شهد فجرُ اليوم الأربعاء، انطلاق أولى مراحل العملية العسكرية التي ينفذها الجيش اللبناني لاستعادة السيطرة على الأراضي اللبنانية الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، في جرود بلدات الفاكهة، ورأس بعلبك، والقاع على حدود لبنان الشرقية مع سورية.
وتقدمت وحدات الجيش، فجراً، تحت غطاء ناري كثيف من المدفعية ومن مروحيات الجيش التي استهدفت مواقع التنظيم، كما تم استقدام وحدات عسكرية إضافية إلى المنطقة، والانتشار في المواقع التي غادرها مقاتلو "جبهة النصرة" و"سرايا أهل الشام" جنوبي مناطق سيطرة "داعش".
وكان قائد الجيش، العماد جوزيف عون قد أجرى زيارة خاطفة إلى مواقع رأس بعلبك مساء الثلاثاء، حيث التقى قادة العملية قبل أن يغادر على متن مروحية نقل عسكرية.
وتحظى عملية الجيش في الجرود اللبنانية بغطاء سياسي واسع من السلطات اللبنانية وبدعم عسكري مباشر من الولايات المتحدة الأميركية، رغم التنسيق الذي تفرضه معطيات الميدان مع قوات النظام السوري أمنياً وعسكرياً ومع "حزب الله" بطبيعة الحال، وذلك مع انتشار عناصر "داعش" في مناطق متداخلة بين الأراضي اللبنانية والسورية تقدر بأكثر من 400 كيلومتر وتقع بمعظمها داخل سورية.
ويملك الجيش في هذه المعركة مجموعة عوامل ميدانية حاسمة لصالحه، من الغطاء الناري الكثيف الذي تؤمنه المدفعية وسلاح الجو، المعززين من قبل الولايات المتحدة الأميركية، إلى مشاركة أفواج النخبة في الجيش في هذه العملية، كفوجي المغاوير والمجوقل.
ويفترض أن ينتهي بعد هذه العملية كل وجود عسكري للفصائل السورية بمختلف انتماءاتها على حدود لبنان، علماً أن "حزب الله" هو من خاض معظم عمليات السيطرة على الحدود من الجهتين اللبنانية والسورية معاً. وسجلت مشاركة محدودة للجيش خلال معركة عرسال عام 2014 التي انتهت بانسحاب مقاتلي "داعش" و"النصرة" من البلدة بعد احتلالها لساعات وخطف 36 عسكريا لبنانيا، إلى جانب الدمار الكبير الذي لحق بمخيمات اللاجئين وبالبلدة.
وخاضت قوات الجيش أيضاً مواجهات متفرقة مع مقاتلي "داعش" خلال العامين الماضيين بعد تسجيل محاولات تسلل لانتحاريين باتجاه بلدتي رأس بعلبك والقاع، ونجاح انتحاريين باستهداف القاع عبر سلسلة تفجيرات انتحارية ضربتها طيلة يوم كامل وعلى دفعتين. كما نفذ جهاز "استخبارات الجيش" عشرات المداهمات في بلدات حدودية، أدت لتوقيف قادة عسكريين وأمنيين من "النصرة" و"داعش".
وتأتي انطلاقة المعركة بعد استكمال "حزب الله" الإجراءات الميدانية التي استبق بها أي محاولة لفرض انتشار قوات دولية على حدود لبنان الشرقية مع سورية، من خلال السيطرة على مواقع "النصرة" في جرد عرسال، ونقل عدد كبير من اللاجئين السوريين من عرسال وجردها إلى محافظة إدلب شمالي سورية دون تنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أو أي منظمة إغاثة عالمية.