العراق: الصدر يضغط بعودة الاعتصامات والتظاهرات

18 ابريل 2016
معتصمون ينصبون خيامهم على مقربة من المنطقة الخضراء(Getty)
+ الخط -
عادت خيام المعتصمين من جديد تنصب على مقربة من المنطقة الخضراء، مقر الحكومة العراقية في بغداد، بعد سبعة عشر يوماً من رفعها بأمر من زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، وإنهاء اعتصامٍ هو الأول من نوعه تشهده البلاد.

والصدر، هذه المرة أيضاً، كان وراء عودة الخيام من جديد إلى ساحة التحرير القريبة من المنطقة الخضراء، إذ أطلق، أمس الأحد، أتباعه اعتصامهم المفتوح، للمطالبة بإصلاحات حكومية، وذلك استجابةً لدعوة أطلقها الزعيم الصدري، السبت، للشعب بهدف الضغط على الحكومة، تكشف في اليوم التالي، من خلال تظاهرات والبدء باعتصامات.

دعوة الصدر هذه، كانت كافية لدفع أنصاره إلى التظاهر أمام أربع وزارات، هي "وزارة العدل، وزارة الخارجية، وزارة الثقافة، ووزارة الإعمار والإسكان"، وسط العاصمة بغداد، لمطالبة الوزراء بتقديم استقالاتهم. وفرضوا، الأحد، حصاراً على مقار أربع وزارات؛ مطالبين وزراءها بتقديم استقالاتهم.

حصار الوزارات الأربع أدى إلى استنفار أمني كبير في العاصمة بغداد، واتخذت القوات الأمنية تدابير احترازية عدّة خوفاً من اقتحام مباني الوزارات، فعمدت إلى إغلاق أبوابها ومنع موظفيها من الخروج.

وبحسب معلومات، لـ"العربي الجديد"، فقد تلقى المتظاهرون، الذين كانوا يرددون هتافات غاضبة ضد المسؤولين في الحكومة، أمراً من الصدر بالانسحاب، والبدء باعتصامات في ساحة التحرير، وسط بغداد.

وتزامنت خطوة أمس مع اعتصام مفتوح أطلقه العشرات من أعضاء في مجلس النواب العراقي، الثلاثاء الماضي؛ اعتراضاً على تأجيل التصويت على التشكيلة الحكومية التي قدمها رئيس الحكومة حيدر العبادي، التي وجهت إليها انتقادات من قبل بعض الكتل السياسية.

وقال النائب عن "التحالف الوطني"، عضو اللجنة الأمنية البرلمانية، إسكندر وتوت، في حديث صحافي، إنّ "اعتصام النواب داخل البرلمان هو من أجل إنهاء المحاصصة السياسية ورفض تدخل القوى والأحزاب السياسية في اختيار الوزراء الجدد"، مشيراً إلى أن "النواب المعتصمين سيشرعون الأربعاء في حالة بقاء الوضع كما هو عليه، بالسعي إلى إسقاط الرئاسات الثلاث بعد جمع تواقيع حجب الثقة عنها".

وكان العبادي تقدم بقائمة أولى من المرشحين للبرلمان في 31 مارس/آذار الماضي، وطلب من النواب الموافقة عليها أو رفضها أو تعديلها.

لكن النواب رأوا أنّ قائمة العبادي وضعت في الاعتبار رأي الكتل السياسية المهيمنة في البرلمان، وهي إعادة إنتاج المحاصصة السياسية والطائفية ذاتها.

ووسط حالة الفوضى، التي تسيطر على المشهد السياسي، لا سيما مع اشتداد المناكفات بين الأحزاب والسياسيين، كان بينها حصول مشادة كلامية داخل قبة مجلس النواب، الأربعاء الماضي، بين نائبتين برلمانيتين، انتهت باشتباكات بالأيدي، أصدر الصدر بياناً، قال فيه إن "على الرئاسات الثلاث التنسيق لعقد جلسة برلمانية، وتقديم الطاقم الوزاري المتصف بالتكنوقراط المستقل"، مشدداً على أن يتم "طرحها على التصويت فوراً وخلال مدة أقصاها 72 ساعة، مع الإبقاء على الاعتصام داخل قبة البرلمان وبإسناد شعبي لا مثيل له من خلال الاحتجاجات السلمية".

وأضاف الصدر، أن "على الوزراء تقديم استقالاتهم فوراً للتمهيد للنقطة الأولى، وعليه فالشعب مطالب بالضغط على الوزراء ومقراتهم لتحقيق هذا المطلب"، داعياً رئيس الوزراء إلى "إعطاء مدة زمنية محددة لتصحيح مسار باقي العملية السياسية كالدرجات الخاصة والهيئات وغيرها، على أن لا تزيد هذه المدة عن 40 يوماً".

ورأى مراقبون أنّ ما حصل، أمس الأحد، من حصار أنصار التيار الصدري لأربع وزارات، ثم القيام باعتصام مفتوح، هي رسالة من زعيمهم، إلى الحكومة، مفادها أن هناك طرقا "سلمية" عدّة لتنفيذ المطالب، حتى إنها قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة، فضلاً عن أنّ (الصدر) أثبت أنه يتحكم في عدد هائل من أتباعه، بمجرد الإشارة لهم، وهو ما ثبت في مرات عديدة.

وبحسب المراقبين، فإن الحكومة والكتل السياسية تدرك جيداً خطورة التيار الصدري، الذين توصف طاعتهم لزعيمهم الصدر بـ"العمياء".

بدورهم، أكّد أنصار الصدر، لـ"العربي الجديد"، أنّ هدفهم "الإصلاح" بخروجهم في تظاهرات واعتصامات، لافتين إلى أن "السلمية" شعار اعتصاماتهم، وهو ما بيّنه فاضل عبد الحسن، أحد أتباع "التيار الصدري"، الذي قال "أشارك في جميع التظاهرات والاعتصامات التي يدعو إليها سيد مقتدى، لسنا نطالب سوى بحقوق الشعب".

فيما أشار آخر، ويُدعى زهير ساجد، إلى أن "تظاهراتنا سلمية، العراق أهم من السياسيين والأحزاب، نحن لا نخاف شيئاً، بل إن السياسيين هم من يخافون من غضبة الشعب، والشعب غضب ولن يسكت إلا بحصول إصلاحات حقيقية".

وقال مشارك آخر، يُدعى وليد الفتلاوي، إن "الاعتصام سلاح جبار، حين اعتصمنا أمام الخضراء شاهدنا خوف السياسيين على مناصبهم، هم يدركون قوة الشعب حين يثور، ويحسبون أنهم يسيطرون على الشعب من خلال تصريحاتهم الرنانة، وادعائهم الوطنية، لكن هيهات، أمس أوقعنا الرعب في قلوب السياسيين الفاسدين حين تظاهرنا أمام الوزارات، واليوم نحن معتصمون، ولسنا نحمل السلاح، بل سلاحنا قوة إرادتنا".

المساهمون