وقالت مصادر مطّلعة على القضيّة في مضايا، طلبت عدم الكشف عن هويتها خلال حديثها مع "العربي الجديد"، إن "الطفل عز الدين ليس الحالة الوحيدة التي تحتاج إلى رعاية صحية خاصة غير متوفرة في مضايا المحاصرة؛ فهناك 12 طفلاً حالتهم الصحية سيئة وبحاجة إلى رعاية طبية، وإن كان الطفل عز الدين، الذي يعاني من السحايا، الحالة الأكثر إلحاحاً لإخراجه من المدينة، خصوصاً بعد تعرضه لهجمة التهابية حادة أدت إلى ألم شديد في الرأس، يرافقه ارتفاع شديد في درجات الحرارة، بالإضافة إلى غياب عن الوعي لأكثر من 15 ساعة يومياً، مع حالة هستيريا تجعل منه عدائياً".
من جهته، قال مدير الهيئة الطبية في مضايا، الدكتور محمد يوسف، إن "النقطة الطبية في البلدة قدمت للطفل عز الدين كل ما أمكن تقديمه من مسكّنات وسيرومات مغذية، إلا أنه يعاني من حساسية شديدة من الديكلون والبنسلين، فضلاً عن عدم استجابته للعلاج في مضايا، كما أنّ معاناته من السحايا هي نتيجة لسوء التغذية، وانعدام المواد الغذائية الضرورية لرفع مناعة الجسم من حليب وبيض ولحوم وفاكهة".
ويحذر يوسف من أن "تؤدي الحرارة إلى تلف بالأعصاب؛ ما ينذر بخطر تعرّضه للشلل"، لافتاً إلى أن "الهيئة الطبية في مضايا تناشد المنظمات الدولية والإنسانية للعمل على إخراج الطفل يمان لتلقي العلاج اللازم خارج البلدة".
وأفادت تقارير إعلامية من داخل مضايا بوجود حالات مماثلة في المدينة لحالة عزّ الدين، فقد "سبق وأن فقدت الشابّة نسرين رضا الشمّاع نظرها وأصيبت بالشلل، بعد أن شعرت بألم شديد في البطن مجهول السبب، قبل نحو 20 يوماً، وبعد معاينتها وإجراء التحاليل اللازمة، لم تظهر أي مؤشرات، وظلّت المريضة تعاني من حالات إقياء وإسهال شديد وألم في البطن وفقدان شهيّة ، تطوّرت في ما بعد إلى صداع رأسي شديد أدّى للإصابة بالعمى، ومنذ يومين تطورت الحالة الى شلل نصفي في الجانب الأيسر".
ولفتت التقارير إلى أن "الطبيب حاول تطبيق خطة علاج بسيطة، ولكن للأسف جسد المريضة لم يستجب لها، إذ تم إعطاء الأدوية الالتهابية المتوفرة والمسكنات والسيرومات للتعويض والمحافظة على حياتها"، ويشير التقرير الطبي إلى اشتباه بوجود التهاب دماغي فيروسي حادّ (سحايا فيروسية)، وتخثر جيوب وريدية وتصلب لويحي".
وذكرت المصادر السابقة أنه "توجد الآن حالات مشابهة في مضايا لطفلتين؛ الأولى عمرها 4 أشهر، والثانية 8 أشهر، وكلتاهما تعانيان من التهاب السحايا، وهناك طفلة عمرها 5 أشهر تعاني من التهاب أمعاء شديد وسوء امتصاص، إذ انخفض وزنها بشكل كبير، ما يهدد أن تفقد حياتها، وجميعهم بحاجة إلى رعاية طبية خاصة".
يشار إلى أن أكثر من 40 ألف مدني في مضايا يعانون، منذ أكثر من سنة، حصاراً مطبقاً، تسبب في فقدان المواد الغذائية والطبية، الأمر الذي أدى لفقدان أكثر من 65 شخصاً حياتهم، بحسب تقارير طبّية.
حتى المساعدات الإنسانية لم يكن لها أثر يذكر على معاناة المحاصرين، وذلك جراء عدم انتظام دخولها إلى المدينة، إضافة إلى عدم احتوائها على مواد بروتينية وخضار وفواكه، في وقت يناشد فيه ناشطون وقوى سياسية بفصل الملف الإنساني عن الملف العسكري، وفك الحصار عن مدينة مضايا، وفتح ممرات إنسانية.