بوتين في طهران اليوم: سورية والنووي الإيراني والتعاون الاقتصادي

طهران

فرح الزمان شوقي

avata
فرح الزمان شوقي
موسكو

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
01 نوفمبر 2017
2CD88781-388A-4E4F-ADE7-34962B5DE7C8
+ الخط -


يتوجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، إلى طهران، بزيارة عمل للمشاركة بلقاء ثلاثي مع كل من الرئيسين الإيراني حسن روحاني، والأذربيجاني إلهام علييف، كما يلتقي خلالها مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

وفضلاً عن مشاريع اقتصادية مشتركة، ستتركّز محادثات بوتين في طهران، على الوضع في سورية، والملف النووي الإيراني، وفق ما أكد الكرملين، عشية الزيارة.

وقال الكرملين، في بيان، مساء الثلاثاء، إنّه "في إطار لقاءات الرئيس الروسي مع القيادة الإيرانية، تقرر تناول طيف واسع من القضايا على الأجندة الدولية، بما فيها قضايا إقليمية ملحّة والوضع في سورية. تقرّر أيضاً بحث قضايا خطة العمل الشاملة المشتركة حول البرنامج النووي الإيراني".

وفي إطار المحادثات الثلاثية، سيتم التركيز على التعاون في قطاع الطاقة، ومشاريع بنى تحتية كبرى، مثل بناء السكة الحديدية للفرع الغربي من ممر النقل "الشمال - الجنوب".

وأكد رئيس شركة "روس آتوم" الروسية أليكسي ليخاتشوف، عشية زيارة بوتين، استعداد الشركة لتزويد إيران بجميع منتجاتها خارج مجال الطاقة؛ مثل الطب النووي وتكنولوجيا الزراعة وتحلية المياه. وشارك ليخاتشوف في مراسم تدشين أعمال بناء وحدة الطاقة الثانية بمحطة بوشهر النووية.

ويعقد بوتين لقاءات ثنائية، مع كل من روحاني، وخامنئي، هو ما يعطي الزيارة طابعاً سياسياً إضافياً، على غرار ما حدث خلال زيارته السابقة لطهران، في نوفمبر/ تشرين الثاني، قبل عامين، حين حضر للمشاركة في قمة منظمة الدول المصدرة للغاز التي كانت إيران تترأس دورتها آنذاك، وهو ما جعلها كما الزيارة الحالية ذات طابع اقتصادي وسياسي إقليمي.

ما أهداف الاجتماع الثلاثي؟

وصفت مواقع إيرانية الاجتماع بين رؤساء روسيا وأذربيجان وإيران، بأنّه يحمل أهدافاً خاصة وسينطلق من أرضيات مشتركة، وهو الذي كان من المفترض أن يُعقد الصيف الماضي، لكن تم تأجيله لعدة أسباب، منها تأخر التحضيرات.

هي ليست المرة الأولى التي يُعقد فيها اجتماع من هذا القبيل، ففي أغسطس/ آب العام الماضي، استقبلت العاصمة الأذربيجانية باكو، قمة بين ذات الأطراف، وركزت على رفع مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بينها.

وانطلق بوتين من قاعدة ضرورة عقد المزيد من الصفقات، لتشمل قطاعي الطاقة والنقل ومشاريع مشتركة في بحر قزوين الذي تطل عليه البلدان الثلاثة، فيما رأى روحاني أنّ اجتماع باكو ساهم في فتح حوار حول القضايا الإقليمية، مؤكداً على استراتيجية العلاقات الإيرانية الروسية، وعلى "التعاون الذي بات أهم بكثير من السابق بسبب الملف السوري"، بحسب قوله، وانتهى الاجتماع بتوقيع إيران وأذربيجان ست اتفاقيات تعاون.

ومن المتوقع أن يستكمل اللقاء الثلاثي، اليوم الأربعاء، البحث في ذات العناوين، بينما تعرض إيران هذه المرة، ملف اتفاقها النووي مع السداسية الدولية، والمهدّد استمراره تحت ضغوطات الإدارة الأميركية. وفي الوقت عينه، يبدو أنّ إيران ومعها روسيا، لا تترددان في كسب الوقت لحصد نتائج الاتفاق الاقتصادية.


على جانب آخر، مازال ملف تقسيم مياه بحر قزوين، وآليات استخراج ثرواته، ملفاً جدلياً بين الأطراف الثلاثة، وتعوّل إيران على الاجتماع الثلاثي، لتجاوز اعتراض باكو على تدوين قانون لتقسيم الحقوق.

كما تسعى طهران لتشكيل منظمة تعاون الدول المطلة على بحر قزوين، وهو ما قد ينعش المشاريع الاقتصادية في تلك المنطقة الغنية، ويفتح باب الحوار حول آليات استخراج النفط من البحر من قبل أذربيجان وتركمانستان خاصة، اللتين ترفعان بشكل أو بآخر من مستوى تلوثه، وتسعى روسيا وإيران من طرفهما أن تقدما تجربتهما من خلال مشاريع استثمارية لحل تلك المشكلة.

الملف الآخر الذي يبحثه الاجتماع الثلاثي، يرتبط بإيجاد ممر ممتد من الشمال للجنوب، يصل منطقة الدول الخليجية، وشبه القارة الهندية جنوباً بروسيا شمالاً، ويمرّ من إيران عبر أذربيجان إلى روسيا، وهو ما يحتاج لبنى تحتية وتخطيط دقيق.

يشكّل الاجتماع الثلاثي، اليوم الأربعاء، فرصة لموسكو، كي تتقارب مع دول حوض القوقاز والشرق الأوسط، وهي التي تتعرض لعقوبات غربية، وتحقّق أهدافاً سياسية واقتصادية على حد سواء، قد تساهم بتمكين العلاقات وتقوية الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي.

أما من الجهة الأذربيجانية، فتعوّل باكو على التقارب مع روسيا، بما يقلّل الضغط عليها فيما يتعلّق بمسألة إقليم قره باغ أو ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه مع أرمينيا. ولطالما حاولت أذربيجان الحصول على الدعم الغربي والأوروبي، فيما وقفت روسيا مع أرمينيا، لكن موسكو في الوقت الحالي، تعمل لتعزيز العلاقات مع منطقة القوقاز الجنوبية، ومع أذربيجان، وهو ما قد يصب لصالح الأخيرة.


ما العناوين على الطاولة الإيرانية الروسية؟

ستركّز لقاءات بوتين، مع صناع القرار في إيران، وعلى رأسهم المرشد علي خامنئي، على التعاون الإقليمي المرتبط بالملف السوري بالدرجة الأولى.

حين زار بوتين طهران قبل نحو عامين، شدد مع المسؤولين الإيرانيين، على ضرورة إنهاء التدخل الخارجي في سورية، واتفقا معاً على رفع مستوى التنسيق الأمني والعسكري والسياسي، وهو ما طُبّق عملياً في الفترة السابقة.

ومازالت التقاطعات بين إيران وروسيا كثيرة، حين يدور الحديث عن الملف السوري، مع دعوة روسيا، أمس الثلاثاء، لاستضافة مؤتمر حول سورية في مدينة سوتشي، ما يعني أنّ الطاولة الإيرانية الروسية ستبحث قطعاً عناوينه العريضة.

ومن المرجّح أن تحضر أيضاً في البحث، مقررات اجتماعات أستانة، وسير عملية تطبيق اتفاق مناطق "خفض التصعيد" في سورية، فضلاً عن عنوان المليشيات الأجنبية المتواجدة ميدانياً وآليات مغادرتها من عدمه.

قد يختلف الطرفان فيما يتعلّق بمسألة أكراد سورية، فلا تعارض موسكو تشكيل فدرالية كردية في هذا البلد، وهو ما ترفضه إيران وتركيا جملة وتفصيلاً، وقد يكون هذا أحد العناوين التي ستبحث خلف أبواب مغلقة مع المسؤولين في طهران، كونه سيتم التركيز علناً على التقاطعات والعلاقات الاستراتيجية.

ما الفوائد التي يجنيها الطرفان؟

التقارب الإيراني الروسي عاد على طهران بالنفع، ومالت الكفة لصالح تدخلها في سورية، فضلاً عن دعم الملف النووي الذي أعاده التراشق الإيراني الأميركي للواجهة مجدداً. وتؤكد موسكو إلى جانب الاتحاد الأوروبي، في الوقت الحالي، على ضرورة استمرار العمل به، رغم مساعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التصعيدية.

من ناحية روسيا، يحتاج بوتين لعلاقاته الاقتصادية مع طهران، ومنطقة بحر قزوين، ويعوّل على نجاحه في الملف السوري، في وقت اقترب سباق الاستحقاق الرئاسي الروسي، وهو ما يتزامن وعقوبات غربية وضغوطات اقتصادية، ومشكلات مع الولايات المتحدة الأميركية.

لكن مع كل هذا التقارب الإيراني الروسي، لا يمكن وصف العلاقات إلا على شاكلة تحالف الضرورة، فأربعة عقود من العداء التاريخي والاختلاف الإيديولوجي بين الطرفين، لم تمنع بناء نوع من الشراكة الضرورية.

وقد انتقلت العلاقات بين طهران وموسكو إلى مستوى جديد بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وباتت إيران الشريك الثالث عسكرياً لروسيا بعد الصين والهند.

كما أنّ إيران شريك اقتصادي لروسيا، تتعاون معها في قطاعات عدة وعلى رأسها القطاع النووي، في وقت رفعت فيه الملفات الإقليمية من مستوى التنسيق بينهما، ما يجعل الأمور تتجه نحو مزيد من التقارب.


ذات صلة

الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة