حلب تكسر الحصار: المعارضة تُسقط كبرى قلاع النظام

أحمد حمزة

avata
أحمد حمزة
07 اغسطس 2016
C36282CC-1514-4B30-BECA-58BDEECAE96D
+ الخط -

تمكنت فصائل المعارضة السورية، أمس السبت، من تحقيق الانتصار الأهم على قوات النظام السوري والمليشيات التي تقاتل إلى جانبه في مدينة حلب، بعدما نجحت في كسر حصار المدينة وإسقاط أهم قلاع النظام في الشهباء، في خطوة من المتوقع أن لا تقتصر ارتداداتها على الميدان لجهة تعزيز موقع الفصائل عسكرياً والانتقال إلى قضم مناطق سيطرة النظام في حلب، بل أيضاً يتوقع أن تكون لها تداعيات سياسية، وخصوصاً أنها جاءت لتطيح بالضغوط المكثفة التي حاولت الإدارة الأميركية ممارستها على المعارضة للقبول بهدنة كانت ستصب، في ما لو حصلت، لمصلحة النظام وروسيا، على غرار جميع الهدن السابقة التي كانت تضغط واشنطن والأمم المتحدة لإتمامها في كل مرة تتقدم فيها المعارضة.

الإعلان عن كسر حصار مدينة حلب، الذي فرضته قوات النظام السوري على الأحياء الشرقية منذ أكثر من شهر، تولته غرفة عمليات جيش الفتح وغرف أخرى تابعة للجيش السوري الحر، وذلك ضمن المرحلة الثالثة من المواجهات التي أطلقتها، مساء أول من أمس الجمعة، من معركة كسر حصار حلب التي كانت قد بدأت قبل أسبوع. أما المرحلة الرابعة من معركة كسر الحصار فلختصها حركة أحرار الشام بالقول إنها بدأت وهدفها السيطرة على مناطق جديدة داخل حلب.

وقال مصدر عسكري من جيش الفتح، لـ"العربي الجديد"، إن "مقاتلي المعارضة سيطروا على كراجات الراموسة ودوارها عقب مواجهات عنيفة سقط خلالها عشرات القتلى في صفوف قوات النظام والمليشيات المساندة لها، ما أدى إلى فتح الطريق أمام المقاتلين الآتين من الجنوب والمقاتلين المحاصرين في الأحياء الشرقية". وأوضح المصدر أن السيطرة على حي الراموسة الفاصل بين مواقع المعارضة داخل حلب وخارجها، بمثابة فرض حصار جديد على قوات النظام في أحياء حلب الغربية، مشيراً إلى أن المعركة ستستمر حتى السيطرة على مدينة حلب بشكل كامل. إذ لم يؤد فقط لفك الحصار عن الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها داخل المدينة، بل يجعل قوات النظام والأحياء الغربية الخاضعة لسيطرتها في حلب مُحاصرة تماماً، وخصوصاً بعدما فقد النظام طريق إمداداته الذي يمرّ بالراموسة.

وكانت المعارضة المسلحة قد أطلقت، مساء أول من أمس الجمعة، الجولة الثالثة من معركة كسر حصار حلب وسيطرت خلالها على كلية المدفعية، أكبر ثكنة للنظام، جنوبي المدينة، وكليات التسليح والبيانات ومبنى الضباط.

وتوالت طوال ساعات يوم أمس، السبت، الأنباء عن تفاصيل الهجوم الذي أعلنته  فصائل المعارضة المسلّحة على الكلية الفنية الجوية، في منطقة الراموسة، جنوبي مدينة حلب، قبل أن تتمكن من السيطرة على دوار الراموسة. ولم يكن كسر حصار النظام على الأحياء التابعة للمعارضة ممكناً لولا نجاح الفصائل، منذ يوم الجمعة، في السيطرة على الكلية المدفعية وكتائب عسكرية عدة متاخمة لها، التي كانت أكبر عائق أمام تحقيق هدفها المتمثل بفَكّ الحصار عن الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها داخل المدينة. 


وكان "جيش الفتح" أعلن، صباح أمس، عن سيطرة مقاتليه الكاملة على كلية المدفعية، بعد الهجوم الذي بدأ عليها، يوم الجمعة، بعد تمهيد القوات المهاجمة بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، قبل تفجير عربة مفخخة في الكلية، تلاها تقدم المقاتلين بالدبابات والمدرعات، وكسرهم لخط الدفاع الأول والثاني للكلية.

وشرحت مصادر من "جبهة فتح الشام"، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل المعارك بالقول إنه "مع دخول المقاتلين بوابة كلية المدفعية، قتلوا عدداً من عناصر المليشيات الأجنبية، ما أدى إلى هروبهم وتركهم قوات النظام داخل الكلية، حسب أجهزة التنصّت"، مشيرة إلى أن "المقاتلين سيطروا هناك على مبنى الضباط وكلية البيانات وكلية التسليح، وقتلوا العشرات من قوات النخبة التابعة لقوات بشار الأسد، الذين أصيبت دفاعاتهم بانهيارات كبيرة".





ووفقاً للمصادر نفسها، فإن "الأمر أدى للسيطرة على مستودع الذخيرة الأول داخل كلية المدفعية، ثم السيطرة على مبان أخرى"، وأعقب ذلك هجومٌ آخر بعربة مفخخة، استكمل بعدها مقاتلو "جيش الفتح" هجومهم الواسع، الذي أسفر بالمحصلة عن السيطرة على كامل مساحات ومباني كلية المدفعية.

في هذا السياق، قالت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد"، إن "أكثر من 150 عنصراً للنظام وحزب الله قُتلوا خلال سيطرة جيش الفتح على مدفعية الراموسة"، مضيفة أن "الضباط الإيرانيين والخبراء الروس كانوا مشاركين في قيادة معركة كلية المدفعية".
من جهته، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بأن حصيلة المعارك بلغت أكثر من 500 مقاتل منذ يوم الأحد الماضي، لافتاً إلى أن "غالبية القتلى من الفصائل نتيجة التفوق الجوي لقوات النظام وكثافة الغارات الجوية الروسية".

ومهّدت خسارة النظام لكلية المدفعية، وهي أبرز قلاعه العسكرية في منطقة الراموسة، إضافة لخسارته كتيبتي التسليح والتعيينات ونقاط عسكرية أخرى، لتقدم الفصائل المهاجمة، وتقليص المساحات التي تفصلهم عن الوصول لأحياء حلب الشرقية المحاصرة قبل فتح الطريق أمام المقاتلين الآتين من الجنوب والمقاتلين المحاصرين في الأحياء الشرقية. كما كان مقاتلو "جيش الفتح" قد تمكنوا من تحقيق تقدم واسع عقب بدء الهجوم على الكلية الفنية الجوية.


من جهته، أوضح رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، في حوارٍ مع "العربي الجديد"، أنه منذ سيطرة الفصائل الثورية على كلية المدفعية، فإن قوة النظام في حلب بحكم الساقطة والمنتهية، نظراً لأنها تحوي عشرات المدافع الثقيلة والمتوسطة وراجمات الصواريخ، وقواعد إطلاق الصواريخ، فضلاً عن العتاد العسكري من العربات والمدرعات.

وأضاف بري، الذي تخرج من الكلية ذاتها وخدم فيها لسنوات عدة، أن "موقع الكلية الحاكم والمرتفع على تلة الراموسة وعلى طريق أوتوستراد حلب الرقة ـ حلب ـ حماة، وقربها من مستودعات خان طومان، كانت تؤمّن الرمي المباشر حتى قلعة حلب ومطار النيرب ومعظم مناطق محافظة حلب، كما تؤمن الرمي غير المباشر وصولاً لمسافة 40 كيلومتراً بكافة الاتجاهات مع قوة نارية عالية جداً".





كما أشار رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، إلى أن "هذه الأهمية للكلية التي باتت تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، جعلت النظام ومنذ سنة 2012 يعتمدها كقوة أساسية لمحافظة حلب، وقام بتكديس الذخيرة والصواريخ فيها، جاعلاً إياها نقطة ارتكاز وانطلاق ومقراً عملياتياً أساسياً يقود كافة الأعمال القتالية في محافظة حلب فيها وباتجاه إدلب والمنطقة الشرقية أيضاً". 
وتطرق بري إلى الوضع الميداني الحالي الذي يعطي فصائل المعارضة تفوقاً كبيراً على قوات النظام في حلب، شارحاً الجغرافية الحالية بمحيط كلية المدفعية التي تلاصق أسوارها الشمالية الكلية الفنية الجوية، حيث دارت المعارك. وأكد أن السيطرة على الكلية الفنية الجوية أسهل مما كان الوضع عليه في كلية المدفعية.

وعقب هذه التطورات الميدانية، تكون المعارضة قد نجحت في قلب موازين القوى لصالحها بعد بلوغ الهدف المعلن بفك الحصار عن حلب. وعلاوة على ذلك، فإنها وبسيطرتها على طريق الراموسة، ستحاصر قوات النظام والأحياء الغربية التي تخضع لها في المدينة. ويُعتبر هذا الأمر تغيّراً دراماتيكياً، إذ إن النظام كان حتى ظهر الأحد الماضي، متفوقاً بعد نجاحه بحصار المعارضة داخل مناطق سيطرتها هناك.

ويقول القائد السابق للمجلس العسكري في حلب، العميد زاهر الساكت، لـ"العربي الجديد"، إن "فتح الثوار من داخل حلب الآن لخطوط الجبهات غربي الأحياء الشرقية يضع النظام بين فكي كماشة المهاجمين من غربي الراموسة وشرقها"، على حد وصفه.


ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
المساهمون