وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن أطرافاً عربية بدأت اتصالات مكثفة بين مصر والسودان لمنع تصاعد الأزمة الأخيرة.
وأوضحت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن دولة الجزائر أجرت اتصالات بالطرفين، مطالبة إياهما بما سمّته "تحكيم العقل" للحفاظ على المصالح العليا للشعبين والأمن القومي العربي، لحين التوصل إلى حل جذري للأزمة.
كذلك كشفت المصادر عن اتصالات أجراها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بمسؤولين بارزين في السودان، لمحاولة احتواء التصاعد الأخير في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة. كما أكدت المصادر أن مصر رفضت مقترحات باتخاذ إجراء مماثل لما قام به السودان باستدعاء سفيره أو سحبه، مؤكدة تجاوبها مع الاتصالات العربية التي تمّت لاحتواء التصعيد.
في موازاة ذلك، انتقد مسؤول مصري مقرّب من دوائر الحكم، بشدة، طريقة التعامل المصري الرسمي مع ملف العلاقات مع السودان، لافتاً إلى أنه "يوجد خلل كبير ينتاب المسؤولين عن إدارة هذا الملف". واعتبر أنهم "لا يدركون خطورة ما يقومون به من التحريض الإعلامي ضد السودان ورئيسه عمر البشير، نتيجة بعض الممارسات السلبية للنظام في الخرطوم".
ورأى المسؤول نفسه أن "الأزمة تتجلّى بشكل كبير في كون بعض المشرفين على ملف العلاقات المصرية السودانية في بعض الأجهزة لا يتعاملون معها على أنها أزمة سياسية يجب حلها بالطرق والسبل السياسية، بل بإطلاق الإعلاميين لكيْل السباب للرئيس السوداني ونظامه".
ولفت المسؤول نفسه إلى أن "النظام المصري على قناعة بأن السودان، وبالتحديد النظام الحاكم هناك، تبنّى موقفاً معادياً لمصر في ملف سد النهضة، وبدلاً من أن ينحاز لامتداده التاريخي والقواسم المشتركة مع القاهرة فضّل أديس أبابا لأسباب غير منطقية، كما فتح أراضيه لقيادات جماعة الإخوان المسلمين، وبعض مَن نفّذوا عمليات إرهابية في مصر انطلقوا من داخل حدوده، لكن في المقابل هذا لا يعني أن يكون البديل هو الهجوم والإساءة الإعلامية التي لا تفيد في شيء سوى تأجيج الصراع".
وشدّد المسؤول المصري على "ضرورة ألا يتم التعامل مع النظام السوداني الحالي على أنه نظام إخواني (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين) وتناسِي أصوله الفكرية وجذوره، والانطلاق فقط من نقطة العلاقات المشتركة والأمن القومي المصري، والمنافع المتبادلة".
في المقابل، قال دبلوماسي سوداني، تحدّث مع "العربي الجديد"، إن "الخرطوم تجاوزت عن أمور كثيرة حدثت من الجانب المصري وصلت حد الإساءات"، ملمّحاً إلى أن الإجراء الأخير باستدعاء السفير جاء بعدما "طفح الكيل من الجانب المصري، لدرجة وصلت حدّ المؤامرات لتهديد أمن السودان". ولفت إلى أن "استدعاء السفير فقط للتشاور والاستفسار بشأن معلومات وصلت الخرطوم"، بعضها ظاهر ورسمي صدر في بيانات رسمية عقب زيارة وزير الخارجية سامح شكري للإمارات أخيراً وتلميحه إلى قرارات سودانية داخلية، في إشارة إلى الاتفاقية بين السودان وتركيا بمنح أنقرة إدارة واستغلال جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر.
ولفت الدبلوماسي السوداني إلى أنه بعد هذا اللقاء استقبل ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد، الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، في زيارة ذكرت البيانات الرسمية أنها "تطرّقت للتطورات الإقليمية والدولية، إضافة إلى عدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك"، موضحاً "نتحرك للتأكد ما إذا كان هناك ما يمسّ مصالح الشعب السوداني وأمنه من عدمه".