هل يتجه تبون لإجراء انتخابات محلية ونيابية مبكرة؟

20 سبتمبر 2024
جلسة اختتام الدورة البرلمانية، يونيو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **توجهات الرئيس تبون نحو انتخابات مبكرة وتعديل القوانين**: الرئيس تبون يخطط لتنظيم انتخابات محلية ونيابية مبكرة بحلول 2025، مع تعديل شامل للقوانين الانتخابية وتقسيم إداري جديد.

- **مواقف الأحزاب السياسية ودعواتها للانتخابات المبكرة**: أحزاب مثل جبهة القوى الاشتراكية وحركة البناء الوطني تدعو لانتخابات مبكرة في 2025، مشددة على ضرورة مراجعة القوانين لضمان تمثيل ديمقراطي.

- **التحديات والمشاكل التي تواجه المجالس المحلية**: أكثر من ثلث المجالس المحلية تعاني من انسداد ومشاكل داخلية، مما دفع ثلاثة أحزاب كبرى لعقد اجتماعات تنسيقية لحل هذه الإشكالات ومراجعة التشريعات.

تلوح في الأفق السياسي الجزائري احتمالات بأن يتوجه الرئيس عبد المجيد تبون نحو تنظيم انتخابات محلية، تليها نيابية مبكرة بحلول عام 2025. ومع ذلك، فإن هذا التوجه لن يتم إلا بعد تعديل شامل لعدد من القوانين المرتبطة بالانتخابات، بالنشاط السياسي للأحزاب، إضافة إلى تقسيم إداري جديد يعيد تنظيم خريطة الولايات الجزائرية.

عدد من الأحزاب السياسية في الجزائر تبدي استعجالاً لإجراء الانتخابات النيابية والمحلية قبل موعدها المحدد في منتصف عام 2026. من أبرز هذه الأحزاب جبهة القوى الاشتراكية، حيث جدد السكرتير الأول للجبهة والمرشح الرئاسي السابق يوسف أوشيش، خلال مؤتمر صحافي عقد، أول أمس الأربعاء، دعوته إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في النصف الأول من عام 2025. وأكد أوشيش أنّ "الحزب بدأ فعلياً بالتحضير لهذه الانتخابات من الآن"، مشدداً على ضرورة "إجراء مراجعات عميقة لقوانين الأحزاب، البلديات، الولايات، والقانون الانتخابي لضمان تمثيل ديمقراطي حقيقي في البلاد".

تكتسب تصريحات أوشيش أهمية خاصة لأنها جاءت بعد يوم واحد من استقبال الرئيس تبون له وعبد العالي حساني، وهما مرشحان سابقان للانتخابات الرئاسية الأخيرة. هذه اللقاءات قد تشير إلى أن التصريحات قد تكون ناتجة عن انطباع أو رسالة تلقاها أوشيش وحساني من تبون، مما يعزز التكهنات بأن الانتخابات المبكرة قد تكون على جدول أعمال الرئيس، خاصة عندما يقول أوشيش ما يوحي بذلك "بالنسبة لحزبنا، التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية المبكرة، يبدأ من الآن".

قبل أن تبرز الدعوة من الحزب المعارض، كان رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، وهو جزء من الحزام الرئاسي والحكومي، قد دعا قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى إجراء انتخابات نيابية ومحلية مبكرة. وقد برر بن قرينة دعوته هذه بالحاجة الملحة التي يفرضها التقسيم الإداري الجديد، الذي سيحوّل بعض المقاطعات إلى ولايات كاملة، مما يستدعي وجود تمثيل برلماني لهذه المناطق.

ما يدعم هذا التوجه نحو انتخابات مبكرة عاملان سياسيان رئيسيان؛ الأول يتعلق بالانتخابات النيابية، حيث تبدو السلطة السياسية في الجزائر معنية بإشراك القوى السياسية المعارضة التي بقيت خارج البرلمان، مثل جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال، نتيجة مقاطعتهم للانتخابات النيابية التي جرت في منتصف عام 2021 بسبب تأثيرات الحراك الشعبي. وتأتي هذه الخطوة بهدف إعادة دمج هذه المعارضة في الإطار المؤسسي.

أما العامل الثاني فيرتبط بالانتخابات المحلية، إذ يعاني أكثر من ثلث المجالس المحلية من انسداد ومشاكل داخلية تعوق تنفيذ خطط التنمية المحلية. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى خطأ استراتيجي ارتكبته السلطة خلال انتخابات عام 2021، عندما شجعت الشباب والمستقلين الذين يفتقرون إلى الخبرة في تسيير الشؤون المحلية على الترشح.

في وقت سابق، عقدت ثلاثة أحزاب سياسية كبرى في الجزائر، وهي جبهة التحرير الوطني، وحركة البناء الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، سلسلة من الاجتماعات التنسيقية لحل الإشكالات التي تواجه المنتخبين المحليين في البلديات. ركزت هذه الاجتماعات على فك حالات الانسداد التي تعاني منها بعض المجالس البلدية، والعمل على تحقيق توافقات تخدم مصالح المواطنين وتساهم في تعزيز التنمية المحلية.

من جهته، يرى القيادي في حركة مجتمع السلم، عبد الرحمن سعيدي، أن مراجعة التشريعات قبل أي انتخابات مقبلة تمثل أولوية سياسية لا بد منها في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية. وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أشار سعيدي إلى أن "أولويات تبون لم تتضح بالقدر الكافي بعد، باستثناء الأولوية الاجتماعية نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة". ومع ذلك، يؤكد ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بما في ذلك التقسيم الإداري، وتسريع إصدار قوانين تنظم الأحزاب، الجمعيات، والمنظمات.

وأوضح سعيدي أنّ أي خطوة نحو انتخابات محلية أو نيابية مبكرة لن تتم قبل تعديل حزمة من القوانين المتعلقة بالعمل السياسي والانتخابات. ويتصدر قانون الأحزاب هذه القائمة، حيث سيُعاد تنظيم الساحة السياسية وتطهيرها من "أحزاب المحفظة" التي لا تملك وجوداً فعلياً. كما أن مراجعة قانون الانتخابات ستكون ضرورية لتعريف المترشحين وشروط الترشح للمجالس المحلية والبرلمان، وسد الثغرات التي شابت قانون 2021 الذي أُقر في ظروف استعجالية. إلى جانب ذلك، سيتم تعديل قوانين البلديات والولايات لتحديد صلاحيات المنتخبين وعلاقتهم بحكام الولايات، فضلاً عن تنفيذ التقسيم الإداري الجديد الذي سيرفع عدد الولايات إلى حوالي 100 ولاية، وفقًا لتعهدات الرئيس تبون.