الرئيس الجديد للإقليم صحافي سابق، يبلغ 53 عاماً، تولى، منذ العام الماضي، منصب رئيس جمعية رؤساء البلديات المستقلة في إقليم كتالونيا. وفاز بأصوات 70 نائباً، بينما صوت ضده 63 نائباً وامتنع اثنان عن المشاركة في الاقتراع، وذلك من أصل 135 نائباً يتألف منهم البرلمان الكتالوني.
اقرأ أيضاً: إسبانيا المتأرجحة بين الملكية والجمهورية
ويأتي انتخاب بوتشدمون بعد التوصل إلى اتفاق، الأحد الماضي، بين حزب "الترشيح من أجل الوحدة الشعبية" وبين "جميعاً من أجل نعم" وهي جبهة استقلالية مكونة من تحالف بين القوميين اليمينيين والاستقلاليين اليساريين فازت بالأغلبية المطلقة بنسبة 72 مقعداً من أصل 135 في البرلمان الإقليمي، عقب انتخابات 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
وتمكنت الجبهة، التي تُجهر بالعداء الشديد للرأسمالية وللاتحاد الأوروبي وتتمتع بدعم جمعيات المجتمع المدني الكتالوني، من الإطاحة بالرئيس آرثور ماس، الذي كانت تنتقده بسبب سياسته التقشفية التي دامت أربع سنوات خلال الأزمة الاقتصادية وأيضاً بسبب فضائح رشوة وفساد تورطت فيها شخصيات عدة من حزبه.
وفور انتخابه، وعد بوتشدمون، في خطاب أمام البرلمان الكتالوني بدأه بصيحة "تحيا كتالونيا الحرة"، بتطبيق خطة الطريق الاستقلالية التي رسمها خلفه آرثور ماس، خلال مهلة أقصاها 18 شهرا، وعرّف بنفسه كـ"رئيس لمرحلة ما بعد الحكم الذاتي وما قبل الاستقلال النهائي لإقليم كتالونيا".
كما وعد الرئيس الجديد بإطلاق خطة سياسية تقود إلى إعلان استقلال إقليم كتالونيا عن الدولة الإسبانية. وأشار إلى أنه خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري يتجه إلى الإعلان عن مجموعة من القرارات تمهّد لإنشاء بنى الدولة الكتالونية الجديدة مثل صندوق الضمان الاجتماعي والبنك المركزي وإنشاء خزينة عامة مكلفة بجمع الضرائب.
وتنذر الشهور المقبلة بتصعيد التوتر بين إقليم كتالونيا والحكومة المركزية في مدريد التي تعارض بشدة النهج الانفصالي. فقبل دقائق قليلة من الإعلان عن تنصيب بوتشدمون، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، في خطاب شديد اللهجة أطلقه من مدريد بأنه "لن يتسامح مع أي عمل يهدد وحدة إسبانيا ويمسّ بسيادتها".
ويشكل تنصيب الرئيس الانفصالي الجديد ضربة إضافية لرئيس الحكومة الإسبانية المحافظ المنتهية ولايته في الوقت الذي يمكن أن يضعف فيه رأس السلطة الاتحادية بسبب الوضع السياسي الهشّ والمضطرب الناجم عن الانتخابات التشريعية التي عُقدت في 20 ديمسبر/كانون الأول 2015، إذ إن الحزب الشعبي اليميني بزعامة، ماريانو راخوي، فاز فقط بنسبة 28 في المائة من الأصوات. وهو ما جعل من الصعب جداً تشكيل حكومة دون دعم أحزاب أخرى، لكن هذه الأحزاب ترفض تقديم هذا الدعم حالياً.
ويجري راخوي حالياً اتصالات مكثفة مع كل من الحزب الاشتراكي بزعامة، بيدرو سانشيز، وزعيم حزب "كيودادانوس" الوسطي الليبرالي، ألبير ريفيرا، بعد توصل دعاة الاستقلال في كتالونيا إلى اتفاق تنصيب الرئيس الجديد. ويأمل راخوي أن يمنح هذا المعطى الجديد زخماً جديداً لمحاولاته تشكيل حكومة جديدة تركز على الدفاع عن وحدة إسبانيا وإفشال المساعي الانفصالية لإقليم كتالونيا الذي يعد أغنى إقليم في إسبانيا.
في المقابل، يحاول الحزب الاشتراكي تشكيل ائتلاف مع حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي والأحزاب القومية في كتالونيا وبلاد الباسك. لكن لا يزال المطالبون بالاستقلال يعرقلون مهمته، وهو لا يريد أن يتحالف مع دعاة الاستقلال عن الدولة المركزية.
من جهته يرفض زعيم حزب "بوديموس"، الذي صار القوة السياسية الثالثة في إسبانيا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، التحالف مع أي من الأحزاب السياسية الإسبانية الأخرى، معطلاً بذلك كل محاولة لتشكيل حكومة جديدة. ويصرّ زعيم "بوديموس" على أن البرلمان المقبل، الذي سيتولى مهامه، غداً الأربعاء، في 13 كانون الثاني/يناير، وعلى الرغم الشتات الذي يميزه، عليه أن يهتم بتحسين أوضاع الشرائح الاجتماعية الفقيرة. وأعلن ريفيرا، قبل أسبوعين، أنه عرض على مختلف الأحزاب اقتراح قانون "طوارئ اجتماعي" سيقدمه
الحزب في بداية الدورة البرلمانية ويهدف إلى تجنب أن يصبح مواطنون بلا تدفئة أو كهرباء أو أن تطرد عائلات من منازلها من دون سكن بديل أو أن يكون متقاعدون عاجزين عن دفع ثمن أدويتهم.
اقرأ أيضاً: انتخابات إسبانيا بثلاثة رؤوس... و"بوديموس" يكسر الخارطة التقليدية