وفي أول تعليق له على ما أعلنه السير تشيلكوت، قال بلير: "أتحمل المسؤولية الكاملة عن أي أخطاء من دون استثناء أو عذر، وقد اتخذت قرار خوض الحرب في العراق بنية خالصة، ولا أعتقد أن الإطاحة بصدام حسين هي سبب الإرهاب الذي نراه اليوم في الشرق الأوسط وغيره".
لكنه رفض ما جاء في تقرير لجنة تشيلكوت بأنه قوّض سلطة مجلس الأمن الدولي. كما رفض ما جاء في التقرير أن قرار الغزو كان يمكن تأخيره.
وقال إنه اتخذ قراره لأنه يعتقد أنه كان على حق، ولأنه يعتقد أن كلفة عدم التحرك كانت ستكون أكبر. وقال بلير إن "غزو العراق قاد إلى نزع سلاح ليبيا من أسلحة الدمار الشامل، وأغلق نشاط شبكة عبد القادر خان (أبو القنبلة النووية الباكستانية) التي كانت تعمل على بناء ترسانة نووية هناك".
وحول العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، بيّن أنه "يجب أن تكون هناك ركيزتان لسياسة بريطانيا الخارجية: علاقة قوية مع الولايات المتحدة، وعلاقة قوية مع أوروبا".
وأوضح رئيس لجنة التحقيق، أن بريطانيا أضعفت سلطة مجلس الأمن بالتصرف من دون الحصول على تأييد الغالبية. وقال السير تشيلكوت: "لقد تم تحذير بلير من أن التحرك سيزيد نشاط القاعدة في بريطانيا، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك استهانة بتبعات الغزو وكان التخطيط غير مناسب على الإطلاق". غير أن لجنة التحقيق لم توجه اتهاماً لشخص توني بلير بارتكاب جرائم حرب.
وشددت اللجنة في تقريرها، على أنها لم تقبل مبررات بلير حول صعوبة تقدير الموقف في العراق بعد الحرب. كما ذكرت أن رئيس الوزراء الأسبق، "التزم باللحاق بالرئيس الأميركي السابق جورج بوش مهما حدث في العام 2002".
وقال السير جون تشيلكوت، خلال مؤتمره الصحافي، اليوم، إن قرار المشاركة في الحرب على العراق بُني على معلومات استخباراتية وتقديرات باهتة.
وأعلنت اللجنة أن بريطانيا "دخلت حرب العراق قبل استنفاد كل الفرص".
وأوردت وكالة "فرانس برس"، نقلاً عن رئيس اللجنة، أن بريطانيا اجتاحت العراق بشكل سابق لأوانه في العام 2003 بدون أن تحاول "استنفاد كل الفرص".
وأضاف رئيس اللجنة التي شكلت قبل سبع سنوات: "استنتجنا أن بريطانيا قررت الانضمام إلى اجتياح العراق، قبل استنفاد كل البدائل السلمية للوصول إلى نزع أسلحة البلاد. العمل العسكري لم يكن آنذاك حتمياً".
واعتبر رئيس لجنة التحقيق البريطانية، أن المخططات البريطانية لفترة ما بعد اجتياح العراق عام 2003 "كانت غير مناسبة على الإطلاق".
وتابع أنه "على الرغم من التحذيرات، لقد تم التقليل من شأن عواقب الاجتياح. المخططات والتحضيرات للعراق في فترة ما بعد صدام حسين لم تكن مناسبة على الإطلاق".
وأضاف رئيس اللجنة، في تقريرها الذي تعرضه بعد تأخير دام خمس سنوات عن الموعد المحدد، بحسب ما نقلت "رويترز"، أن "تقدير حجم تهديد أسلحة الدمار الشامل العراقية جاء دون مبررات مؤكدة".
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمام مجلس العموم، إن نتائج التقرير لا يجب أن "تجعلنا نستبعد المزيد من التدخلات العسكرية".
وأضاف كاميرون أن تجربة العراق تقدم استنتاجات مهمة "أولها، سيكون من الخطأ أن نستنتج أن بريطانيا لا ينبغي أن تدعم أميركا. وثانياً، لا ينبغي لنا أن نستنتج أنه لا يمكننا الاعتماد على الأحكام الصادرة عن وكالة الاستخبارات". أما الاستنتاج الثالث، بحسب كاميرون، فهو: "سيكون من الخطأ أن نستنتج أن الجيش لا يمكن أن يتدخل بنجاح"، ورابعاً: "سيكون من الخطأ أن نستنتج أن التدخل هو دائماً خطأ".
وتابع كاميرون أنه من المهم توفير الموارد المناسبة للقوات المسلحة بشكل صحيح، لا سيما بعد استخلاص لجنة "تشيلكوت" أن القوات التي أرسلت إلى العراق، كانت بدون معدات مناسبة، وهذا "غير مقبول".
وأعلن كاميرون أن "أعضاء مجلس النواب البريطاني سيناقشون على مدار يومين محتويات التقرير"، الذي جاء في حوالى 2.6 مليون كلمة مطبوعة، مرفقة بـ1500 وثيقة، مُتضمناً الحيثيات التي استند إليها بلير، للمشاركة في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة، وقُتل فيها 179 جندياً بريطانياً، وكلفت الخزينة البريطانية حوالى 10 مليارات جنيه إسترليني.
وبدأ نواب في مجلس العموم البريطاني بحشد الدعم المطلوب لمحاكمة رئيس الوزراء الأسبق، في حال إدانته بتضليل نواب الشعب، إبان اتخاذ القرار بمشاركة بريطانيا في غزو العراق عام 2003، وذلك حسبما أفاد موقع صحيفة "ذا ميل" البريطانية، السبت الماضي، فيما جرت تظاهرة، صباح اليوم، لمنظمة "ستوب ذا وور كويليشن".
إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أن عملية محاكمة بلير من السلطة التشريعية قد تبدأ بطلب من نائب واحد، يقدم اقتراحاً مشفوعاً بأدلة، ثم تشرع لجنة من مجلس النواب في إعداد وثيقة "المساءلة القانونية". وإذا تمت إدانة بلير، من السلطة التشريعية، تحال القضية إلى السلطات القضائية تمهيداً لمحاكمة قضائية قد تؤدي إلى سجنه.
وكان بلير قد مَثل يوم 29 يناير/ كانون الثاني 2010 أمام لجنة التحقيق البريطانية، لتقديم الحيثيات التي استند إليها للمشاركة في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وقتل فيها 179 جندياً بريطانياً. وقد دافع بقوة عن القرار الذي اتخذه عام 2003 بإرسال أكثر من أربعين ألف جندي بريطاني للمشاركة في حرب العراق، زاعماً أن تقييم المخاطر التي كانت تفرضها "الدول المارقة" تغيّر بشكل جذري بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على الولايات المتحدة.
وطالما دافع بلير عن الاتهامات الموجهة له، بالزعم أن "الشرق الأوسط لم يكن ليصبح أكثر استقراراً لو تُرك صدام حسين في السلطة. وهو قادر على تطوير أسلحة دمار شامل". والحجة الثانية، أن "إيران وتنظيم (القاعدة) هما المسؤولان عن حمام الدم المتواصل في العراق منذ 2003).