وفي هذا الإطار، اعتبر وزير الحرب، موشيه يعالون، أنّ المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة باتت ترى إيران جزءاً من الحل للتحديات التي تواجه استقرار المنطقة، في حين أن إسرائيل تراها المشكلة عينها. ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، الجمعة الماضي، عن يعالون: "إن هناك ما يدلل على وجود رهان أميركي على دور إيران في إدارة شؤون المنطقة بعد التوقيع على الاتفاق النهائي".
اقرأ أيضاً: نتنياهو متفائل بإجهاض الاتفاق مع إيران عبر الكونغرس
من جهته، حذّر مدير عام وزارة الاستخبارات، رام بن براك، من أن الإقرار بمكانة إيران كقوة إقليمية تدمج في إدارة شؤون المنطقة ينطوي على مخاطر وجودية لإسرائيل، على اعتبار أن هذا التحول يدفع أطرافاً أخرى في المنطقة لأن تسلك المسار نفسه، الذي سلكته إيران من أجل الحفاظ على مصالحها. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر في الثالث من الشهر الجاري، حذر بن براك، أحد المرشحين لخلافة رئيس "الموساد" الحالي، تامير باردو، من أن الدول الخليجية يمكن أن تتجه إلى شراء أسلحة نووية لضمان عدم المس بمصالحها، وهذا ما يخلق سباقاً نووياً يكون من الصعب على إسرائيل مواجهته والتصدي له.
كما توقع القائد الأسبق للواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، الجنرال عاموس جلبوع، أن تشهد البيئة الإقليمية لإسرائيل تحولاً جذرياً عقب الاتفاق، لأن الولايات المتحدة ستتجه إلى احتضان إيران من أجل مساعدتها في مواجهة اضطرابات المنطقة. وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، يوم الاثنين الماضي، رأى جلبوع أن الإدارة الأميركية ترى إيران مركباً رئيسياً في الحملة على القوى الإسلامية السنية المتطرفة التي تمس استقرار المنطقة، منوهاً إلى أن الأميركيين يراهنون على دور مركزي لطهران في "تصفية" خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وبحسب جلبوع، فإن أوباما يعتقد أن الإيرانيين يمنحونه "صورة النصر" على تنظيم "داعش" الذي أعلن عنه العدو رقم واحد للولايات المتحدة. مشيراً إلى أن أوباما يعتقد أن الإيرانيين سيسهمون في "تخليد تراثه" من خلال مساعدته على حسم المواجهة مع "داعش". ومما يدعم المزاعم الإسرائيلية ما جاء في كلمة المسؤولة الكبيرة السابقة في وكالة الأمن القومي "NSA"، ريا سيريس، أمام مؤتمر "الاستخبارات الدولي"، الذي انتهت أعماله في تل أبيب، نهاية الأسبوع الماضي. فقد كشفت سيريس النقاب عن أن الولايات المتحدة تعتمد في حربها على تنظيم "الدولة" في العراق على معلومات استخبارية تقدمها إيران. وعزت سيريس الخطوة الأميركية إلى عجز الأجهزة الاستخبارية للولايات المتحدة عن توفير معلومات تسهم في جعل الحرب ضد "الدولة" أكثر فاعلية.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تبتز الولايات المتحدة عسكرياً
وفي السياق ذاته، وظفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية نتائج الدراسة التي نشرها، أخيراً، مايكل دوران، الذي كان موظفاً بارزاً في إدارة الرئيس، جورج بوش الابن، ويعمل حالياً باحثاً في مركز "هادسون"، للتدليل على أن أوباما يقود واشنطن إلى التحالف مع طهران. فقد زعم دوران أن أوباما يتبع منذ عام 2009 سياسة هدفها تحقيق المصالحة مع إيران وتطبيع العلاقات معها. ونقل موقع "وللا" الإسرائيلي عن دوران "إن أوباما يسعى في النهاية لشرعنة الشراكة مع طهران في إدارة شؤون المنطقة".
لكن بغض النظر عن تداعيات الاتفاق على إسرائيل، فإن هناك قوى سياسية إسرائيلية معارضة ترى في التوقيع على اتفاق نهائي بين إيران والقوى العظمى دليلاً على فشل الاستراتيجية التي عكف عليها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مما يستدعيه تقديم استقالته. فقد دعا وزير المالية السابق ورئيس حزب "ييش عتيد"، يئير لبيد، نتنياهو الى الاستقالة في حال تم التوقيع على الاتفاق بين إيران والقوى العظمى، على اعتبار أنه وظف موارد اقتصادية وعسكرية هائلة من أجل إحباط هذا الاتفاق.
غير أن المقربين من نتنياهو ردّوا على هذه الدعوات بالقول، إنه في حال توقيع الاتفاق، فإن إسرائيل لا ترى نفسها ملزمة به. وفي رسالة تهديد تشي باستعداد إسرائيل للقيام بعمل عسكري ضد إيران بعد التوقيع على الاتفاق، قال رئيس كتلة الائتلاف الحاكم في الكنيست، تساحي هنغبي، إن الاتفاق لن يلغي حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. قد أرسل نتنياهو تهديدات مماثلة باللجوء إلى العمل العسكري ضد إيران. لكن ما يفترض أن يسبب إحراجاً لكل من نتنياهو وهنغبي هو ما جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الدائر السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، الجنرال عاموس جلعاد، أمام مؤتمر "الاستخبارات الدولي"، والتي جاء فيها، إن الاتفاق النهائي مع إيران يعني عملياً إسدال الستار على خيار عسكري ويصفي أية إمكانية للتلويح بالعقوبات ضدّ طهران.