تكشف مصادر رسمية مصرية لـ"العربي الجديد"، عن تحركات تقوم بها وزارة المالية في إطار الحملة الممنهجة على رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، قائلة، إنّ "وزير المالية هاني دميان أرسل خطابات رسمية لكافة الوزارات يطالبها بضرورة تسوية كافة المخالفات التي ذكرها تقرير صادر عن الجهاز بشأن الجهات التي قام بالرقابة عليها". وتلفت هذه المصادر، إلى أنّ "ثلاثة خطابات وصلت إلى مكتب كل من وزير الزراعة عصام فايد، ووزير التموين خالد حنفي، ووزير الإسكان مصطفى مدبولي، شدّد عليهم بضرورة تسوية مخالفات تجاوزت قيمتها عشرات المليارات".
وتؤكد المصادر الرسمية ذاتها، أنّ "الهدف من تلك الخطوة، هو إحراج جنينة وإظهاره في صورة المُدان، حتى تبدو التقارير التي أعدّها عن الفساد مخالِفة للواقع بعد تسويات المخالفات بشكل ودّي وغير معلن إلى حين التخلص منه"، بحسب المصادر.
وقال جنينة في تصريحات إعلامية سابقة، إنّ حجم الفساد في الجهاز التنفيذي والإداري بالدولة تجاوز الـ600 مليار جنيه خلال الأعوام الأربعة الماضية. وهو ما أثار عاصفة من الجدل، دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتدخل، مُصدراً قراراً بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بما ذكره جنينة. ووصف مراقبون هذه الخطوة، أنها "تأتي للإطاحة برئيس الجهاز الذي باتت تقاريره عن الفساد صداعاً يهدّد كافة أجهزة الدولة السيادية".
وبعد أيام قليلة من تشكيل اللجنة، أصدرت الأخيرة بياناً إعلامياً أذاعه التلفزيون الرسمي للدولة، والذي اتهم جنينة بذكر بيانات مغلوطة تزعزع استقرار الدولة، من دون أن يذكر التقرير من قريب أو بعيد الرقم الحقيقي للفساد في الجهاز الإداري للدولة. وتلا ذلك، حملة إعلامية ضارية ضد جنينة قادها إعلاميون محسوبون على النظام من دون أن يتم السماح له بالرد.
اقرأ أيضاً: برلمان مصر يُصرعلى تشكيل لجنة تقصي حقائق لمحاسبة جنينة
في هذا السياق، يقول محامي جنينة، طه علي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدراسة التي قدّمها الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن حجم الفساد في أجهزة الدولة عمل عليها فريق بحثي متكامل لأشهر عدة، في حين أن البيان الذي أصدرته لجنة تقصّي الحقائق المشكّلة من قبل السيسي يعدّ بياناً سياسياً لاستكمال المخطط الذي يهدف إلى إبعاد جنينة عن الوصول بهذه التقارير إلى البرلمان". ويشرح علي كلامه قائلاً، إنّ "المادة 217 من الدستور تُلزم أعضاء البرلمان اتخاذ قرار في ملفات الفساد التي تعرض عليهم في مدة أقصاها 4 أشهر فقط، ما سيشكّل ضغطاً ثقيلاً، لا يمكن للبرلمان تحمّله".
ويوضح محامي جنينة، أنّ "لجنة تقصي الحقائق مؤلفة من جهات يراقبها المستشار جنينة والجهاز المركزي للمحاسبات، وفيها مخالفات مالية وإدارية. كما أنّ دراسة الجهاز مقدّمة عن الفساد الإداري الذي يجمع الهيئات والوزارات في الدولة. والتقرير يشمل كل الوزارات والهيئات المشكلة منها اللجنة، وليس فساد رجال الأعمال الذين نهبوا ثروات البلاد، وهذا النوع من الفساد تعدّى تريليون جنيه"، على حدّ تعبيره.
وأعلن مجلس النواب، الأحد الماضي، تشكيل لجنة خاصة لمناقشة ودراسة تقرير لجنة تقصّي الحقائق بشأن بلوغ معدل الفساد في مصر 600 مليار جنيه. في حين أصدر النائب العام المصري، نبيل صادق قراراً بحظر النشر في قضية التقرير بعد كشفت وسائل الإعلام عن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي بعث به لرئاسة الجمهورية للرد على تقرير لجنة تقصي الحقائق، والذي فنّد خلاله كافة ما جاء بتقرير تقصّي الحقائق، وأوضح خطأه بالكامل.
وكان السيسي قد أصدر قراراً بقانون في التاسع من يوليو/تموز 2015، يجيز له إقالة وإعفاء رؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية، ومن بينهم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.
على صعيد متصل، يطالب وزير العدل الأسبق أحمد سليمان، رئيس الجهاز، المستشار هشام جنينة بعدم التقدم باستقالته من منصبه حتى لو كلّفه الأمر حياته، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّ "عليه الاستمرار حتى لو كلّفه ذلك حياته، لأنّ جنينة صمّام أمان البسطاء من الفساد المستشري في أروقة الدولة".
وترفض أجهزة وجهات سيادية مصرية عدّة، مثل وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني، والمخابرات، ووزارة الدفاع مراقبة الجهاز عليهم. كما أنّ وزير العدل أحمد الزند يخوض معركة ضد جنينة بعد كشفه استيلاء الوزير على أراضٍ مملوكة للدولة يقدّر ثمنها بمئات الملايين من دون وجه حق.
اقرأ أيضاً: اقرأ استياء في مصر من حظر نشر "تقرير الفساد"