تتّجه الأنظار، مساء اليوم الخميس، إلى القصر الرئاسي "بيلفيو" في برلين، حيث سيلتقي الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بزعماء الاتحاد المسيحي، المكوّن من "المسيحي الديمقراطي"، بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، وحزبه "الشقيق الاجتماعي المسيحي"، بزعامة هورست زيهوفر؛ مع زعيم "الاشتراكي الديمقراطي"، مارتن شولتز، لبحث إمكانية العودة لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بين الحزبين التقليديين أو ما بات يعرف "غروكو".
ومع تعثر مفاوضات "جامايكا"، التي ضمت "الاتحاد المسيحي" و"الليبرالي الحر" و"الخضر"، والتي استمرت لأكثر من شهر؛ يسعى الرئيس شتاينماير للعب دور الوساطة بين الحزبين، اللّذين يتمتعان بالغالبية البرلمانية، والهدف من ذلك تأمين الاستقرار للحكومة الجديدة.
ويأمل الجميع أن يتمكن شتاينماير، في اجتماع قصر بيلفيو، بإحداث خرق في جدار الأزمة، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، من دون الحديث عن كثير من التوقعات في جلسة الليلة.
انطلاقاً من "الاشتراكي"، وفي تصريحاته الأخيرة، يردد أنه ذاهب للتشاور فقط وتلبية لدعوة الرئيس شتاينماير، فيما المستشارة عبرت صراحة عن عدم رغبتها تشكيل حكومة أقلية وحددت المبادئ التوجيهية للتحالف مع الاشتراكي، والسبب أن ألمانيا بحاجة إلى حكومة مستقرة، وذلك لا يتناسب مع دور ألمانيا في أوروبا.
في الواقع، ليس لدى الأطراف الثلاثة هامش كبير للمناورة والتكتيكات ضعيفة للتوصل إلى حل وسط لإعادة إطلاق تحالف الأسود والأحمر(المسيحي يرمز إليه باللون الأسود، والاشتراكي بالأحمر)، لأن ميركل تعرف أنّ الأفق يضيق أمامها ومكانتها تزعزعت على المستوى الأوروبي بعدما صنعت خلال الثلاث ولايات السابقة إنجازات لألمانيا ومعالجة أزمات أوروبا ما مكنها لأكثر من مرة من إحراز لقب أقوى امراة في العالم، فيما زعيم "الاجتماعي المسيحي" الحزب الشقيق لحزب ميركل زيهوفر، في وضع حرج ويعيش مرحلة من الإحباط ويدرك الحظوظ الكبيرة لوزير ماليته في حكومة بافاريا ماركوس سودر، الذي يزاحمه على منصب رئاسة الوزراء في الولاية وعليه أن يفعل ما بوسعه لوقف تقدمه صوبه.
أمّا "الاشتراكي" بزعامة شولتز، فيحاول لملمة صفوفه والبحث عن مخارج واقعية تسمح له بالعودة عن قراره باللجوء إلى المعارضة، بعد أن حقق أسوأ نتيجة انتخابات برلمانية في تاريخ الحزب، التي لم تتخطَ 20.5 في المائة، ومن دون أن يخسر زعيمه كثيراً من مصداقيته، وهو الذي يتحضر، الأسبوع المقبل، خلال مؤتمر الحزب لإعادة انتخابه رئيساً بعدما تم ترشيحه مجدداً من قبل قادة الحزب للاستمرار في زعامة الحزب، وهو يأمل أن يحظى بإجماع أصوات المندوبين إلا أن الترجيحات تعطيه الأغلبية فقط.
وعليه، فإن التحالف الكبير لا يمكن أن يكتمل بنسخته الجديدة إلا إذا قدم المتحاورون كثيراً من التنازلات، في ظل الاختلافات الكبيرة في التوجهات العامة لدى قيادة الحزبين، وفي كثير من الملفات ليس أقلها العدالة الاجتماعية والضريبة على الثروات، والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء، ومعالجة ملف اللاجئين، بحيث المطلوب الركون إلى طروحات عملية وبناءة مع وقف انتقادات كل طرف تجاه الآخر.