ويرفض الصحافي بن وايت، في مقال مطول نشر في صحيفة "ذي إندبندنت" ادعاءات الحكومة البريطانية، مؤكداً أن مقاطعة إسرائيل ليست معادية للسامية. ونفى الكاتب أن يكون هدف حركة المقاطعة العالمية (BDS) عزل إسرائيل، مستغرباً من تصرف الحكومة البريطانية التي تسعى إلى حماية إسرائيل من الضغوط المتزايدة بالمقاطعة وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وبالتالي تحمي إسرائيل للإفلات من العقاب. ويرى الكاتب أن بيان الحكومة البريطانية عمد إلى تحريف طبيعة حركة المقاطعة واعتبارها معادية للسامية، على الرغم من أن العديد من اليهود في بريطانيا وفي جميع أنحاء العالم يظهرون تضامناً مع الفلسطينيين. ولفت الكاتب إلى أنّ حملة المقاطعة التي تعارض سياسات إسرائيل غير القانونية تحاكي تماماً نموذج حركة المقاطعة التي أثمرت إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
كما يعتبر وايت أن شرعية مقاطعة إسرائيل لا علاقة لها بمعاداة السامية، لأنها تطالب بتطبيق إجراءات عقابية ضد الاحتلال تشمل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات حتى تمتثل إسرائيل بشكل كامل لمقتضيات القانون الدولي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وحتى تلتزم بتطبيق ثلاثة شروط تمكّن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وهي: إنهاء احتلالها لكل الأراضي العربية بما في ذلك تفكيك الجدار والمستعمرات، وتحقيق المساواة الكاملة للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والقبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والتي هُجِّروا منها بموجب قرار اﻷمم المتحدة رقم 194.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تسير نحو تجريم مقاطعة بضائع المستوطنات رغم المعارضة
من جهتها، كتبت المحررة في معهد صحافة الحرب والسلام، دانييلا بيليد، مقالة في صحيفة "ذي اندبندنت" دعت فيها إسرائيل إلى عدم الاحتفال بقرار الحكومة البريطانية؛ لأن ذلك لن ينقذ صورتها. وتقول الكاتبة إنه "تخطئ الدوائر الموالية لإسرائيل عندما تعتبر القانون الجديد انتصاراً تاريخياً لإسرائيل، فكما لا يوجد حل عسكري للاحتلال لا يوجد حل قانوني للمقاطعة". وتلفت الكاتبة إلى أن احتفال إسرائيل وأنصارها بالقرار الحكومي البريطاني يعكس مدى تأثير وفعالية حركة المقاطعة، ليس على الاقتصاد الإسرائيلي وحسب، كما يعتقد بعضهم، ولكن التأثير على صورة إسرائيل. وترى الكاتبة أن الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع مقاومة حركة المقاطعة لأنها مقاومة سلمية ومشروعة وتعمل ضمن حدود القانون، وهو ما يُثير غضب الحكومة الإسرائيلية.
وتستوحي حركة المقاطعة العالمية عملها من الدور التاريخي الذي قام به ضغط المجتمع الدولي لنصرة شعب جنوب أفريقيا في نضاله ضد نظام الفصل العنصري، "الأبارتهايد"، من خلال أشكال مختلفة من المقاطعة. ولاقت الحملة المناهضة لسياسة "الفصل العنصري الإسرائيلي" تجاوباً في معظم دول العالم منذ انطلاقها في عام 2003، ولا سيما في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، إلى درجة أن صحيفة أخبار اليهود الإلكترونية (Jews News)، نشرت تقريراً في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014 بعنوان "أول عشر دول تقاطع إسرائيل"، احتلت فيه بريطانيا المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية والمرتبة الأولى أوروبياً.
وفي مواجهة حملة المقاطعة لإسرائيل، أطلقت المنظمات الصهيونية في بريطانيا منذ عام 2009 حملات مناهضة للمقاطعة تحاول التأثير على الصحافيين والسياسيين، وتناشد الحكومات الغربية إصدار تشريعات تجرم المقاطعة المعادية لإسرائيل. وصورت المنظمات الصهيونية حركة المقاطعة بأنها "حركة تهدف إلى القضاء على دولة إسرائيل، وتستهدف اليهود في كل العالم، وليس لإنهاء (الاحتلال) من الضفة الغربية ومساعدة الفلسطينيين على إقامة دولة خاصة بهم". ولم تغفل المنظمات الصهيونية عن وصف حركة المقاطعة والمنظمات المتحالفة معها بـ"الحركة المعادية للسامية" التي "تضرّ بالمصالح الاقتصادية للشعب الفلسطيني الذي يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي المستهدف من قبل حركات المقاطعة". كما أطلقت مجموعات "أصدقاء إسرائيل" في العديد من المدن البريطانية حملات علاقات عامة دعت فيها الجمهور البريطاني إلى شراء المنتوجات الإسرائيلية والتبرع بها للجمعيات الخيرية المعنية برعاية المشردين.
اقرأ أيضاً: تعيين أساتذة أجانب في الجامعات الإسرائيلية لمواجهة المقاطعة