حققت فصائل المعارضة مزيداً من التقدم في حماة، مع إطلاقها معركة جديدة في ريف المحافظة الشمالي الغربي، لتصبح بعد أيام من بدء المعارك على تماس مباشر بالنقاط الصعبة لقوات النظام، المتمثلة بجبل زين العابدين ومطار حماة ومدينة حماة نفسها، فضلاً عن بلدة قمحانة، التي باشرت الفصائل محاولات اقتحامها وصدت محاولات لقوات النظام لاستعادة احدى القرى.
في ريف حماة الشمالي، سيطرت فصائل المعارضة، أمس الجمعة، على قرية زور القصيعية في ريف حماة الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمليشيات الموالية لها. كما دمّرت دبابة "تي 72" لقوات النظام بصاروخ مضاد للدروع جنوب غربي قرية معرزاف في ريف حماة الغربي. كما قصفت الفصائل بالمدفعية الثقيلة تجمعات قوات النظام في قرية التويم بريف حماة الغربي.
في غضون ذلك، تواصلت الاشتباكات في بلدة قمحانة، التي توصف بأنها موالية للنظام ومصدر رئيسي لشبيحته في محافظة حماة. وقال مصدر في "جيش العزة" التابع للمعارضة لـ"العربي الجديد" إن "الفصائل تمكّنت من كسر الخطوط الأولى لدفاعات قوات النظام في البلدة وسيطرت على أجزاء منها"، مؤكّداً أن "العمل يتم على أكثر من محور وفقاً لخطة منظمة ومدروسة مسبقاً".
وأوضح أن "اشتباكات عنيفة دارت في ساحة الكراج والحارة الشرقية داخل قمحانة، إثر تقدّم المعارضة على هذا المحور" كاشفاً أن "هناك انهيارا ملحوظا في الخطوط الدفاعية لقوات النظام والمليشيات المحلية داخل البلدة، مع انسحابات لقوات النظام نحو الأوتوستراد الرئيسي جنوب شرقي البلدة".
وكانت وكالة "إباء" التابعة للمعارضة، أكدت "وصول تعزيزات عسكرية كبيرة من هيئة تحرير الشام إلى محيط بلدة قمحانة التي تسيطر على الطريق الدولي بين حلب وحمص، وذلك بعد أن كانت الهيئة استهدفت بعربة ملغمة مواقع لقوات النظام السوري وسط البلدة، التي يفصلها أقل من كيلومترين عن جبل زين العابدين، أبرز الخطوط الدفاعية عن مدينة حماة". وأفادت مصادر المعارضة أن "الفصائل المسلحة صدّت ست محاولات لقوات النظام لاستعادة السيطرة على قرية كوكب في المنطقة".
في غضون ذلك، أعلنت فصائل من المعارضة المسلحة، بعضها لم ينخرط في القتال حتى الآن، عن بدء معركة موازية في محيط مدينة كرناز بريف حماة الشمالي الغربي، أطلقت عليها اسم "صدى الشام"، بدأت باستهداف قرية المغير وحاجز الصخر. وأكدت مصادر عسكرية سيطرة فصائل المعارضة أمس، على قرية الصخر إثر اشتباكات مع قوات النظام أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوفها.
في هذا الإطار، ذكر المتحدث العسكري لجيش النصر، أحد فصائل الجيش السوري الحر، محمد راشد، لـ"العربي الجديد"، أنه "تمّ أسر العديد من قوات النظام والمليشيات الأجنبية الموالية له في تلك المنطقة، إضافة إلى تدمير دبابتين تابعتين لقوات النظام على طريق أوتوستراد محردة - حماة، و4 دبابات أخرى في حواجز النظام بقرية خربة الحجامة بمنطقة صوران، كما سيطر مقاتلو المعارضة على كمية من الذخائر ومستودعات للأسلحة".
وأضاف راشد أن "المعركة تهدف في المرحلة الأولى للسيطرة على قرى الحماميات وبريديج والمغير، التي تعدّ خطوط الدفاع الأولى لقوات النظام في المنطقة. ويشارك فيها كل من حركة أحرار الشام الإسلامية، وفيلق الشام، وجيش النصر، وأجناد الشام التابعين للجيش الحر". وقال ناشطون إن "المعركة في هذه المنطقة صعبة بعض الشيء، لكون مدينة كرناز محاطة ثلاث قواعد عسكرية لقوات النظام، تعدّ الكبرى في المنطقة، وهي: المغير والحماميات وبريديج، إلى جانب حاجز قرية الصخر، ولم تنجح المعارضة في السيطرة عليها في مرات سابقة".
وتمكنت الفصائل عبر عملياتها، خلال الأيام الماضية، من قطع طرق إمداد هامة لقوات النظام في المنطقة الوسطى من سورية، أبرزها طريق حماة - محردة الواصل إلى سهل الغاب، وطريق حمص - السلمية، الذي يعتبر طريق إمدادها الرئيسي من حمص إلى ريف حماة الشرقي.
وسيطرت المعارضة خلال العمليات التي بدأت في الريف الشمالي من حماة، قبل ثلاثة أيام، على بلدات معردس، والمجدل، وشيزر، إضافة إلى 13 قرية بينها خطاب، وكفر عميم، وخربة الحجامة، وصوبين. ووفقاً لراشد، فقد "وصلت قوات المعارضة بعد العمليات الأخيرة إلى مسافة ثلاثة كيلومترات من مركز مدينة حماة، وأصبحت على مقربة من مطار حماة العسكري".
في المقابل، شنّت المقاتلات الحربية التابعة لسلاح الجو الروسي غارات جوية مركزّة على الأحياء السكنية في مدينة حلفايا بريف حماة الشمالي، وتسبب القصف بجرح عدد من المدنيين، بينهم أطفال ونساء. ورأى بعض المراقبين أن هجوم المعارضة قد يثمر في النهاية عن السيطرة على مدينة حماة بالكامل، باستثناء بلدات معينة سيتم التفاهم عليها مع الجانب الروسي، على نحو ما حصل في بلدة محردة مع توقعات بأن تشمل هذه "التفاهمات" بلدة أخرى مثل السقيلبية وكفربو وسلمية.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر محلية أن التيار الكهربائي انقطع عن جميع مناطق الشمال السوري نتيجة القصف الروسي لخط "حماة ــ الزربة" في ريف حماة الشمالي، وسط البلاد. وأوضحت المصادر أن "طائرات روسية قصفت الخط الواقع قرب مدينة صوران (18 كيلومتراً شمال مدينة حماة) ما أدى لتعطله، من دون وجود إمكانية في الوقت الحالي لدخول ورشات الصيانة، نتيجة استمرار القصف والأعمال العسكرية".
في جبهة العاصمة دمشق، كثفت قوات النظام وطيرانه الحربي من عمليات القصف على منطقتي جوبر والقابون ومجمل بلدات الغوطة الشرقية، في إطار محاولاتها استعادة المناطق التي خسرتها لصالح قوات المعارضة في شرق دمشق.
وأشارت مصادر موالية للنظام إلى أن "اشتباكات عنيفة دارت بين قوات النظام ومقاتلي الفصائل في محور شارع الحافظ وسط قصف شديد من مدفعية النظام". وأضافت أن "الطيران الحربي شنّ غارات عدة على بلدة زملكا بالغوطة الشرقية، بينما تم قصف جوبر بالمدفعية، في حين أُطلقت صواريخ أرض - أرض قصيرة المدى، شديدة التأثير على حي القابون". كما ذكرت أنه "سقطت قذائف عدة في جرمانا الخاضعة لسيطرة قوات النظام مصدرها مواقع المعارضة".
من جانبها، نفت مصادر المعارضة ما ذكرته وسائل إعلام النظام بشأن سيطرة قواته على الكراجات ومعامل عدة في المنطقة، مؤكدة أن الفصائل لم تتراجع عن المناطق التي سيطرت عليها مع انطلاق المعركة. مع العلم أن الفصائل المقاتلة سيطرت على أبنية جديدة في محيط كراجات العباسيين شرقي دمشق، ما جعلها تسيطر نارياً على أجزاء من شارع فارس الخوري وأوتوستراد العدوي. وأفادت مصادر محلية أن "النظام استقدم مليشيا النجباء العراقية، بهدف الانتشار على محاور عدة في شرق العاصمة، وبثّ المكتب الإعلامي للمليشيا صوراً تظهر مقاتليها في ساحة العباسيين وشارع فارس الخوري".
وفي جنوب البلاد، أعلن "جيش أحرار العشائر" سيطرته على منطقة حوش حماد في محافظة درعا بعد انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منها. وقال متحدث باسم هذا الجيش إن "التنظيم انسحب من المنطقة إلى منطقة الحرش في محافظة السويداء، إثر معركة بين الجانبين مخلفا وراءه بعض الأسلحة.
في محافظة القنيطرة، أحبط مقاتلو المعارضة، محاولة قوات النظام والمليشيات الأجنبية التقدم في محيط بلدة مسحرة في ريف المحافظة، بعد اشتباكات بين الجانبين خلفت قتلى وجرحى في صفوف النظام وفق ما أعلنت المعارضة.
من جهتها، قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة الأحياء السكنية في بلدة مسحرة ما خلف أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين. وذكرت مصادر موالية، أن "قوات النظام استهدفت بالرشاشات الثقيلة ما وصفته بتحركات المسلحين داخل وعلى أطراف قرية الحميدية بريف القنيطرة".