لم يكن متوقعاً أن يفجّر انتحاري من الذين يحملون فكر تنظيم "داعش" نفسه في نقطة أمنية أو سوق شعبي في قطاع غزة، كما حدث في مدينة رفح على الحدود مع مصر، فجر أمس الخميس، أقصى جنوب القطاع الساحلي المحاصر. لكن هذا التطور الأمني الخطير الذي كان مستبعداً لسنوات، حصل أخيراً بشكل مفاجئ ومن دون مواجهة ولا مقدمات كثيرة.
أوقف عناصر من أمن الحدود، المعروفون باسم "حماة الثغور"، 4 عناصر كانوا يريدون عبور الحدود مع مصر ومن ثم، كما يبدو، المشاركة في القتال مع تنظيم "ولاية سيناء". لكن رجال الأمن في غزة منعوهم عن ذلك، قبل أن يقدم أحدهم على تفجير نفسه في رفاقه وعناصر الأمن. وقُتل قيادي ميداني في "حماة الثغور" التابعة لـ"كتائب القسام"، إضافةً إلى الانتحاري الذي تبرأت عائلته منه وأعلنت أنها لن تقيم أي مراسم عزاء له. وبعد ذلك، شددت الأجهزة الأمنية وأجهزة المقاومة قبضتها على مفاصل مدينة رفح للسيطرة على الموقف وضبط أي عناصر تخريبية أخرى. ونشرت أجهزة الأمن عناصر إضافية على الحدود مع مصر، وقبالة معبر رفح البري، ومعبر "كرم أبو سالم" التجاري مع دولة الاحتلال، لمزيد من الضبط ولاحتواء أي ردود أفعال قد تحدث.
التفجير الانتحاري الذي كان مفاجئاً، أثار موجة استغراب واستنكار في الشارع الغزّي. كذلك، أعربت الفصائل الفلسطينية عن إدانتها ورفضها لما جرى والتحذير من مخاطر "الفكر الضال" على مجتمع كغزة. وكانت حركة "حماس" وأجهزة أمن غزة قد عززت انتشارها على طول الحدود مع مصر قبل أكثر من شهر، في إطار التفاهم الذي جرى مع السلطات المصرية لضبط الحدود. ويشكو عناصر الأمن من قلة معدات الحراسة والحماية التي بحوزتهم، وهو ما تم مناقشته مع السلطات المصرية أخيراً، والتي وعدت بإمدادهم بما يسهل مهمتهم في حماية الحدود، لكن من دون تنفيذ ذلك على أرض الواقع حتى الآن.
وفي السياق، يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، ثابت العمور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ ما حدث في رفح ليس سابقةً، إلا أنه كان هجوماً ولم يكن دفاعاً، وهذا تحول خطير جداً، إذ في السابق كان عناصر "داعش" بغزة يتحصنون في البيوت وبعض المناطق الزراعية، في محاولة منهم لمنع اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية. غير أنّ ما جرى أمس الخميس في رفح، يتمثل في أنّ عنصر "داعش" ذهب ليفجر نفسه.
اقــرأ أيضاً
ويلفت العمور إلى أنّ سلفيي غزة انتقلوا من الدفاع للهجوم، خاصةً أنّ مشكلتهم مع "حماس" والأجهزة الأمنية لها خصوصية، مستبعداً أنّ يقوم عناصر "داعش" بتفجير سوق أو مكان عام يضم الناس، لأنهم حريصون "على ما لهم من حاضنة شعبية". ويوضح أنّ تعامل "حماس" لم يختلف عن تعامل الأنظمة العربية الرسمية مع الحالة، على الرغم من خصوصية غزة وفلسطين. ويعتبر أنّ الخطأ يتمثل في أنّ الحركة تعاملت بشكل أمني لمنع نشاط هؤلاء، لافتاً إلى أن الاعتقالات تفضي لالتقاء عناصر "داعش" وتجمعهم وتسهيل التواصل في ما بينهم داخل السجن، مما يؤدي إلى خروجهم لاحقاً بتعبئة أكبر وأخطر مما كانت قبل اعتقالهم، وفق رأيه.
ويبينّ العمور أنّ الأهم أنّ غزة الآن باتت ساحة صراع إقليمي وعربي وكل الأطراف تتقاتل في غزة، وهذا ما يعني أنّ المشهد مرشح لمزيد من التحديات، داعياً الأمن في غزة لبحث طرق بعيدة كل البعد عن التعاطي الأمني مع الظاهرة، بحسب تعبيره. ويشير إلى أنّ تعاطي "حماس" يجب أنّ يكون بالتحاور وبقطع خطوط الإمداد على هذه الجماعات ومنع التحاق عناصرها بساحات القتال في الخارج. ويؤكد في هذا السياق، أن حركة حماس باتت الآن أمام تحدٍ كبير وخطير جداً، موضحاً أنّ الإحباط والفقر واليأس وتردي الأوضاع وتلاشي أحلام وآمال الشباب كلها أسباب حقيقية وموضوعية لتزايد السلفية، وبالتالي من المهم تحسين الظروف المعيشية، وفق قوله. ويحذّر من أنّ الفقر والعوز والحاجة والتراخي الأمني كلها عوامل تشكل بيئة مناسبة لنمو "داعش" والتشدد، وأن الأولوية الآن يجب أنّ تكون لتحسين ظروف المعيشة بأي طريقة كانت، واستيعاب الشباب بأي شكل من الأشكال، ثم تعزيز الأمن بمقومات فعلية، على حد تعبيره.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، أنّ حادث تفجير رفح يحمل مؤشراً خطيراً للغاية ولا يمكن اعتباره حادثاً فردياً وعرضياً، فهو مرتبط بدرجة أساسية بالتفاهمات التي جرت بين السلطات المصرية وحركة حماس في القطاع وما جرى من إجراءات أخيراً، والتي من الواضح أنها ستلقى قبولاً ورضى واسعاً من قبل السلطات المصرية. ويضيف عوكل في حديث لـ"العربي الجديد" أن "حماس" اتخذت مجموعة من الإجراءات لمنع تسرب المقاتلين والسلاح بين الأراضي المصرية والقطاع، مشيراً إلى أن الحادثة تم الإعداد لها ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسيرها على أنها محاولة تسلل، وفق تعبيره. ويقول إنه من الواضح أن الحادثة الأخيرة هي شكل من أشكال الإعلان عن وجود جماعات متطرفة في القطاع المحاصر من إسرائيل منذ 11 عاماً، ويبدو أن "داعش" قرر التصعيد بعد الاعتقالات التي طاولت عناصره في الفترة الماضية.
والحادثة الأخيرة تعتبر رسالة قوية ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها أمراً عادياً. ومن المرجح أن تكون بداية لمسار قد يتخلله المزيد من الحوادث والتفجيرات، خصوصاً أن حركة حماس لن تصمت على ما جرى وستتخذ المزيد من الإجراءات التي قد ينتج عنها تنفيذ اعتداءات جديدة، وفق عوكل. ويؤكد ضرورة قيام حركة حماس بمراجعة شاملة وقوية لكل الجماعات والأطراف التي تعمل في مجال الدعوة ومن ثم تتحول إلى السلوك العسكري، مع أهمية تغيير طريقة التعامل بشكل كلي وحقيقي مع هذه الجماعات المتشددة لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.
أوقف عناصر من أمن الحدود، المعروفون باسم "حماة الثغور"، 4 عناصر كانوا يريدون عبور الحدود مع مصر ومن ثم، كما يبدو، المشاركة في القتال مع تنظيم "ولاية سيناء". لكن رجال الأمن في غزة منعوهم عن ذلك، قبل أن يقدم أحدهم على تفجير نفسه في رفاقه وعناصر الأمن. وقُتل قيادي ميداني في "حماة الثغور" التابعة لـ"كتائب القسام"، إضافةً إلى الانتحاري الذي تبرأت عائلته منه وأعلنت أنها لن تقيم أي مراسم عزاء له. وبعد ذلك، شددت الأجهزة الأمنية وأجهزة المقاومة قبضتها على مفاصل مدينة رفح للسيطرة على الموقف وضبط أي عناصر تخريبية أخرى. ونشرت أجهزة الأمن عناصر إضافية على الحدود مع مصر، وقبالة معبر رفح البري، ومعبر "كرم أبو سالم" التجاري مع دولة الاحتلال، لمزيد من الضبط ولاحتواء أي ردود أفعال قد تحدث.
وفي السياق، يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، ثابت العمور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ ما حدث في رفح ليس سابقةً، إلا أنه كان هجوماً ولم يكن دفاعاً، وهذا تحول خطير جداً، إذ في السابق كان عناصر "داعش" بغزة يتحصنون في البيوت وبعض المناطق الزراعية، في محاولة منهم لمنع اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية. غير أنّ ما جرى أمس الخميس في رفح، يتمثل في أنّ عنصر "داعش" ذهب ليفجر نفسه.
ويلفت العمور إلى أنّ سلفيي غزة انتقلوا من الدفاع للهجوم، خاصةً أنّ مشكلتهم مع "حماس" والأجهزة الأمنية لها خصوصية، مستبعداً أنّ يقوم عناصر "داعش" بتفجير سوق أو مكان عام يضم الناس، لأنهم حريصون "على ما لهم من حاضنة شعبية". ويوضح أنّ تعامل "حماس" لم يختلف عن تعامل الأنظمة العربية الرسمية مع الحالة، على الرغم من خصوصية غزة وفلسطين. ويعتبر أنّ الخطأ يتمثل في أنّ الحركة تعاملت بشكل أمني لمنع نشاط هؤلاء، لافتاً إلى أن الاعتقالات تفضي لالتقاء عناصر "داعش" وتجمعهم وتسهيل التواصل في ما بينهم داخل السجن، مما يؤدي إلى خروجهم لاحقاً بتعبئة أكبر وأخطر مما كانت قبل اعتقالهم، وفق رأيه.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، أنّ حادث تفجير رفح يحمل مؤشراً خطيراً للغاية ولا يمكن اعتباره حادثاً فردياً وعرضياً، فهو مرتبط بدرجة أساسية بالتفاهمات التي جرت بين السلطات المصرية وحركة حماس في القطاع وما جرى من إجراءات أخيراً، والتي من الواضح أنها ستلقى قبولاً ورضى واسعاً من قبل السلطات المصرية. ويضيف عوكل في حديث لـ"العربي الجديد" أن "حماس" اتخذت مجموعة من الإجراءات لمنع تسرب المقاتلين والسلاح بين الأراضي المصرية والقطاع، مشيراً إلى أن الحادثة تم الإعداد لها ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسيرها على أنها محاولة تسلل، وفق تعبيره. ويقول إنه من الواضح أن الحادثة الأخيرة هي شكل من أشكال الإعلان عن وجود جماعات متطرفة في القطاع المحاصر من إسرائيل منذ 11 عاماً، ويبدو أن "داعش" قرر التصعيد بعد الاعتقالات التي طاولت عناصره في الفترة الماضية.
والحادثة الأخيرة تعتبر رسالة قوية ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها أمراً عادياً. ومن المرجح أن تكون بداية لمسار قد يتخلله المزيد من الحوادث والتفجيرات، خصوصاً أن حركة حماس لن تصمت على ما جرى وستتخذ المزيد من الإجراءات التي قد ينتج عنها تنفيذ اعتداءات جديدة، وفق عوكل. ويؤكد ضرورة قيام حركة حماس بمراجعة شاملة وقوية لكل الجماعات والأطراف التي تعمل في مجال الدعوة ومن ثم تتحول إلى السلوك العسكري، مع أهمية تغيير طريقة التعامل بشكل كلي وحقيقي مع هذه الجماعات المتشددة لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.