ولد الشيخ أحمد ومقترح الرواتب: قبول الشرعية اليمنية ورفض الانقلابيين

11 يونيو 2017
وباء الكوليرا حصد أرواح مئات اليمنيين (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من جديد، تحريك المياه الراكدة بالأزمة اليمنية، من بوابة "الرواتب" والوضع الإنساني، لكن الواقع اليمني يبدو أكثر تعقيداً من إمكانية تحقيق اختراق مباشر في جدار الأزمة، على الرغم من أن التطورات دفعت الحكومة الشرعية، إلى موقفٍ يجعلها أكثر قابلية على تقديم التنازلات.

وكان ولد الشيخ أحمد بدأ جولته الجديدة في المنطقة الأربعاء الماضي، من العاصمة الأردنية عمّان، قبل أن ينتقل إلى العاصمة السعودية الرياض، التي عقد فيها لقاءً مع الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي. وأفادت مصادر يمنية قريبة من الحكومة لـ"العربي الجديد"، أن اللقاءات من المقرر أن تشمل السلك الدبلوماسي من السفراء المعتمدين لدى اليمن والموجودين في الرياض، بالإضافة إلى مسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السعودية. وقالت المصادر إن ولد الشيخ أحمد في جولته الجديدة، يعرض رسمياً مقترحات أممية تتعلق بأزمة "الرواتب" التي لم يتسلمها أغلب الموظفين الحكوميين البالغ عددهم أكثر من مليون و200 ألف موظف، منذ سبتمبر/أيلول العام الماضي، خصوصاً في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها الموالين لعلي عبدالله صالح، بما فيها العاصمة صنعاء، وهي مناطق الكثافة السكانية في البلاد عموماً.

وتشير التسريبات إلى أن المقترح الأممي لأزمة "الرواتب" يتضمن إنشاء صندوق مستقل تشرف عليه الأمم المتحدة، يتولى تحصيل الإيرادات من أبرز المصادر شمالاً وجنوباً ويشرف على تسليم الرواتب للموظفين، والذين كانت رواتبهم قد انقطعت منذ صدور قرار الحكومة العام الماضي بنقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء (التي يسيطر عليها الحوثيون)، إلى عدن (العاصمة المؤقتة كما تسميها الحكومة). ومنذ انقطاع الرواتب، دخلت البلاد فصلاً هو الأخطر على صعيد الأزمة الإنسانية، أثّر على حياة الملايين في البلاد ووضع ما يقارب سبعة ملايين يمني على حافة المجاعة، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.

من زاوية أخرى، يتضمن الشق الآخر من المقترحات الأممية الجديدة، جانباً يتعلق بميناء مدينة الحديدة الحيوية غربي البلاد، والذي يعد المرفأ الأول في البلاد. وتتضمن المقترحات ما من شأنه أن يؤدي إلى إشراف أممي على الميناء، مقابل توقف الحكومة و"التحالف العربي" الذي تقوده السعودية عن القيام بعملية عسكرية في المدينة اليمنية المكتظة بالسكان. وكانت الحكومة و"التحالف" قد أعلنا في وقت سابق، أن الحديدة هي الهدف العسكري التالي بالساحل الغربي في اليمن.


وعلى غير العادة، خرج المبعوث الأممي من اللقاء الذي عقده مع الرئيس هادي يوم الخميس، مسروراً، وكتب على صفحته في موقع "تويتر"، قائلاً "اجتمعت مع فخامة الرئيس هادي وتحدثنا في الحلول المطروحة لحل الأزمة وقد لمست لديه إرادة قوية لحل أزمة الرواتب والتعاطي العاجل مع الكوليرا". والأخير هو الوباء الذي حصد أرواح مئات اليمنيين خلال الأسابيع الستة الماضية، بالإضافة إلى ما يقرب من 100 ألف مصاب، وفقاً لإحصائيات "منظمة الصحة العالمية" التي تشير إلى انتشار مضطرد للوباء.

وفي مقابل التفاؤل الذي خرج به المبعوث الأممي من لقائه بالرئيس اليمني في الرياض، لا يبدو الطريق سالكاً نحو صنعاء التي يحكمها الحوثيون وصالح. فمنذ أيام، اعتبر مسؤول حوثي أن ولد الشيخ أحمد "غير مرغوب به"، وذلك وفقاً لما صرح به رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" الذي يمثل واجهة سلطة الانقلابيين بصنعاء، صالح الصماد، أمام اجتماع نظمته جماعة الحوثيين تحت مسمى "عقلاء اليمن وحكمائها". وقال مخاطباً الحاضرين "نوجه عبركم رسائلنا للأمين العام للأمم المتحدة الذي جاء بولد الشيخ أحمد ليساومنا على ميناء الحديدة بالرواتب، نقول له وبصوت واحد إن مبعوثه غير مرغوب فيه بعد اليوم وإذا أرادت الأمم المتحدة أن تأتي بمبعوث جديد، عليه أن يتعامل مع الشعب اليمني بندية واحترام"، وفق تعبير الصماد.

يشار إلى أن الحوثيين وحلفاءهم صعّدوا منذ أشهر، من وتيرة انتقاداتهم للمبعوث الأممي، ووجهوا إليه اتهامات بالانحياز لـ"التحالف العربي"، واتهامات أخرى تصاعدت على هامش أزمة الرواتب وعجز الأمم المتحدة عن إلزام الحكومة الشرعية بدفع الرواتب. وتعرض موكب المبعوث الأممي لإطلاق نار في صنعاء الشهر الماضي. وفي مقابل ذلك، فإن الحكومة الشرعية أو المعترف بها دولياً تمر بموقف حرج يدفعها لتقديم تنازلات، بعد التطورات التي شهدتها عدن الشهر الماضي، من خلال إعلان ما سمي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، مدعوماً من دول في "التحالف"، والإمارات على وجه خاص.