وتستضيف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعدداً من كبار المسؤولين في حفل عشاء بمناسبة هذا الوعد المشؤوم، الذي وضع حجر الأساس لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي.
لكن في المقابل، تشهد لندن عدداً من الفعاليات التي تدين الخيانة التي تعرض لها الفلسطينيون من قبل دولة الانتداب البريطاني.
وسيحيي مركز العودة الفلسطيني ذكرى وعد بلفور عن طريق عرض فيلم قصير "100 طريق بلفور"، وهو فيلم قصير من إنتاج منظمة أصوات يهودية مستقلة، ويشرح التداعيات طويلة الأمد للوعد، عن طريق إسقاط واقع النكبة على إحدى العائلات اللندنية، والتي تمر بالظروف ذاتها التي مر بها الفلسطينيون. كما كان المركز قد أطلق حملة تطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار عن وعد بلفور وتعويض الفلسطينيين عن "جرائمها الاستعمارية".
كما ستعقد حملة "مشروع بلفور"، والتي تضم عدداً من الأكاديميين ورجال الدين وتطالب بتغيير في سياسات بريطانيا تجاه الشرق الأوسط، اجتماعاً عاماً في 21 أكتوبر/ تشرين الأول تحت شعار "وعد بريطانيا المكسور.. حان الوقت لمقاربة جديدة".
وسيتحدث الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سورية، مع مجموعة من الشخصيات البارزة عن وعد بلفور. وستنظم الأكاديمية البريطانية ندوة عن الوعد الذي يعتبره مؤرخون أحد أكبر أخطاء التاريخ الإمبراطوري البريطاني. ويضاف إلى ذلك قيام صالة فنية بتنظيم عدد من المناسبات الفنية تحت عنوان "قلب صفحة وعد بلفور"، مسلطة الضوء على الثقافة العربية والهوية الفلسطينية قبل عام 1948. كما جرى نقاش الذكرى المئوية للوعد في مجلس اللوردات البريطاني في يوليو/ تموز الماضي.
وتضاف إلى ما سبق جهود البعثة الفلسطينية في المملكة المتحدة ضمن حملتها الخاصة لإلقاء الضوء على آثار وعد بلفور على الفلسطينيين. وقد حاول الفلسطينيون مسبقاً وضع إعلانات في مترو الأنفاق وحافلات النقل العامة، ولكن سلطة المواصلات العامة اللندنية واجهت طلبهم بالرفض.
"الوعد المشؤوم" و"الخطيئة الأصلية"
إلى ذلك، نشرت صحيفة "ذا غارديان" مقالاً مطولاً، اليوم الثلاثاء، عن وعد بلفور، تذكر فيه الجذور التاريخية للوعد وانعكاساته على الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون، واصفة إياه بـ"الوعد المشؤوم". ووصفت الصحيفة ذات الميول اليسارية، والمناصرة لحزب العمال البريطاني، المعروف بتأييده للفلسطينيين، وعد بلفور بأنه "الخطيئة الأصلية" التي أدت إلى ظلم وحروب ودمار ضد الفلسطينيين، في ما أصبح يعرف لاحقاً باسم النكبة.
ورغم جهود الصحيفة لعدم الظهور بمظهر المعادي لإسرائيل، كي تتجنب الاتهامات بمعاداة السامية، إلا أنها انتقدت عجز الحكومة البريطانية عن الوقوف بجانب الفلسطينيين في الحصول على حقوقهم.
وعلقت "ذا غارديان" على موقف الحكومة البريطانية العام الماضي من ذكر وعد بلفور، حيث وصفته بأنه موقف دفاعي، "بريطانيا ستتطرق إلى المناسبة من دون الاحتفال بها. لأن إعلان بريطانيا كان مخطئاً لعدم دعم حقوق العرب إلى جانب اليهود"، تقول الصحيفة.
كما أن الحكومة البريطانية كانت قد رفضت الاعتذار لأن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مطالب أخرى نجمت عن السياسات الاستعمارية البريطانية في أماكن أخرى، مثل قبرص وكشمير.
وترى الصحيفة أيضاً أن تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، أعاد ترتيب أولويات بريطانيا الخارجية. وينعكس ذلك في انتقاد تيريزا ماي لوزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، عندما حذر من أن المستوطنات الإسرائيلية "ستؤدي إلى دولة واحدة واحتلال دائم"، على خلفية تصويت مجلس الأمن لصالح تمرير القرار 2334، الذي أكد على عدم شرعية المستوطنات في القانون الدولي.
ووجهت الاتهامات حينها لماي بأنها، مدفوعة بمحاولتها الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي، تحاول كسب ود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والذي كان قد تم انتخابه حينها ليخلف باراك أوباما. وسرعان ما وجهت ماي الدعوة لنتنياهو إلى لندن لإحياء الذكرى المئوية، التي قالت إن بريطانيا ستحييها "بفخر".
كما كان الرد الرسمي على حملة الاعتذار عن بلفور التي قام بها مركز العودة الفلسطيني، ونالت توقيع 13.600 شخص في إبريل/ نيسان الماضي، أن الحكومة "فخورة بدورها في قيام دولة إسرائيل". وأضافت أن "تأسيس وطن لليهود في أرض امتلكوا روابط دينية وتاريخية معها كان الأمر الصحيح والأخلاقي، وخاصة على خلفية قرون من الاضطهاد الذي تعرضوا له"، متجاهلة بذلك المآسي التي جلبها هذا الوعد للفلسطينيين.