مع تصاعد الحرب التي تشنها قوى محلية وإقليمية ودولية عديدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية والعراق، وبعد الضربة الصاروخية الأميركية الأخيرة على مطار الشعيرات في ريف حمص، يتزايد الحديث عن إمكانية تدخل إقليمي مدعوم من الولايات المتحدة في الجنوب السوري بهدف محاربة "داعش" وإقامة مناطق آمنة هناك. وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر صحافية عن وجود خطط لعمليات أردنية-أميركية-بريطانية مشتركة، لمواجهة التنظيمات المتشددة والتمدد الإيراني في الجنوب السوري في الآن معاً، انطلاقاً من تصريح سابق لملك الأردن عبدالله الثاني، قال فيه لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أخيراً، أنه بعد طرد تنظيم "داعش" من الرقة قد يتوجه عناصره إلى الجنوب، مؤكداً استعداد الأردن لمواجهة هذا التحدي بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وذكر القيادي في "الجيش الحر" أن "الأمر الآخر المهم هو أنه لا يوجد حالياً فكرة حل شامل ونهائي في سورية، وهذه المناطق (ستكون) انتقالية ريثما يتم التوصل إلى حل"، وفق تعبيره. ولفت العاسمي إلى أنه لا توجد جهة في المعارضة مؤهلة لإدارة هذه المنطقة. وسبب ذلك يتمثل في نظره، بكون "القوى الخارجية لا تريد دعم أي فصيل محدد في الداخل السوري حتى لا يستقطب القوى الأخرى ويصبح لديه استقلالية ويكون أقل امتثالاً للإملاءات الخارجية". وفي هذا الصدد، لفت إلى أن "الأمر نفسه ينطبق على النظام أيضاً، إذ تعمد القوى الخارجية إلى إضعافه كلما شعر بقوته وقدرته على اتخاذ قرارات مستقلة، ومن هذا المنطلق من غير المستبعد أن تكون الضربة الأميركية الأخيرة للنظام في إطار تفاهم ما مع روسيا لجعل النظام يعود إلى الحضن الروسي ويبتعد عن إيران ومليشياتها"، بحسب تقدير العاسمي.
وفي ما يتعلق بالتدخل العسكري في جنوب سورية، رأى العاسمي أن هذا التدخل المحتمل له علاقة بشكل رئيسي بـ"الحفاظ على مصالح إسرائيل، في ضوء تمدد إيران عبر حرسها الثوري وحزب الله والمليشيات الأخرى في المنطقة الجنوبية، وهو ما دعا روسيا إلى تخفيف غاراتها نسبياً على المنطقة الجنوبية حتى لا تنفجر المنطقة وتتأذى إسرائيل"، وذلك بهدف إيجاد منطقة مستقرة لمصلحة كل من دولة الاحتلال والأردن، حسب تعبيره. واعتبر أن التدخل العسكري في الجنوب السوري أمر وارد، مشيراً إلى وجود قوات جاهزة في الأردن لمثل هذا التدخل، تشرف عليها الولايات المتحدة وبريطانيا، قوامها جنود أردنيون وربما سعوديون، وفق قوله.
وكان الملك عبدلله الثاني قد صرّح قبل أيام بأن وجود "الحرس الثوري الإيراني" على بعد 70 كيلومتراً من حدود الأردن لا يعد خبراً ساراً، ملمحاً إلى أن ذلك يعتبراً تهديداً للأردن وإسرائيل على السواء.
غير أن المتحدث باسم قيادة المنطقة الجنوبية في "الجيش السوري الحر"، عصام الريّس، استبعد وقوع مثل هذا التدخل. وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن فصائل المعارضة "لم تسمع حتى الآن بأية تعديلات أو خطط من هذا النوع"، معرباً عن اعتقاده بأن الأمر يتعلق بمجرد "شائعات لا تستند إلى واقع"، وفق تعبيره. ورأى أن الحديث عن إقامة مناطق آمنة في سورية لا يزال قيد البحث ويحتاج إلى وقت طويل حتى تتضح آلياته.
في المقابل، قال قائد لواء "تجمع توحيد الأمة"، أحد قادة الفصائل التي تقاتل "داعش" في المنطقة الجنوبية، ويدعى خالد الفراج (يُلقّب بأبو عدي)، لـ"العربي الجديد"، إنه من خلال متابعة الوضع ميدانياً على الحدود مع الأردن لم يلاحظ عناصره أي حشد عسكري جديد في الجانب الأردني، لافتاً إلى أن القوات المنتشرة هناك موجودة منذ فترة وهدفها حماية حدود الأردن إزاء المواجهات التي تحصل على الجانب السوري من الحدود. وحول عجز فصائل المعارضة حتى الآن عن القضاء على أنصار "داعش" في حوض اليرموك، ذكر أن الفصائل لم تتمكن بعد من استرجاع أي من المناطق التي اجتاحها "جيش خالد" المبايع لتنظيم "داعش" في الآونة الأخيرة، ولكنها "تمتلك خططاً ستبصر النور قريباً لاسترجاع حوض اليرموك بشكل كامل"، حسب قوله. وأشار إلى الدور السلبي الذي تقوم به "غرفة عمليات الموك" في إضعاف بعض فصائل "الجيش الحر" وتقوية أخرى، خدمةً لأجندات بعض القوى الخارجية في المنطقة الجنوبية. وأكد أن هناك فصائل في الجنوب تتلقى مساعدات من "غرفة الموك" عسكرياً ومالياً وأخرى تتلقى رواتب فقط وثالثة من بينها فصيله (تجمّع توحيد الأمة) لا تتلقى شيئاً، وفق قوله.