وبينما تجاوز حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) الدعوات التي تقدّم بها بعض قادته لعقد مؤتمر استثنائي للحزب، بدا زعيم حزب "الحركة القومية" (يميني متطرف) دولت بهجلي، صامداً في وجه الانتقادات الضخمة التي تعرّض لها بما فيها الدعوات التي طالبت باستقالته، وذلك بسبب سياساته التي يحمّلها الكثيرون مسؤولية الخسارة الكبيرة التي تعرّض لها الحزب في الانتخابات الأخيرة.
وأكد نائب رئيس "الشعب الجمهوري" محمد بكير أوغلو، بعد اجتماع اللجنة المركزية للحزب، بقيادة زعيمه كمال كلجدار أوغلو، أن الأخيرة قررت عقد مؤتمر الحزب في موعده، قائلاً "إن الدعوات إلى مؤتمر استثنائي هي دعوات غير واقعية، والمؤتمر العام للحزب سيُعقد بعد شهرين"، بين نهاية يناير/كانون الثاني المقبل أو بداية فبراير/شباط.
يأتي ذلك بعد أن حمّل النائب السابق عن "الشعب الجمهوري" أومود أوران، مسؤولية الاخفاق في الانتخابات إلى فشل قيادات الحزب، داعياً في بيان إلى مؤتمر استثنائي يناقش استمرار كلجدار أوغلو في قيادة الحزب.
في غضون ذلك، شنّ دولت بهجلي هجوماً حاداً على الانتقادات التي وُجّهت له ولقيادة الحزب بعد الهزيمة الكبيرة التي تعرّض لها الحزب في الانتخابات الماضية، قائلاً: "قام الجميع بوضع نتائج الانتخابات على الطاولة موجهاً انتقاداته بما يتناسب مع رأيه وايديولوجيته وطبيعة عقليته، ولكن لم يلاحظ أحدٌ أن تركيا لم تكن على الطاولة". وتابع بهجلي في رسالة وجّهها عبر تغريدات من خلال موقع "تويتر"، قائلاً: "كلهم متشابهون، لقد تابعت ما كُتب وما قيل بحيرة وسخرية، بما في ذلك التقييم الهجومي ضدي وضد الحركة القومية"، رافضاً الانتقادات الموجهة إليه، مضيفاً: "ليس مهماً ما يُثار، أنا سأبقى وفياً لمبادئي حتى النهاية، ولو حصلت اليوم مجدداً لقلت أيضاً لا لمؤامرات أولئك الذين قالوا نعم لذلك البيان المكوّن من عشر نقاط التابع للعمال الكردستاني، وسأستمر في ذلك". وذلك في إشارة إلى رفض بهجلي المتكرر لكل العروض التي طُرحت على حزبه أثناء محاولات تشكيل الائتلاف الحكومي، بعد انتخابات يونيو/حزيران الماضية، من قِبل "العدالة والتنمية" الذي وافق أثناء المؤتمر التاريخي في مكتب رئاسة الوزراء على إلقاء كلمة لزعيم "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان من قِبل وفد حزب "الشعوب الديمقراطي"، يعلن فيها عشر نقاط للتفاوض بين أنقرة و"الكردستاني"، بما يشبه خارطة طريق لحل القضية الكردية في البلاد.
اقرأ أيضاً تركيا ما بعد الانتخابات: إحياء تغيير الدستور... والسلام الكردي
يأتي هذا في الوقت الذي لا زال فيه النقاش مستمراً داخل حزب "الشعوب الديمقراطي" (ذو الغالبية الكردية)، حيث أكدت الرئيسة المشاركة للحزب فيغان يوكسكداغ بأن الحزب سيعقد مؤتمره الذي تم تأجيله بسبب الانتخابات، بين نهاية يناير/كانون الثاني وبداية فبراير/شباط، حيث يعتبر مصير ترؤس صلاح الدين دميرتاش للحزب على رأس الأجندة، خصوصاً أن النظام الداخلي للحزب يمنع أي شخص من تسلم رئاسته لأكثر من دورتين متتاليتين، بينما علت بعض الأصوات مطالبة بتجاوز هذه القاعدة للسماح باستمرار دميرتاش في قيادة الحزب. يأتي ذلك في الوقت الذي أعاد فيه حزب "العمال الكردستاني" الإعلان عن انتهاء وقف إطلاق النار الذي أعلنه منذ العاشر من الشهر الماضي، بعد تسارع وتيرة هجمات قوات الأمن التركية على الأخير.
وبعد أن سببت تصريحات المتحدّث باسم "الشعوب الديمقراطي"، أيهان بيلغن، حول أنّ الحزب منفتح تماماً لمناقشة كل الخيارات في ما يخصّ الدستور الجديد، بما في ذلك التحوّل إلى النظام الرئاسي، لغطاً كبيراً في صفوف المعارضة والحزب، تراجع الحزب عن هذه التصريحات، إذ أكد دميرتاش بأن رؤية الحزب لم تتغير في هذا الشأن، مشيراً إلى أنه لا يرى "أي شيء تغير في موقفنا، تركيا بحاجة إلى كتابة دستور جديد، والنقاش حول التحوّل إلى النظام الرئاسي يعتبر أمراً خاطئاً، نريد قيادة بنظام برلماني ديمقراطي يتم تعزيز صلاحياته وقوته".
يُذكر بأن "العدالة والتنمية" كان قد حقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات الأخيرة، وذلك على عكس التوقعات، إذ حصل على ما يقارب الـ50 في المائة من الأصوات، واستعاد التفرد بالحكم.
اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" التركي وخيارات ما بعد النصر