يستمر جدل السلاح بالولايات المتحدة، بعد طريقة تنفيذ مرتكب اعتداء لاس فيغاس جريمته، على جمعٍ من البشر، وكأنّه يستخدم سلاحاً آلياً، حيث أبدى الاتحاد القومي الأميركي للأسلحة، استعداده لفرض قيود على شراء أجزاء معيّنة، الأمر الذي يعارضه آخرون.
وكانت الشرطة قد ذكرت أنّ منفذ الهجوم ستيفن بادوك، زوّد 12 قطعة من أسلحته بتلك الأجزاء التي تمكّن البنادق نصف الآلية من العمل وكأنّها أسلحة آلية بالكامل.
وقالت السلطات، إنّ بادوك تمكّن من إطلاق مئات الأعيرة النارية في الدقيقة على مدى عشر دقائق، من جناحه في الطابق الثاني والثلاثين من فندق "ماندالاي باي"، وهو ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى وصل إلى 58، إضافة إلى مئات الجرحى. وانتحر بادوك (64 عاماً) قبل أن تقتحم الشرطة جناحه.
ووقعت المذبحة، مساء يوم الأحد، واعتبرت أدمى واقعة إطلاق نار في التاريخ الأميركي الحديث.
وفي السياق، قال الاتحاد القومي للأسلحة الذي يحظى بنفوذ واسع، والذي عارض بشدة خطوات لتشديد القوانين الرامية للحد من استخدام الأسلحة، بعد مذبحة أورلاندو وغيرها، إنّ تلك الأجزاء التي تحوّل السلاح إلى سلاح آلي بالكامل "ستخضع للوائح إضافية".
وقال بول رايان رئيس مجلس النواب، إنّ "هذا بالقطع شيء نحتاج النظر فيه... لم أكن حتى أعرف ما هي هذه الأجزاء حتى هذا الأسبوع".
لكن العديد من الجمهوريين التزموا الصمت بشأن مسألة السيطرة على السلاح، مع إصرار الرئيس دونالد ترامب على أنّ الوقت "ليس مناسباً" لمناقشة التغييرات التي تطرأ على القانون.
لكن ترامب الذي كان مناصراً قوياً لحقوق حيازة السلاح خلال حملته الرئاسية، لمّح إلى أنّه لا يعارض فرض قيود على أجزاء السلاح تلك، فحين سأله صحافيون عمّا إن كان ينبغي حظرها، قال "سننظر في ذلك، خلال الفترة القصيرة القادمة".
تاجر الأسلحة يدافع
من جهته، دافع تاجر الأسلحة النارية ديفيد فاميغليتي الذي باع "عدة" بنادق إلى بادوك عن متجره، قائلاً إنّه لا توجد "خطوط حمراء" قد تمنع البيع، مشيراً إلى أنّ المبيعات إلى منفّذ اعتداء لاس فيغاس أُجريت "بشكل قانوني".
واعترف فاميغليتي بأنّ موظفيه باعوا "عدداً قليلاً من البنادق هذا العام" إلى بادوك، مضيفاً لمجلة "نيويوركر" أنّه باع الأخير، "بندقية مع مجموعة فعالة من 30 ياردة، وبندقية لا تجعل متجري يظهر وكأنّه يبيع مدفعاً رشاشاً، أو تمكّنه بشكل قانوني أو غير قانوني، وبأي طريقة، من إطلاق النار أكثر من دفعة واحدة لكل سحب من الزناد".
وقال تاجر السلاح، لشبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، إنّ بادوك سبق وزار متجره في الربيع، وفي مقابلة منفصلة قال لـ"بي بي سي" البريطانية، إنّ الأسلحة التي اشتراها القاتل من متجره لم تكن "بحجم ما رأيناه وسمعنا في الفيديو، من دون إدخال تعديلات عليها".
وشدد فاميغليتي، على أنّ متجره يتعاون على أكمل وجه، مع جميع وكالات تنفيذ القانون، في التحقيقات حول بادوك. وأضاف أنّ "جميع الموظفين يأخذون مهمتهم على محمل الجد، وإذا كان هناك أي خطوط حمراء خلال هذه الصفقة، وأي أخرى مشابهة، كان سيتم إيقافها فوراً".
كما اعتبر التاجر، وهو مؤيد بشدة للحق الدستوري في حمل السلاح، أنّه من المحبط أن يصر الناس على إلقاء اللوم على "الأدوات" بدلاً من الشخص الذي يسحب الزناد.
وأضاف "أبيع الأسلحة، 99 في المائة من الوقت، وتُستخدم بشكل قانوني. لا أتحمّل مسؤولية الباقي، للأسف، تماماً مثلما لا يمكن للرئيس التنفيذي لشركة فورد أو شيفروليه وقف قتل الناس الآخرين بسياراتهم".
ووصف فاميغليتي، بادوك، بأنّه "مجنون"، قائلاً إنّ "لاس فيغاس، وخاصة الساحة الضيقة، هي بيئة غنية جداً لهدف القتل الجماعي".
ويشير تحليل الفيديو لإطلاق النار، أنّه خلال مدة عشر ثوان، أطلق بادوك نحو تسعين مرة على حشد من الناس بمهرجان موسيقي، وذلك لم يكن ليكون متاحاً القيام به من دون سلاح آلي.
التحقيقات مستمرة
إلى ذلك، شارك الآلاف في تجمّع بالشموع، أمس الخميس، تعبيراً عن الحزن لوفاة أحد ضباط شرطة لاس فيغاس وعضو في حرس نيفادا الوطني، كان بين قتلى المذبحة التي وقعت خلال الحفل الموسيقي بينما كان يؤدي عمله.
ولا يزال المحققون، يحاولون معرفة ما الذي دفع المتقاعد الثري بادوك، لتكديس ما يقرب من 50 قطعة سلاح ناري، وآلاف من الذخيرة، وعدد من العبوات الناسفة، قبل أن يفتح النار على الحفل الذي كان يحضره 20 ألف شخص.
وأشارت تقارير إلى أنّ بادوك ربما استهدف مواقع أخرى في شيكاغو أو بوسطن، قبل أن يقوم بفعلته في لاس فيغاس.
واستجوب مكتب التحقيقات الاتحادي، يوم الأربعاء، ماريلو دانلي صديقة بادوك البالغة من العمر 62 عاماً، والتي قالت إنّه لم يكن لديها أدنى علم بمخططات صديقها. وكانت دانلي قد عادت إلى الولايات المتحدة، في ساعة متأخرة يوم الثلاثاء، بعد زيارة عائلية في الفلبين.
ودانلي أسترالية من أصل فلبيني، وقال محاميها، إنّها تبدي تعاوناً كاملاً مع السلطات. وكانت تقيم مع بادوك في شقة بمجمع سكني للمتقاعدين في ميسكيت بولاية نيفادا، على بعد حوالي 145 كيلومتراً شمال شرقي لاس فيغاس. وقد غادرت الولايات المتحدة إلى الفلبين في منتصف سبتمبر/ أيلول.
وسألها المحققون عن مشتريات بادوك من السلاح، وعن حوالة مصرفية بقيمة 100 ألف دولار لحساب في الفلبين، يظن المحققون أنّه ربما حولها لها، كما سألوها عمّا إن كانت قد لمست أي تغيّر على سلوكه.