ويقول أحد وجهاء المنطقة عبد سرحان المجمعي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "هذه المناطق شهدت نزوحاً واسعاً للأهالي، بعد اجتياحها من داعش في يونيو/حزيران 2014". ويضيف أن "تحرير هذه القرى من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية ومليشيا الحشد الشعبي، أضاف أعباء جديدة على السكان المحليين، بعد منع أبناء عشائر المجّمع والقيسيين والرفيعات، من العودة إلى منازلهم بحجة تأييدهم للتنظيم".
ويُحذّر المجمعي من "حدوث تغيير ديمغرافي، في مناطق جنوبي صلاح الدين، بعد قيام السلطات المحلية بتمليك النازحين من مدينة تلعفر، لأراضٍ وعقارات في القرى المحررة من داعش، في مقابل مبالغ رمزية". ويؤكد أن "عدداً كبيراً من السكان الأصليين لتلك المناطق، اضطروا لبيع منازلهم وأراضيهم بأثمانٍ بخسة، بعد تعرّضهم للتهديد والابتزاز، على يد عناصر المليشيات، الذين انضم إليهم المئات من نازحي تلعفر".
وفي سياق متصل، يعتبر عضو "مجلس شيوخ وعشائر صلاح الدين"، سلام مطر القيسي، أن "انتزاع ملكية الأراضي والعقارات من سكان المناطق الأصليين، وتحويلها إلى نازحين من مناطق أخرى، أمر يحمل عواقب وخيمة، وقد يثير مشاكل عشائرية واقتتالاً كبيراً في المستقبل". ويلفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع المناطق المُحررة في المحافظة، لا تزال خالية من سكانها، بحجة تأمينها وتنظيفها من العبوات الناسفة والمتفجرات". ويضيف أن "الشكاوى التي تلقيناها خلال الأسابيع الماضية، حول الضغط على سكان بعض المناطق، لبيع ممتلكاتهم أو تركها للغرباء كثيرة".
اقرأ أيضاً: نحو ألفي عراقي سقطوا بين قتيل وجريح الشهر الماضي
ويشير إلى أن "حالة استبدال السكان، جنوبي صلاح الدين، تفاقمت بشكل سريع"، داعياً رئيس الوزراء حيدر العبادي، ومحافظ صلاح الدين رائد الجبوري، وممثلي المحافظة في الحكومة والبرلمان، إلى "التدخّل العاجل لوقف الاستيطان الجديد".
من جهته، يوضح جمعة الحاشوش، أحد السكان المحليين في منطقة عزيز بلد، أن "الأيام السابقة لعيد الأضحى، شهدت وصول عدد كبير من الحافلات المحملة بنازحي تلعفر، الذين انتشروا في عدد من القرى". ويؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "النازحين أتوا من المحافظات الجنوبية، بعد تعرضهم لمضايقات، يبدو أنها مصطنعة، لإيجاد مبرر لتوطينهم في صلاح الدين".
وفي سياق متصل، ذكر مقرر البرلمان العراقي نيازي معمار أوغلو في وقت سابق، أن "وزير الإعمار والإسكان طارق الخيكاني، أصدر قراراً بإخلاء مجمع سكني في محافظة بابل، يسكنه النازحون من تلعفر. وقد أدى القرار إلى إخراج أكثر من 500 عائلة من المجمع".
كما كشف مصدر أمني بمحافظة ديالى، شرقي العراق، عن قيام مليشيا "الحشد الشعبي" بعمليات تغيير سكاني واسعة في قرية المخيسة، التابعة لمدينة المقدادية شمالي المحافظة. ويلفت المصدر لـ"العربي الجديد"، إلى أن "السلطات المحلية أصدرت سندات تمليك لعشرات النازحين القادمين من تلعفر في الأراضي الزراعية التابعة للقرية".
ويشير المصدر إلى أن "المخيسة تتعرّض لقصف يومي ممنهج بالصواريخ وقذائف الهاون، لإجبار سكانها الأصليين على المغادرة، فضلاً عن عمليات الخطف والتهديد المباشر. كما أحرقت مليشيا الحشد البساتين والمحاصيل الزراعية".
ويقول أحد شيوخ المنطقة فالح العزاوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "القصف العشوائي وعمليات الخطف التي تنفذها المليشيات، انطلاقاً من قرية أبي صيدا المجاورة، أجبرت عشرات العائلات على المغادرة باتجاه مناطق أكثر أمناً". ويذكر أن "عدداً من الأسر اضطر لبيع المنازل والعقارات لعناصر مقربة من المليشيات، مقابل مبالغ مالية بسيطة تكفيهم للانتقال إلى محافظات إقليم كردستان".
ويرى المحلل عماد العنبر، أن "المباشرة بتنفيذ مشروع التغيير الديمغرافي في العراق، تنذر بحدوث أزمة إنسانية كبيرة في المناطق المحررة من داعش". وينبّه خلال حديثٍ لـ"العربي الجديد"، من "استمرار هذا النهج ليشمل مناطق أخرى في البلاد". ويلفت العنبر إلى "وجود مؤامرة تديرها أطراف خارجية، متمثلة بإيران، وداخلية تقدم الدعم السياسي والقانوني للمليشيات في ادارة مشروع التغيير الديمغرافي"، مستغرباً "صمت الحكومة الاتحادية وممثلي المناطق التي تتعرض للتغيير في البرلمان".
اقرأ أيضاً: التحالف الرباعي الدولي يعمّق الخلاف السياسي في العراق