كشفت مصادر عسكرية وأمنية من الكفرة، جنوب شرقي ليبيا، النقاب عن ارتفاع وتيرة الحركة في الصحراء الليبية الموصلة إلى الحدود السودانية لنقل دعم لوجستي إلى قوات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حميدتي، في وقت يتعرض فيه اللواء المتقاعد خليفة حفتر لضغوط خارجية لوقف دعمه وتدخله في الصراع القائم في السودان.
وتوافقت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، حول تزايد نشاط حركة برية واسعة تقوم بها مجموعات "فاغنر" الروسية لنقل دعم لوجستي، في شكل وقود وذخيرة، إلى قوات حميدتي انطلاقا من مناطق في الجنوب الليبي باتجاه الحدود مع السودان، عبر طريقين أساسيين.
الطريق الأول يبدأ من مركز الدعم الأساسي في الجفرة، وسط جنوب البلاد، وتحديدا من معسكرات منطقة سوكنة وهون، مرورا بعديد الواحات والقرى في الفضاء الصحراوي وصولا إلى منطقة المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان وتشاد، ويتم من خلاله نقل المعدات العسكرية الأساسية كالذخيرة.
والثاني ينطلق من الحقول النفطية في زلة، وسط جنوب البلاد، الغني بالنفط، باتجاه المثلث الحدودي مع السودان وتشاد، وينقل من خلاله كميات كبيرة من الوقود.
وقال أحد المصادر، وهو ضابط من الكفرة لـ"العربي الجديد"، إن "فاغنر" هم من يتولون عمليات نقل الدعم باستخدام شاحنات نقل متوسطة الحجم تضمن لهم سرعة الوصول والتحرك عبر المسارب الصحراوية الوعرة بين سلاسل الجبال، مشيرا إلى أن مليشيا "سبل السلام" التابعة لحفتر والمسيطرة على الكفرة، قللت من أعداد مسلحيها وحركة دورياتها في مناطق جنوب الكفرة، وقبلها قامت مليشيا 128، التي كانت تؤمن مطار الكفرة، بسحب أفرادها من المنطقة أيضا.
وبعد أن أعلن مسؤول النقاط الحدودية بمليشيا "سبل السلام" عبد الرحيم سلطان، عن قفل بوابة عين كازيط، في العشرين من إبريل/نيسان المنصرم، بسبب الأحداث في السودان، قالت وسائل إعلام ليبية إن "مكتب الجباية بكتيبة سبل السلام بالكفرة استأنف"، أمس الاثنين، "منح تصاريح العبور للمركبات والشاحنات المتجهة إلى السودان" عبر بوابة عين كازيط، وهو ما أكده ذات المصدر العسكري من الكفرة، موضحا أن بوابة عين كازيط تعد أهم المنافذ المنظمة لحركة التنقل في اتجاه الحدود بين ليبيا والسودان.
وإزاء ذلك، ووسط مخاوف وسخط شعبي في مدينة الكفرة، أكدها ذات المصدر العسكري، من موجات نزوح أعداد كبيرة من مناطق الصراع في السودان باتجاه المدينة، أعلنت بلدية الكفرة، أمس الاثنين، "تشكيل غرفة طوارئ" لمتابعة الأوضاع في السودان، موضحة أن مهام هذه الغرفة هي "وضع الاستراتيجيات لمواجهة الطوارئ ومتابعة حالات النزوح لتقديم المساعدات والخدمات"، دون أن تشير الى أي وظيفة عسكرية أو أمنية ضمن مهام الغرفة، أو إشراك مليشيات حفتر في أعمالها.
ويأتي تشكيل هذه الغرفة بعد ساعات من تصريحات صحافية أدلى بها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، رافع البرغثي، حذر فيها من مخاطر تضاعف عمليات النزوح من السودان باتجاه الحدود الليبية، على خلفية استمرار المواجهات المسلحة في السودان.
ويتوزع تمركز مليشيات حفتر في الجنوب على المناطق والمدن الأساسية، كالكفرة التي تسيطر عليها مليشيا "سبل السلام"، بينما تتمركز مليشيات: اللواء 128 والكتيبة 115 ولواء طارق بن زياد في معسكرات سبها والجفرة، وتتنقل دورياتها بين القرى والأرياف الأخرى في الجنوب التي يتواجد فيها أيضا مسلحون من مجموعات "فاغنر"، إضافة لمسلحي الجنجويد الموالين لحميدتي، والمعارضة التشادية.
ويكشف الحضور العسكري الضعيف لحفتر في الجنوب عدم قدرته على السيطرة الفعلية عليه، في وقت توغلت فيه مجموعات "فاغنر" وأصبح لها وجود قوي في المعسكرات والقواعد الكبرى، كقاعدة الجفرة وبراك الشاطئ.
وفي السياق تحدثت مصادر أمنية رفيعة المستوى على صلة بمعسكر حفتر لــ"العربي الجديد"، عن أن الأخير يعيش وسط ضغوط إقليمية ودولية كبيرة تتهمه بالتورط في دعم الصراع القائم في السودان، مشيرة إلى أن حفتر أبلغ مسؤولين غربيين عن عدم قدرة مليشياته على منع "فاغنر" من اتخاذ أراضي بلاده قواعد لنقل الدعم اللوجستي إلى السودان.
وفيما كشفت المصادر نفسها عن بدء المجموعة الروسية بإنشاء معسكرات جديدة لها، في مناطق السارة والسويدية والجوف، لتؤمن من خلالها مرور الدعم إلى قوات حميدتي، اعتبرت ذلك مؤشرا على أن المجموعة باتت لا تعول على تسهيلات حفتر للتنقل في الجنوب الليبي والوصول إلى أي منطقة فيه، فيما بدأت في التعامل مع مليشيات تهريب الوقود الليبية بشكل مباشر.
وسبق أن نفت قيادة حفتر تقديمها أي دعم لقوات الدعم السريع في السودان، على خلفية تداول وسائل إعلام دولية أنباء بشأن نقله عتادا ومعدات عسكرية جوا إلى المناطق القريبة من الحدود مع السودان لدعم قوات حميدتي، ومنها ما كشفت عنه مصادر ليبية لـ"العربي الجديد" في العشرين من إبريل/نيسان المنصرم، من أن حفتر سير رحلتين جويتين يومي 17 و18 إبريل/نيسان الجاري، محملتين بعتاد عسكري على متن طائرة من طراز ليوشن، من قاعدة الخروبة شرقي البلاد، إلى مطار قاعدة الكفرة، مرورا بقاعدة الجفرة.
كما نفت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، أمس الاثنين، نبأ نقل وقود من مصافي نفط ليبية بالجنوب الليبي إلى "أحد أطراف الصراع في السودان"، ونسبت الخبر إلى "أحد النشطاء الإعلاميين"، متجاهلة تقارير إعلامية نشرتها صحيفتا "ذا غارديان" و"واشنطن بوست" بشأن تلقي حميدتي شحنات كبيرة من الوقود الليبي.