كشفت الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية في اليمين والوسط الفرنسي، والتي ظهرت نتائجها الأولية ليل الأحد الإثنين، عن مفاجأة مدوية، تمثلت في الإقصاء المبكر للرئيس السابق زعيم المعارضة اليمينية، نيكولا ساركوزي، والذي حل ثالثا خلف رئيس وزرائه السابق، فرانسوا فيون الذي خالف كل التوقعات واستطلاعات الرأي وحلّ أولاً بنسبة تجاوزت 44 في المائة.
وخلف فيون، حلّ رئيس الوزراء الأسبق، رئيس بلدية بوردو، ألان جوبيه، في المرتبة الثانية بنسبة 28 في المائة، وتأهل بدوره للدورة الثانية من هذه الانتخابات التي ستنظم الأحد المقبل.
وفور ظهور النتائج الأولية، ألقى ساركوزي خطابا اعترف فيه بهزيمته، ودعا للتصويت لصالح غريمه فيون في الدور الثاني، معلنا مساندته الشخصية للمرشح الذي سيتم اختياره الأحد المقبل، كما لمّح إلى نيته اعتزال العمل السياسي والتفرغ لحياته العائلية.
إلى ذلك، اعتبر مراقبون تلميح رئيس الجمهورية السابق بـ"الاعتزال" بمثابة "زلزال سياسي في صفوف اليمين، وعموم المشهد السياسي الفرنسي، والذي كان ساركوزي حتى اليوم واحدا من صناعه الأساسيين لمدة عقدين من الزمن، في الرئاسة كما في المعارضة".
وألقى الفائز فيون خطابا مقتضبا، شكر فيه الناخبين على اختياره مرشحا أول لتمثيل اليمين والوسط في الرئاسيات المقبلة، واعتبر أن نجاحه "دليل على أن الفرنسيين يتوقون للتغيير، ويعكس أملا جديدا في صف اليمين لطي صفحة الحكم الاشتراكي"، كما لم يفته شكر منافسه ساركوزي على دعمه له في الدورة الثانية الأسبوع المقبل.
وألقى جوبيه، بدوره، خطابا أكد فيه أنه سيخوض معركة الدور الثاني، ودعا مناصريه إلى المزيد من الاستنفار تحضيرا لاقتراع الأحد المقبل من أجل مواجهة اليمين المتطرف في الرئاسيات المقبلة.
وفنّد هذا القرار شائعات راجت بقوة بعد الإعلان عن النتائج، مفادها أن جوبيه قد ينسحب من السباق ويعلن دعمه لفيون من دون المرور عبر الدورة الثانية.
كما أعلن المرشح برونو لومير دعمه لفيون في الدور الثاني من الانتخابات التمهيدية، في حين أعلنت المرشحة ناثالي كاوشيشكو موريزي دعمها للمرشح جوبيه.
وابتداء من الإثنين، سيبدأ كل من فيون وجوبيه حملة انتخابية لحشد الدعم في الدورة الثانية.
ويبدو فيون الأوفر حظا للنجاح، لكونه فاز بنسبة عالية بلغت تقريبا ضعف النسبة التي فاز بها جوبيه، كما أن دعوة ساركوزي للتصويت عليه ستضمن له نسبة مهمة من الأصوات قد ترجح كفته ضد منافسه جوبيه.
ومن المنتظر أن يتم تنظيم مناظرة تلفزيونية هذا الأسبوع بين فيون وجوبيه، وستكون سجالاتها حاسمة في إقناع الناخبين بالتصويت لهما.
وتميزت هذه الانتخابات التمهيدية في صفوف اليمين والوسط، والتي تنظم لأول مرة، بمشاركة كثيفة من طرف الناخبين، والذين بلغ عددهم أكثر من أربعة ملايين شخص، من بينهم نحو 15 في المائة من الناخبين الاشتراكيين الذين صوتوا بكثافة ضد ساركوزي.
كذلك مثّلت نتيجة هذه الانتخابات ضربة موجعة لمؤسسات استطلاع الرأي والمحللين السياسيين الفرنسيين، والذين أجمعت غالبيتهم على فوز محقق لساركوزي وجوبيه، ولم تتوقع أبدا فوز فيون المفاجئ بهذه النسبة الكبيرة.
تجدر الإشارة إلى أن فيون يحظى بشعبية كبيرة في صفوف القاعدة التقليدية لليمين والوسط، وتيارها المسيحي الكاثوليكي، كما تربطه علاقة صداقة وطيدة بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إذ يدعو إلى التحالف معه أسوة بالرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.