الاتفاق مع تركيا يهدد تحالف إسرائيل مع اليونان وقبرص

14 يوليو 2016
لقاء بين تسيبراس وأناستاسياديس ونتنياهو بقبرص (يانيس كورتوغلو/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من تأكيدات القيادات الإسرائيلية العلنية، أن الاتفاق مع تركيا لن يؤثر على العلاقات الاستراتيجية مع كل من اليونان وقبرص، إلا أن تل أبيب تخشى في الواقع أن يفضي هذا الاتفاق للمسّ بالتحالف الذي يربطها بكل من أثينا ونيقوسيا.

ووفقاً لمحافل إسرائيلية مسؤولة، فإن القبارصة واليونانيين ليسوا منزعجين فقط من استعادة إسرائيل وتركيا علاقاتهما الدبلوماسية، بل بشكل أساس من تفاصيل الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين الجانبين، لاسيما البنود المتعلقة بالشق الاقتصادي.

في هذا السياق، نقل موقع صحيفة "ميكور ريشون"، مساء الجمعة، عن مصدر إسرائيلي رسمي قوله، إن "الاتفاق المبدئي بين أنقرة وتل أبيب على تدشين خط لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، يثير قلقاً كبيراً في قبرص، لأن هذا الخط يفترض أن يمرّ في المياه الخاضعة لسيطرة القبارصة الأتراك".

واستدرك المسؤول الإسرائيلي: "على الرغم من الحساسية التي يبديها القبارصة واليونانيون، للاتفاق التركي الإسرائيلي بشأن أنبوب الغاز، إلا أن إسرائيل ماضية في تطبيق الاتفاق بسبب العوائد المادية الضخمة التي ستجنيها إسرائيل من الاتفاق مع الأتراك".

وأضاف المصدر أن "احتياطي الغاز في كل من حقلي ليفيتان وتامار، يقدّر بـ 900 مليار متر مكعب من الغاز، 150 مليار متر مكعّب منها مخصص للتصدير. ما يعني أن تطبيق الاتفاق سيفضي إلى إحداث طفرة نوعية في أوضاع إسرائيل الاقتصادية".






وشدّد المسؤول الإسرائيلي على أن "الاعتبار الاقتصادي يُعدّ أهم الاعتبارات التي دفعت كلاً من تركيا وإسرائيل للتوقيع على الاتفاق الأخير". وكشف أن "شركتي نوبل إينيرجي الأميركية وديلك الإسرائيلية، اللتين تحتكران استغلال حقول الغاز الإسرائيلية، توصّلتا إلى قناعة مفادها، أن أفضل الطرق لتسويق الغاز ستكون من خلال تركيا. بالتالي من المتوقع أن ينقل الأنبوب الغاز من حقلي ليفيتان وتامار إلى قاعدة تصدير الغاز في مدينة جيهان التركية". وأشار المسؤول إلى أن "مرور أنبوب الغاز عبر المياه الإقليمية للجزء التركي من قبرص، تفرضه الاعتبارات الاقتصادية، على اعتبار أن المرور خارج هذه المياه سيزيد من طول الأنبوب ويفاقم من فاتورة تدشينه".

وقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي يدرك حساسية قبرص لمرور الغاز في مياه الجزء التركي، اتصل بالرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسياديس وبحث معه مجمل الاتفاق التركي الإسرائيلي وتداعياته على العلاقات بين الجانبين".

وحسب الصحيفة، فإن "الاتصال لم ينجح في تهدئة مخاوف القبارصة، فالمتحدث بلسان الحكومة القبرصية، أكد أن نيقوسيا ستعمل على عدم السماح بتدشين أنبوب الغاز بين تركيا وإسرائيل، قبل أن يتم حل الأزمة القبرصية برمتها". ونوهّت الصحيفة إلى أن "ما يزيد الأمور تعقيداً حقيقة أن تركيا لا تعترف بالحكومة القبرصية، وترفض إيلاء ملاحظاتها اهتماماً يذكر".

وفي الوقت ذاته، من المتوقع أن ينسف الاتفاق التركي الإسرائيلي جملة من الاتفاقات التي سبق أن توصلت إليها كل من إسرائيل واليونان. فقد سبق لكل من نتنياهو ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، أن اتفقا قبل أقلّ من عام على تدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر اليونان، وقدّرت تكلفة تدشين الأنبوب 6 مليارات دولار. وقد فضلت إسرائيل الخيار التركي ليس فقط لأن كلفة تدشين الأنبوب بينها وبين تركيا ستكون أقل بكثير، بل أيضاً لأن الأوضاع الاقتصادية الممتازة في تركيا، مقارنة باليونان، ستسمح لأنقرة باستيراد كمية كبيرة من الغاز الإسرائيلي. كما يهدد الاتفاق الإسرائيلي التركي اتفاق المبادئ الذي أعلنته كل من إسرائيل واليونان وقبرص حول تدشين شبكة كهرباء موحدة للكيانات الثلاثة.

في هذا الإطار، كشفت صحيفة "معاريف" عشية الإعلان عن الاتفاق التركي الإسرائيلي، عن أن "الحكومة اليونانية أرسلت رسائل عدة لتل أبيب، تحثها على عدم إبرام الاتفاق مع أنقرة، ومحذرة من التداعيات السلبية لهذا الاتفاق على العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأثينا". مع العلم أن اليونان وإسرائيل أجريتا العديد من المناورات العسكرية المشتركة، ووصل التعاون الاستراتيجي بين الجانبين إلى حدّ أن الحكومة اليونانية طلبت من تل أبيب مساعدتها على تطوير أجهزتها الاستخبارية.



المساهمون