اعتمد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأحد في جلسة الحكومة الأسبوعية لهجة تصعيدية، تضمنت التهديد والوعيد للفلسطينيين وكل من "يهدد أمن إسرائيل"، معلناً، في الوقت ذاته، أنه يتفهم مشاعر الجمهور الإسرائيلي، في إشارة إلى مشاعر الغضب والانتقادات الإسرائيلية لقرار حكومة الاحتلال الجمعة الماضي رفع البوابات الإلكترونية والتراجع عن القيود التي حاول الاحتلال فرضها على مدار الأسبوعين الماضيين في المسجد الأقصى. وحاول نتنياهو تفسير قراره، بالتراجع والانكسار أمام حالة التحدي التي واجهه الفلسطينيون بها في القدس من خلال الاعتصامات والصلاة خارج بوابات الأقصى، بأنه كرئيس حكومة مضطر إلى اتخاذ قراراته وفقاً للصورة الكاملة "أو الخريطة الكاملة" وفق التعبير الذي استخدمه نتنياهو.
وفيما بدا أن إسرائيل انشغلت بفعل الانكسار المذكور والتراجع عن الإجراءات التي حاول الاحتلال فرضها في المسجد الأقصى، في نقاش بينالأمني والمستوى السياسي، الذي مثله عدد من وزراء "الليكود"، وفي مقدمتهم وزيرة الثقافة، ميريت ريجف، عبر شن هجوم شديد اللهجة على جهاز الأمن العام (الشاباك) واتهام عناصره بالخوف والمبالغة في رسم صورة سوداوية لوزراء الكابينت الإسرائيلي، دفعتهم للتراجع عن محاولة فرض البوابات الإلكترونية وإجراءات أخرى، عاد الاحتلال أمس عملياً إلى تمكين المستوطنين، وبأعداد كبيرة، من اقتحام المسجد الأقصى، تحت حراسة عناصر شرطة الاحتلال، وفرض مزيد من القيود على المصلين في المسجد الأقصى. وتؤشر هذه الخطوات التي اعتمدها الاحتلال، لا سيما السماح لأكثر من 270 مستوطناً باقتحام المسجد الأقصى، إلى نية حكومة نتنياهو، وتحت ضغط الانتقادات التي وجهت له بالانكسار أمام الغضب الفلسطيني، العودة للتصعيد في القدس، وتحديداً في المسجد الأقصى، من خلال الإصرار على إدخال المزيد من مجموعات المصلين اليهود إلى المسجد عبر باب المغاربة، وتحت حراسة الشرطة الإسرائيلية من جهة، وانتظار انتهاء وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية من تقديم خطة جديدة لإجراءات الحراسة والمراقبة. وكانت الصحف الإسرائيلية أشارت أمس إلى أنها تقوم على نصب الكاميرات الذكية القادرة على الكشف عن المعادن، من جهة، والتعرف إلى وجوه الأفراد ورصد المطلوبين (خصوصاً من سلطات القدس) لسلطات الاحتلال، ولو حتى على صعيد عدم دفع ضرائب لمؤسسات الاحتلال المختلفة.
في المقابل، وعلى مدار أيام الاحتشاد الفلسطيني حول القدس وأسوارها وعلى بوابات المسجد الأقصى، أعلن نتنياهو أنه يؤيد مشاريع قوانين جديدة تهدف إلى تقليل عدد الفلسطينيين الخاضعين لبلدية القدس، وتشكيل سلطات محلية للأحياء والقرى التي يعيشون فيها، من دون أن يعني ذلك الانسحاب منها أو رفع سيطرة الاحتلال عن أراضي هذه القرى والأحياء، أو رفع السيادة الإسرائيلية عنها، وإنما هي مقترحات، يقودها اليوم عضو الكنيست، يوآف كيش، وتهدف إلى منع حالة يشكل فيها الفلسطينيون الواقعون تحت نفوذ بلدية الاحتلال، ويملكون مكانة مقيم دائم وحق الاقتراع في انتخابات البلدية، ولو نظرياً قوة يمكنها أن تحدد مستقبلاً هوية رئيس البلدية من جهة، والسعي إلى تقليص عدد الفلسطينيين الخاضعين للبلدية من جهة ثانية.
إلى ذلك، ينتظر أن تواصل حكومة الاحتلال، خلال الأسابيع المقبلة على الأقل، تكثيف تواجد قواتها في المدينة، خصوصاً عند أبواب البلدة القديمة، واعتماد سياسة إبراز الوجود الشرطي المكثف في مختلف أنحاء القدس المحتلة، ولا سيما حول البلدة القديمة، وفي شارعي السلطان سليمان وصلاح الدين وحي الشيخ الجراح. وبموازاة ذلك ينتظر أن يعزز الاحتلال أيضاً من سياسة خنق القرى والأحياء المحيطة بالقدس المحتلة، والإبقاء على الحواجز الشرطية على مداخل هذه القرى والأحياء. وفي غضون ذلك، نقل موقع "والاه" الإسرائيلي، عن مصدر فلسطيني لم يكشف عنه قوله إن السلطة الفلسطينية تدرس فكرة إعادة التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، في حال أزال الاحتلال كافة الإجراءات السابقة وأعاد فتح كافة بوابات المسجد الأقصى.