أنهى إعلان ولادة الحكومة التونسية الجديدة، يوم السبت، برئاسة يوسف الشاهد، مسار التفاوض الذي بدأ منذ شهر رمضان بعد إطلاق الرئيس الباجي قائد السبسي لمبادرة حكومة الوحدة الوطنية. ومنذ تعيينه لتشكيل الحكومة، قال الشاهد إنه ذاهب في اتجاه حكومة سياسية بحضور شبابي ونسوي كبير، فتم تعيين 8 عناصر نسائية و14 من الشباب، خمسة منهم عمرهم أقل من 35 سنة. وأوضح الشاهد، خلال مؤتمر صحافي يوم السبت، أنه قام بهيكلة حكومته الجديدة بحسب أولويات المرحلة، محدداً إياها بخمس: ــ مواصلة محاربة الإرهاب، وــ تعزيز استقرار الوضع الأمني، وــ تطوير عمل مكافحة الفساد، إلى جانب التركيز على الطاقات البديلة والتكنولوجيات الحديثة والمهن الصغرى، وفي النهاية الاهتمام بموضوع النظافة عبر إدماج وزارتي الشؤون المحلية والبيئة في وزارة واحدة. وشدّد الشاهد على أن المشاورات كانت واسعة وشملت مختلف الأحزاب التي شاركت في المرحلة الأولى من الحوار حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ووقعت على "وثيقة قرطاج" بهذا الخصوص، وحتى الأحزاب التي أعلنت تعليق مشاركتها في المشاورات، لتتكون الحكومة في نهاية المطاف من 26 وزيراً و14 كاتب دولة (معاون للوزير يكلف عادة بقطاع ما إذا كانت الوزارة مركبة مثل التجارة والصناعة أو البيئة والتنمية المحلية وغيرها).
وفسّر كثيرون علامات الارتياح التي ظهرت على وجه كل من الشاهد والسبسي، خلال الإعلان عن الحكومة الجديدة، بأنهما تمكنا من "خرق" المعارضة وجذب رموز مهمة من صفوفها النقابية واليسارية إلى الحكومة. غير أن المعيار الأهم في هذه الحكومة، هو طابعها السياسي، فقد اتفقت كل أحزاب الائتلاف على إنهاء مرحلة التكنوقراط، والحياد السياسي، رغم عدم وضوح ذلك بشكل نهائي لدى بعضها، فهي تطالب حركة النهضة إلى اليوم بضرورة تحييد ما يعرف بالوزارات السيادية (الدفاع والخارجية والداخلية) عن الأحزاب، وهو ما يعني عدم زوال مناخ الريبة وانعدام الثقة بشكل كامل مع شركائها بعد. وبالفعل، تمكنت "النهضة" من فرض إبقاء الوزراء السياديين أنفسهم في الحكومة الجديدة، فبقي الهادي مجدوب في وزارة الداخلية، وفرحات الحرشاني في الدفاع، وخميس الجهيناوي في الخارجية. وفي تركيبة الحكومة، نال حزب نداء تونس 4 وزارات و4 كتّاب دولة، وحركة النهضة وزاراتين و4 كتّاب دولة (علماً أن وزيري العدل وتكنولوجيا الاتصال عُينا بمباركة من النهضة) بينما حصل حزب آفاق تونس على حقيبتين وزاريتين أيضاً في مقابل وزارة لـ"المبادرة" وأخرى لـ"المسار" ووزارة أيضاً لـ"الجمهوري" و13 وزارة أخرى لمستقلين بينهم وجوه نقابية أو معارضين سابقين.
اقــرأ أيضاً
لكن هذه الحكومة الجديدة أيضاً، لم تتخل عن التكنوقراط، وتضمنت صفوفها عدداً كبيراً من الأسماء التي لا تمثل ثقلاً سياسياً، ولم يعرف لها انتماء سياسي أو حزبي، ولكنها ضمت في المقابل عدداً من الأسماء البارزة في المشهد السياسي والاجتماعي والنقابي والحقوقي التونسي. من بين هؤلاء، عبيد البريكي الذي تم تعيينه وزيراً للوظيفة العمومية والحوكمة، وهو وجه نقابي معروف، ويساري فاعل، شغل منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، ثم ناطقاً رسمياً للاتحاد بعد الثورة، وتقلّد منصب مستشار لدى منظمة العمل العربية طيلة أربع سنوات. كذلك ضمت النائب أياد الدهماني كوزير مكلف بالعلاقة مع مجلس النواب، وهو من مدينة سليانة الفقيرة التي تعتبر من أكثر الجهات تضرراً قبل الثورة وبعدها. كان الدهماني عضواً في المجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الجمهوري، وهو حالياً نائب عن الحزب نفسه. تابع دراسته في باريس قبل أن يلتحق بصفوف الحزب الديمقراطي التقدمي في 2007.
ومن بين الوجوه المعروفة في المشهد التونسي، النائب مهدي بن غربية المرشح لتولي منصب وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وهو رجل أعمال كان نائباً في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التحالف الديمقراطي، وهو رئيس النادي الرياضي البنزرتي. لبن غربيّة مسيرة سياسية طويلة قادته من السجن قبل الثورة بسبب انتسابه للاتجاه الإسلامي آنذاك، إلى الحزب الديمقراطي التقدمي قبل تأسيس التحالف الديمقراطي ثم الانسحاب منه. وتضم الحكومة أيضاً وجهاً نقابياً سابقاً هو عبد المجيد الطرابلسي، الذي سيتولى منصب وزير للشؤون الاجتماعية، وهو متحصّل على دبلوم في التاريخ والجغرافيا من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس، وصفة "أستاذية" من معهد الصحافة وعلوم الإخبار، وهو متخرج من معهد الدفاع الوطني في تونس، وتولّي منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، مكلف بالتعليم ثم الاتصال والعلاقات الدولية.
وتعتبر هذه الوزارة من أكثر الوزارات حساسية بسبب اهتمامها بإدارة المفاوضات النقابية، وبسبب الملفات الاجتماعية الحارقة التي توكل إليها عادةً. وتولى سمير بالطيب، عن حزب المسار (اليساري) حقيبة الفلاحة (الزراعة)، فيما شهدت انضمام كل من عماد الحمامي ومحرزية العبيدي وزياد العذاري عن حركة النهضة، وبقاء ناجي جلول في التربية. وتأتي الإشارة إلى هذه الأسماء من دون غيرها، للتأكيد على خلفية حكومة الوحدة الوطنية غير المعلنة، فالرئيس السبسي أطلق المبادرة بناءً على قراءة للوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور، وثمة من يقول إن المعارضة نجحت في تأليب جزء من الرأي العام ضد الحكومة السابقة، فعطلت عدداً من قوانينها في البرلمان، ليس بسبب قوتها عددياً، وإنما بسبب ارتفاع صوتها وقدرتها على التجييش الشعبي والإعلامي، وتحمل الحكومة مسؤولية تعطيل بعض مصادر الإنتاج في محافظات معروفة بانتماءاتها النقابية والنضالية.
لهذه الأسباب، جاءت فكرة ضرب المعارضة من خلال سحب البساط من تحتها، وإغراء وجوه سياسية و"أصوات مرتفعة" بالانضمام إليها، رغم عدم تمثيليتها داخل البرلمان، إذ يشغل الحزب الجمهوري مقعداً وحيداً فيه، في حين لا يمثل حزب المسار بأي نائب. لكن السبسي، والشاهد يعولان على تبني هذه الأصوات لبرامج الحكومة الجديدة، والدفاع عنها أمام البرلمان وفي وسائل الاعلام. ولو نجح الشاهد والسبسي في إقناع حركة الشعب القومية التي انسحبت من مفاوضات تشكيل الحكومة في اللحظات الأخيرة، أو المناحي الرحوي عن الجبهة الشعبية، لكانا حققا اختراقاً مهماً في صفوف المعارضة، وحشدا تأييداً مهما للحكومة. لكن السؤال يبقى مطروحاً حول تأقلم هذه الأسماء مع طبيعة العمل الحكومي وما يستوجبه من تضامن وانضباط، وقدرتها على التحول من موقع الهجوم الدائم الى الدفاع عن برامج الحكومة، وإذا ما كانت هذا "الزواج السياسي" الهجين سيصمد لفترة طويلة.
ويتوقف كثيرون عند التغيير في المشهدين البرلماني والسياسي الناتج عن ولادة هذه الحكومة؛ فمع تحول وجوه معارضة إلى حكومة الشاهد، خسر الائتلاف الحاكم نقاطاً مهمة، إذ غادر الاتحاد الوطني الحر، الحزب الرابع في ائتلاف حكومتي الحبيب الصيد الأولى والثانية، هذا التحالف، بعد إطالته لأمد المناورات ومحاولة فرض شروطه على الشاهد، فوجد نفسه خارج التشكيل في النهاية، وهو ما سيسبب في صفوفه حالة من الارتباك السياسي، لأنه بطبيعته ليس حزباً معارضاً، ولا خلفية فكرية له تؤهله لتأدية هذا الدور. ويتوقع أن يجد "الوطني الحر" نفسه تلقائياً مع حزب المشروع (الذي يقوده محسن مرزوق) وبقية أطياف المعارضة، وربما سيحاول أن يبحث لنفسه عن دور جديد، إذا لم ينجح السبسي في امتصاص غضب بعض قياديّيه، وإقناع رئيسه سليم الرياحي بعدم الانضمام للمعارضة، وخصوصاً أنه كان قاب قوسين أو أدنى للانصهار في حزب نداء تونس أو المبادرة الدستورية. ومثلما كان متوقعاً، بدأت الشخصيات والأحزاب المعارضة معركتها مبكراً ضد الحكومة، فوصف عدنان منصّر، الأمين العام لحراك تونس الإرادة، الذي يتزعمه الرئيس السابق، منصف المرزوقي، فريق الشاهد بـ"التشكيلة الحكومية الفكاهية". بدوره، تساءل الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض، محمد عبّو، في حديث مع "العربي الجديد"، عن موقف الحزب الجمهوري حول قانون المصالحة الذي يعارضه، بعد دخوله الى الحكومة، معتبراً أنّ بعض الأحزاب الموجودة في حكومة يوسف الشاهد "لا وزن لها، ولن تكون فاعلة".
ويُعقد مكتب البرلمان (لجنة نيابية) اليوم الاثنين بدعوة من رئيس المجلس محمد الناصر، من أجل التداول حول جلسة منح الثقة والإعداد لترتيباتها، بحسب ما كشفه المكلف بالإعلام في البرلمان التونسي، حسان الفطحلي في تصريح لـ"العربي الجديد". ويتوقع أن تمرّ حكومة الشاهد بغالبية مريحة إذ على الأقل ستنال ثقة 67 نائباً من "نداء تونس" و69 من "النهضة" ونائب "الجمهوري" والنواب الثمانية لـ"آفاق تونس"، علماً أن البرلمان يتكون من 217 عضواً. لكن المؤكد أن الحكومة الجديدة لن تنال موافقة نيابية بحجم تلك التي نالتها حكومتا الصيد على الأقل بسبب الانقسام الذي حصل في صفوف حزب "نداء تونس".
وفسّر كثيرون علامات الارتياح التي ظهرت على وجه كل من الشاهد والسبسي، خلال الإعلان عن الحكومة الجديدة، بأنهما تمكنا من "خرق" المعارضة وجذب رموز مهمة من صفوفها النقابية واليسارية إلى الحكومة. غير أن المعيار الأهم في هذه الحكومة، هو طابعها السياسي، فقد اتفقت كل أحزاب الائتلاف على إنهاء مرحلة التكنوقراط، والحياد السياسي، رغم عدم وضوح ذلك بشكل نهائي لدى بعضها، فهي تطالب حركة النهضة إلى اليوم بضرورة تحييد ما يعرف بالوزارات السيادية (الدفاع والخارجية والداخلية) عن الأحزاب، وهو ما يعني عدم زوال مناخ الريبة وانعدام الثقة بشكل كامل مع شركائها بعد. وبالفعل، تمكنت "النهضة" من فرض إبقاء الوزراء السياديين أنفسهم في الحكومة الجديدة، فبقي الهادي مجدوب في وزارة الداخلية، وفرحات الحرشاني في الدفاع، وخميس الجهيناوي في الخارجية. وفي تركيبة الحكومة، نال حزب نداء تونس 4 وزارات و4 كتّاب دولة، وحركة النهضة وزاراتين و4 كتّاب دولة (علماً أن وزيري العدل وتكنولوجيا الاتصال عُينا بمباركة من النهضة) بينما حصل حزب آفاق تونس على حقيبتين وزاريتين أيضاً في مقابل وزارة لـ"المبادرة" وأخرى لـ"المسار" ووزارة أيضاً لـ"الجمهوري" و13 وزارة أخرى لمستقلين بينهم وجوه نقابية أو معارضين سابقين.
لكن هذه الحكومة الجديدة أيضاً، لم تتخل عن التكنوقراط، وتضمنت صفوفها عدداً كبيراً من الأسماء التي لا تمثل ثقلاً سياسياً، ولم يعرف لها انتماء سياسي أو حزبي، ولكنها ضمت في المقابل عدداً من الأسماء البارزة في المشهد السياسي والاجتماعي والنقابي والحقوقي التونسي. من بين هؤلاء، عبيد البريكي الذي تم تعيينه وزيراً للوظيفة العمومية والحوكمة، وهو وجه نقابي معروف، ويساري فاعل، شغل منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، ثم ناطقاً رسمياً للاتحاد بعد الثورة، وتقلّد منصب مستشار لدى منظمة العمل العربية طيلة أربع سنوات. كذلك ضمت النائب أياد الدهماني كوزير مكلف بالعلاقة مع مجلس النواب، وهو من مدينة سليانة الفقيرة التي تعتبر من أكثر الجهات تضرراً قبل الثورة وبعدها. كان الدهماني عضواً في المجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الجمهوري، وهو حالياً نائب عن الحزب نفسه. تابع دراسته في باريس قبل أن يلتحق بصفوف الحزب الديمقراطي التقدمي في 2007.
ومن بين الوجوه المعروفة في المشهد التونسي، النائب مهدي بن غربية المرشح لتولي منصب وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وهو رجل أعمال كان نائباً في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التحالف الديمقراطي، وهو رئيس النادي الرياضي البنزرتي. لبن غربيّة مسيرة سياسية طويلة قادته من السجن قبل الثورة بسبب انتسابه للاتجاه الإسلامي آنذاك، إلى الحزب الديمقراطي التقدمي قبل تأسيس التحالف الديمقراطي ثم الانسحاب منه. وتضم الحكومة أيضاً وجهاً نقابياً سابقاً هو عبد المجيد الطرابلسي، الذي سيتولى منصب وزير للشؤون الاجتماعية، وهو متحصّل على دبلوم في التاريخ والجغرافيا من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس، وصفة "أستاذية" من معهد الصحافة وعلوم الإخبار، وهو متخرج من معهد الدفاع الوطني في تونس، وتولّي منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، مكلف بالتعليم ثم الاتصال والعلاقات الدولية.
وتعتبر هذه الوزارة من أكثر الوزارات حساسية بسبب اهتمامها بإدارة المفاوضات النقابية، وبسبب الملفات الاجتماعية الحارقة التي توكل إليها عادةً. وتولى سمير بالطيب، عن حزب المسار (اليساري) حقيبة الفلاحة (الزراعة)، فيما شهدت انضمام كل من عماد الحمامي ومحرزية العبيدي وزياد العذاري عن حركة النهضة، وبقاء ناجي جلول في التربية. وتأتي الإشارة إلى هذه الأسماء من دون غيرها، للتأكيد على خلفية حكومة الوحدة الوطنية غير المعلنة، فالرئيس السبسي أطلق المبادرة بناءً على قراءة للوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور، وثمة من يقول إن المعارضة نجحت في تأليب جزء من الرأي العام ضد الحكومة السابقة، فعطلت عدداً من قوانينها في البرلمان، ليس بسبب قوتها عددياً، وإنما بسبب ارتفاع صوتها وقدرتها على التجييش الشعبي والإعلامي، وتحمل الحكومة مسؤولية تعطيل بعض مصادر الإنتاج في محافظات معروفة بانتماءاتها النقابية والنضالية.
لهذه الأسباب، جاءت فكرة ضرب المعارضة من خلال سحب البساط من تحتها، وإغراء وجوه سياسية و"أصوات مرتفعة" بالانضمام إليها، رغم عدم تمثيليتها داخل البرلمان، إذ يشغل الحزب الجمهوري مقعداً وحيداً فيه، في حين لا يمثل حزب المسار بأي نائب. لكن السبسي، والشاهد يعولان على تبني هذه الأصوات لبرامج الحكومة الجديدة، والدفاع عنها أمام البرلمان وفي وسائل الاعلام. ولو نجح الشاهد والسبسي في إقناع حركة الشعب القومية التي انسحبت من مفاوضات تشكيل الحكومة في اللحظات الأخيرة، أو المناحي الرحوي عن الجبهة الشعبية، لكانا حققا اختراقاً مهماً في صفوف المعارضة، وحشدا تأييداً مهما للحكومة. لكن السؤال يبقى مطروحاً حول تأقلم هذه الأسماء مع طبيعة العمل الحكومي وما يستوجبه من تضامن وانضباط، وقدرتها على التحول من موقع الهجوم الدائم الى الدفاع عن برامج الحكومة، وإذا ما كانت هذا "الزواج السياسي" الهجين سيصمد لفترة طويلة.
ويتوقف كثيرون عند التغيير في المشهدين البرلماني والسياسي الناتج عن ولادة هذه الحكومة؛ فمع تحول وجوه معارضة إلى حكومة الشاهد، خسر الائتلاف الحاكم نقاطاً مهمة، إذ غادر الاتحاد الوطني الحر، الحزب الرابع في ائتلاف حكومتي الحبيب الصيد الأولى والثانية، هذا التحالف، بعد إطالته لأمد المناورات ومحاولة فرض شروطه على الشاهد، فوجد نفسه خارج التشكيل في النهاية، وهو ما سيسبب في صفوفه حالة من الارتباك السياسي، لأنه بطبيعته ليس حزباً معارضاً، ولا خلفية فكرية له تؤهله لتأدية هذا الدور. ويتوقع أن يجد "الوطني الحر" نفسه تلقائياً مع حزب المشروع (الذي يقوده محسن مرزوق) وبقية أطياف المعارضة، وربما سيحاول أن يبحث لنفسه عن دور جديد، إذا لم ينجح السبسي في امتصاص غضب بعض قياديّيه، وإقناع رئيسه سليم الرياحي بعدم الانضمام للمعارضة، وخصوصاً أنه كان قاب قوسين أو أدنى للانصهار في حزب نداء تونس أو المبادرة الدستورية. ومثلما كان متوقعاً، بدأت الشخصيات والأحزاب المعارضة معركتها مبكراً ضد الحكومة، فوصف عدنان منصّر، الأمين العام لحراك تونس الإرادة، الذي يتزعمه الرئيس السابق، منصف المرزوقي، فريق الشاهد بـ"التشكيلة الحكومية الفكاهية". بدوره، تساءل الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض، محمد عبّو، في حديث مع "العربي الجديد"، عن موقف الحزب الجمهوري حول قانون المصالحة الذي يعارضه، بعد دخوله الى الحكومة، معتبراً أنّ بعض الأحزاب الموجودة في حكومة يوسف الشاهد "لا وزن لها، ولن تكون فاعلة".
ويُعقد مكتب البرلمان (لجنة نيابية) اليوم الاثنين بدعوة من رئيس المجلس محمد الناصر، من أجل التداول حول جلسة منح الثقة والإعداد لترتيباتها، بحسب ما كشفه المكلف بالإعلام في البرلمان التونسي، حسان الفطحلي في تصريح لـ"العربي الجديد". ويتوقع أن تمرّ حكومة الشاهد بغالبية مريحة إذ على الأقل ستنال ثقة 67 نائباً من "نداء تونس" و69 من "النهضة" ونائب "الجمهوري" والنواب الثمانية لـ"آفاق تونس"، علماً أن البرلمان يتكون من 217 عضواً. لكن المؤكد أن الحكومة الجديدة لن تنال موافقة نيابية بحجم تلك التي نالتها حكومتا الصيد على الأقل بسبب الانقسام الذي حصل في صفوف حزب "نداء تونس".