أكدت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا عدم دستورية الإجراءات الأخيرة المتخذة من قبل مجلس النواب بشأن عزمه إجراء تعديلات على مشروع الدستور، معتبرة أن إجراءات النواب "أحادية الجانب"، كونها "صدرت دون التوافق مع الجسم التشريعي الآخر المختص وهو المجلس الأعلى للدولة".
وأصدرت الهيئة بياناً صباح اليوم الثلاثاء أشارت فيه إلى متابعتها الإجراءات الصادرة عن مجلس النواب والمتمثلة في مقترح التعديل على الإعلان الدستوري، وتشكيل لجنة تتولى تعديل بعض مواد مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية منذ عام 2017.
وأوضحت الهيئة أنّ إجراءات النواب "صدرت بالمخالفة للإعلان الدستوري المؤقت، الذي حدد ملامح المسار الدستوري، وأناط بالهيئة التأسيسية دون غيرها مهمة صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، وهو ما تم بتاريخ 29 يوليو/تموز 2017، وبأغلبية تتجاوز تلك المشترطة دستورياً".
ووفق الهيئة، فإنه "لا يجوز لمجلس النواب اتخاذ أي إجراءات تسري بأثر رجعي، من شأنها النيل من مراكز قانونية نشأت واستقرت في ظل التشريعات النافذة".
واعتبرت الهيئة أنّ "إجراءات النواب تخالف الاتفاق السياسي الليبي، الذي اشترط التوافق مع المجلس الأعلى للدولة عند إجراء أي تعديلات دستورية، وهو ما لم يتحقق، بعد رفض الأخير لمقترح التعديل على الإعلان الدستوري، فضلا عن مخالفة هذه الإجراءات لأحكام القضاء الليبي والمبادئ التي استقر عليها من عدم جواز التعقيب على أعمال الهيئة التأسيسية إلا من قبل الشعب عبر استفتاء عام".
وشددت الهيئة على أنه "لا يجوز لمجلس النواب أو غيره المساس بمشروع الدستور المنجز من قبلها، لأنه يشكل تعديا على أعمال سلطة تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة، لا تتبع لأي جهة، ولذلك أسبغ عليها المشرّع الدستوري حماية دستورية مستمرة إلى ما بعد إنجاز مشروع الدستور".
إجراءات النواب "أحادية الجانب"
واعتبرت الهيئة أنّ إجراءات النواب "أحادية الجانب"، كونها "صدرت دون التوافق مع الجسم التشريعي الآخر المختص وهو المجلس الأعلى للدولة"، مشددة على أنّ الإجراءات "لا تمثل إلا مجموعة من النواب فقط وتعارضه كتل برلمانية وأعضاء آخرون داخل المجلس".
ووصفت الهيئة ما قام به مجلس النواب بأنه "إجهاض للمسار الدستوري عبر إدخاله في دائرة المماحكة والتجاذب السياسي، ومحاولة سلب الشعب الليبي حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور"، لافتة إلى أنها أحالت مشروع الدستور إلى مجلس النواب منذ نحو 5 سنوات؛ منذ إقراره من الهيئة عام 2017، بالإضافة لإصدار مجلس النواب قانون استفتاء بشأنه، دون تفعيله.
ودعا البيان الجهات الوطنية المعنية بالعملية الدستورية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للدولة والمفوضية العليا للانتخابات، إلى "عدم التعاطي مع هذه الإجراءات، وذلك للمحافظة على المسار الدستوري من أي عبث قد يؤدي إلى نسف العملية الدستورية بكاملها، فضلا عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتمكين الشعب الليبي من إجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور".
وطالبت الهيئة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومستشارة الأمين العام، بالإيفاء بالالتزامات الدولية عبر دعم العملية الدستورية وفق مقررات مجلس الأمن ذات الصلة، واتخاذ موقف صريح وواضح من أية إجراءات تهدف إلى حرمان الشعب الليبي من حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من قبلها، محذرة من مغبة زيادة حالة الانقسام، وزعزعة الأمن والاستقرار.
وجددت الهيئة دعوتها الجمعية العمومية للمحكمة العليا إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات، لتفعيل عمل الدائرة الدستورية والنظر في كل الخروقات التي تمس المسار الدستوري بما يضمن صونه والمحافظة عليه.
والجمعة قبل الماضي، أصدر رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، قراراً باختيار 12 عضواً من المجلس، لعضوية لجنة تكلف بمراجعة المواد والنقاط محل الخلاف بمشروع الدستور، وإجراء التعديلات اللازمة عليها.