نجحت الوساطات التي شهدتها الساحة العراقية بوقف تصعيد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ضد رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، وهو ما تُرجم بتوجّه التيار الصدري للتظاهر بعيداً عن المنطقة الخضراء، وإعلان زعيمه مقتدى الصدر أنه سيعطي فرصة لرئيس الوزراء لإثبات حسن نواياه في الإصلاح.
وأكدت مصادر عراقية رفيعة داخل المنطقة الخضراء لـ"العربي الجديد"، نجاح جهود التهدئة والوساطات التي بذلتها أطراف إيرانية وأخرى دينية في النجف وكربلاء، وتمكّنت عبرها من سحب فتيل الأزمة وإقناع الصدر بوقف التصعيد داخل "التحالف الوطني" الحاكم للبلاد والذي يضم سبع كتل وأحزاب رئيسية، أبرزها حزب "الدعوة" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والتيار الصدري بزعامة الصدر، والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، وذلك من خلال إبعاد التظاهرات عن المنطقة الخضراء والموافقة على مهلة إضافية لم تحدد، يمنحها الصدر للعبادي لإكمال مشروعه وتقديمه للبرلمان.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن الصدر وافق على نقل مكان التظاهرة المقررة، ظهر اليوم الجمعة، من أمام المنطقة الخضراء إلى ساحة التحرير في منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة بغداد من دون إلغائها، مع الإبقاء على الزخم ذاته في التظاهر وبالشعارات نفسها التي رددها المتظاهرون في الأسابيع الماضية، فضلاً عن تمديد المهلة التي حددها للعبادي بـ45 يوماً والمقرر انتهاؤها نهاية الشهر الحالي، وهو مطلب رئيسي لحكومة العبادي وافق عليه مقتدى الصدر بعد وساطات عدة.
اقرأ أيضاً: الوساطات الإيرانية بين الحلفاء العراقيين مستمرة
وقال قيادي بارز في "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد"، إن "الصدر وافق على نقل مكان التظاهرات من أمام بوابات المنطقة الخضراء إلى ساحة التحرير وتمديد المهلة، بمعنى آخر فإن خيار اقتحام المنطقة الخضراء لم يعد قائماً على الإطلاق لدى الصدر"، مؤكداً "أن الأزمة الحالية في طريقها للحل والوسطاء ما زالوا في بغداد على رأسهم الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، كريم جعفري، الذي يقوم بعدة جولات بين الفرقاء السياسيين في التحالف الوطني".
وحول ما وصلت إليه مساعي حل الأزمة، أكد القيادي أن "عملية تغيير الحكومة ستكون على مرحلتين، على أن تتضمن المرحلة الأولى تعديلاً حكومياً يشمل نصف التشكيلة الوزارية التي من المتفق أن تكون 22 وزارة مع إلغاء وزارات عدة وتحويلها لهيئات ودمج أخرى مع بعضها"، لافتاً إلى أن "المرحلة الأولى ستطاول وزارات الداخلية والدفاع والخارجية والمالية والنفط والصناعة والتعليم العالي والإسكان والزراعة والصحة والموارد المائية".
وأشار إلى أن "خمس حقائب من غير المتوقع أن تخرج من حصة الأحزاب والكتل الرئيسة الثلاث، التحالف والتحالف الكردستاني واتحاد القوى، كما ستضم الحكومة الجديدة أساتذة ومتخصصين في مجالات الوزارات التي سيمسكونها"، موضحاً أن "المرحلة الثانية يجب ألا تكون بعيدة عن تاريخ إعلان المرحلة الأولى من تعديل الحكومة"، كاشفاً أن "العبادي حصل على تأييد أغلب كتل التحالف باستثناء الصدر الذي ما زالت المفاوضات مستمرة معه وهناك تفاؤل بالتوصل إلى اتفاق".
وأوضح القيادي أن "شرط الكتل للموافقة على مشروع العبادي الجديد (حكومة عبر مرحلتين) كان تقديم استقالته في حال عدم حصوله على تأييد البرلمان". ويحتاج العبادي إلى 172 صوتاً على الأقل من مجموع 328 نائباً في البرلمان من أجل تمرير الحكومة الجديدة، وهو ما يعتبره بعض المراقبين فخاً للعبادي الذي قد يكون أُعدّ له من داخل "التحالف".
وأعلن العبادي، مساء أمس الخميس، في بيان صدر عن مكتبه، أنه أرسل وثيقة الإصلاحات الشاملة والتعديل الوزاري الذي يشمل المعايير والآليات للكتل السياسية كافة. وأوضح العبادي أن "الوثيقة تشمل 10 ملفات تتضمن معايير اختيار مجلس وزراء تكنوقراط وتقييم أداء الوزارات ومكافحة الفساد وتبسيط الإجراءات والبرنامج الحكومي وحزم الإصلاحات في مختلف القطاعات".
وعلّق القيادي في التحالف الكردستاني، أنور حمة أمين، حول انتعاش الآمال للتوصل إلى اتفاق حول شكل الحكومة الجديدة: "الوساطات تفعل كل شيء حتى لو كانت على حساب العراقيين"، معلناً أن "التحالف الكردستاني سينتظر الاتفاق النهائي قبل أن يعلن موقفه من حكومة العبادي الجديدة".
من جهته، أوضح عضو اتحاد القوى العراقية، محمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن "الاتفاق على شكل الحكومة داخل التحالف لا يعني موافقتنا عليها، ولن نمررها في البرلمان من دون أن نضمن أنها لن تكون حكومة بثوب جديد وروح قديمة"، مضيفاً: "لا يمكن التحكم بساعة انفجار الشارع على المهزلة الحاصلة اليوم من السياسيين، ولا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه".
اقرأ أيضاً: العراق: تصاعد "حرب البيانات" بين العبادي والصدر