عاشت جبهات القتال اليمنية، يوم الأربعاء، حالة من الهدوء الحذر بعد ساعات من سريان الهدنة التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي بهدف إنجاح المشاورات اليمنية في الرياض، وبمناسبة حلول شهر رمضان.
وقالت مصادر عسكرية ومحلية في مدينة مأرب، لـ"العربي الجديد"، إن الهدوء خيم على كافة الجبهات النشطة جنوبي وغربي المحافظة النفطية، وتحديداً منذ دخول قرار التحالف حيز التنفيذ، الساعة الـ6 من صباح الأربعاء، بتوقيت مكة المكرمة.
وأشارت المصادر إلى أن الساعات التي سبقت سريان الهدنة شهدت هجوماً مكثفاً من الحوثيين على مواقع القوات الحكومية جنوبي مأرب، من أجل استعادة مواقع خسروها خلال الأيام الماضية.
وأعلن الجيش اليمني، في بيان صحافي، أن قواته "تصدّت لعملية هجومية شنّتها المليشيا الحوثية منذ الساعات الأولى لفجر اليوم الأربعاء"، جنوبي مأرب، وذلك بعد معارك استمرت عدة ساعات.
الجيش اليمني يعلن التصدّي لمحاولة هجومية شنتها المليشيات الحوثية في الأطراف الغربية لمحافظة حجة
ووفقاً للبيان، فقد تمكنت القوات الحكومية من إحباط الهجوم الحوثي وإجبار المليشيا على التراجع بعد تكبيدها قتلى وجرحى، فضلاً عن أسر عدد من العناصر الحوثية المهاجمة، دون الكشف عن رقم محدد.
وتخشى القوات الحكومية عودة الأعمال القتالية في ظل استمرار جماعة الحوثيين بالتحشيد على تخوم مأرب، ووفقاً للمصادر، فإن ساعات الليل ستكون المعيار الحقيقي لصمود الهدنة والتزام الحوثيين بها.
معارك في حجة
وفي وقت مبكر من فجر اليوم الخميس، أعلن الجيش اليمني، أن قواته تصدّت لمحاولة هجومية شنتها المليشيات الحوثية في الأطراف الغربية لمحافظة حجة، شمال غربي البلاد.
وذكر المركز الإعلامي للقوات المسلحة في تغريدة على "تويتر"، أن المعارك اندلعت في جبهة بني حسن، شمالي مديرية عبس، والتي كانت مسرحا لمعارك عنيفة طيلة الشهر الماضي.
#حجه
— المركز الإعلامي للقوات المسلحة #اليمن (@Yem_army_media) March 30, 2022
قوات الجيش تتصدى لمحاولة هجومية تشنها الميليشيات الحوثية الإيرانية في جبهة بني حسن شمالي مديرية عبس.
ولم يصدر أي تعليق من جانب الحوثيين حول أسباب الهجوم الذي يعد الخرق الأبرز لقرار وقف إطلاق النار.
وكانت جماعة الحوثيين، قد أعلنت مساء الأربعاء، إصابة 5 مدنيين، جراء قصف مدفعي وصاروخي للجيش السعودي على مديرية شدا الواقعة على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية، كما تحدثت عن 4 غارات لطيران تجسسي وخروقات بالأعيرة النارية في جبهات محافظة الحديدة خلال الـ24 ساعة الماضية.
ولم تكشف الجماعة، على وجه الدقة، عن توقيت الخروقات، وما إذا كانت في أعقاب سريان هدنة التحالف أم لا، كما أن وسائل الإعلام الحوثية لم ترصد، اليوم الأربعاء، أي غارات جوية لمقاتلات التحالف في كافة جبهات القتال اليمنية.
وطيلة الهدن الإنسانية السابقة، كانت جبهات القتال تشهد خروقات متقطعة بأسلحة خفيفة وكذلك تحليقاً للطيران الاستطلاعي من أجل مراقبة الأوضاع الميدانية، ووفقاً لخبراء، فإن ذلك يعود إلى عدم وجود خطوط تماس واضحة بين القوات الحكومية والحوثيين في جميع الجبهات.
ويعوّل المجتمع الدولي بشكل كبير على الهدنة التي تأتي كتتويج لمساع أممية مع أطراف النزاع لإبرام هدنة خلال شهر رمضان، تكون مقدمة لوقف طويل الأمد لإطلاق النار.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، كشف المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، أنه بحث مع الأطراف على مدار الشهرين الماضيين إمكانية التوصل إلى هدنة، وقال إنه "يحرز تقدماً في هذا الصدد".
وأضاف غروندبرغ، الذي كان يتحدث في افتتاح المشاورات اليمنية بالرياض، صباح الأربعاء: "يحتاج اليمن إلى هدنة، وإنني على تواصل مع الأطراف للوصول بشكل عاجل إلى هذه الهدنة مع بداية شهر رمضان".
وفيما ذكر أن مقترح الهدنة "يتضمن تخفيف حدّة أزمة الوقود وتيسير حرية الحركة والتنقل"، اعتبر غروندبرغ الإعلانات التي صدرت أخيراً عن الأطراف حول وقف مؤقت للعمليات العسكرية "خطوة في الاتجاه الصحيح".
وكان التحالف قد استجاب، في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، للدعوة التي أطلقها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وأعلن وقف العمليات العسكرية في الداخل اليمني اعتباراً من صباح اليوم الأربعاء.
وخلافاً للاستجابة الصريحة من التحالف، جاء ترحيب الحوثيين على لسان المكتب السياسي الأعلى، بطريقة ملتبسة، أثارت الكثير من علامات الاستفهام في الأوساط اليمنية حول الموقف الرسمي للجماعة.
وفيما أعرب عن أسفه الشديد لعدم الاستجابة الصريحة من التحالف للمبادرة التي طرحها القيادي، مهدي المشاط، السبت الماضي وتضمنت وقف الهجمات في العمق السعودي لمدة 3 أيام قابلة للتمديد، قال المجلس السياسي للحوثيين "إنه لا يمانع في ذات الوقت من أي استجابة إيجابية تحت أي عنوان ومن أي زاوية"، في إشارة إلى أن دعوة مجلس التعاون كانت من أجل إنجاح المشاورات التي رفضوا المشاركة فيها.
وتمسكت جماعة الحوثيين برفع الحصار كأساس لعملية السلام في اليمن، لكنها لم تشترط البدء به قبل أي خطوات لوقف إطلاق النار كما جرت العادة في البيانات السابقة، كما أن البيان أشار إلى أن مكتب المجلس السياسي "سيتخذ ما يراه مناسباً من الخطوات السياسية والعسكرية" في حال لم يتم رفع الحظر عن المنافذ، دون التلويح بتصعيد عسكري صريح.