارة.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الخميس أنها قبلت مساعدة الشرطة الهايتية في تحقيقها، لكن من دون تأكيد اعتقال رعايا أميركيين.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الجمعة: "سنرسل مسؤولين من مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي إلى بور أو برنس في أسرع وقت".
"يجب أن نعرف"
بعد شلل دام لأيام، استفاقت بور أو برنس وضواحيها الجمعة على هدوء حذر وهشّ، وعادت وسائل النقل العام والبنوك ومحطات الوقود والمحال والإدارات العامة إلى طبيعتها، حيث تزاحم الناس في المتاجر لشراء الضروريات وتخزينها.
وقالت مارجوري التي كانت برفقة زوجها في متجر بالعاصمة: "لا أعرف ما الذي سيحدث غداً أو بعد غد في البلاد، لذلك أستعد للأيام العجاف (..) أشتري أساساً كل شيء يمكن الاحتفاظ به لعدة أيام".
وقال أحد سكان العاصمة، إن "أجانب قدموا إلى البلاد لارتكاب هذه الجريمة (..) نحن الهايتيين مرعوبون"، مضيفاً: "يجب أن نعرف مَن وراء كل هذا، وأسماءهم وخلفيتهم حتى تأخذ العدالة مجراها".
وأعلن المدعي العام في بور أو برنس، الخميس، أن مسؤولين كبيرين من الشرطة مكلفين مباشرة أمن رئيس الدولة يجري التحقيق معهما، وقد استُدعيا للمثول أمام القضاء.
وقال مفوض الحكومة في العاصمة بيدفورد كلود، إن "المديرية المركزية للشرطة القضائية منحت تفويضاً للاستماع إلى جميع عناصر الأمن المقربين من الرئيس جوفينيل مويس".
وتساءل هذا المسؤول المكلف إطلاق الإجراءات القضائية باسم المجتمع الهايتي، عن غياب رد الفعل الواضح من قبل المسؤولين عن ضمان سلامة مويس الذي قتل بنحو 12 رصاصة خلال الليل في منزله.
وقال كلود: "أمضيت يوماً في منزل الرئيس (..) لم أرَ أي ضحية في صفوف الشرطة، ولم يُصَب سوى الرئيس وزوجته (..) إذا كنتم مسؤولين عن أمن الرئيس، فأين كنتم؟ ماذا فعلتم لتجنيب الرئيس هذا المصير؟".
وقال سفير هايتي لدى الولايات المتحدة، إن الكوماندوز كان مؤلفاً من قتلة "محترفين" قدموا أنفسهم على أنهم مسؤولون في الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات.
فراغ سياسي
ويزعزع هذا الهجوم بشكل إضافي استقرار هذا البلد، الأفقر في الأميركيتين، والذي يشهد انعدام أمن.
وتضاف إلى مسألة ملاحقة منفذي الهجوم، مسألة مستقبل البلاد، بدءاً بحكمها.
إحدى آخر المبادرات السياسية من جوفينيل مويس (53 عاماً) كانت الاثنين، مع تعيينه رئيس الوزراء أرييل هنري، الذي لم يكن قد تولى منصبه بعد، حين وقع الاغتيال.
بعد ساعات على المأساة، كان رئيس الوزراء الانتقالي كلود جوزيف من أعلن حالة الطوارئ لمدة 15 يوماً، ما يعطي سلطات موسعة للحكومة، فيما اتهمت المعارضة أيضاً كلود جوزف بالاستيلاء على السلطة.
واعتبرت هيلين لاليم، مبعوثة الأمم المتحدة إلى هايتي، الخميس، أن كلود جوزيف يمثل السلطة المسؤولة، لأن أرييل هنري لم يؤدِّ اليمين حتى لحظة اغتيال الرئيس.
والبلاد غارقة أساساً في أزمة مؤسساتية، حيث لم ينظم جوفينيل مويز انتخابات منذ وصوله إلى السلطة في مطلع 2017، عدا عن عدم وجود برلمان منذ كانون الثاني/ يناير 2020.
من جهة أخرى، استأنفت عصابات مسلحة الاشتباكات الجمعة، بعدما توقفت لأربع وعشرين ساعة، ما شلّ حركة المرور قرب بور أو برنس.
(فرانس برس، رويترز)