لم تعلن الحكومة الجزائرية حتى الآن أي موقف رسمي بشأن الخطاب الأخير للعاهل المغربي محمد السادس، الذي دعا فيه الجزائر إلى الحوار عبر آلية سياسية لطيّ الخلافات وتطبيع العلاقات بين البلدين، لكنها بحسب ما تفيد مصادر دبلوماسية تعمل في الخارجية الجزائرية، ترى في الدعوة مجرد "مناورة موجهة للاستهلاك الإعلامي"، آخذة على المغرب عدم لجوئه إلى القنوات الدبلوماسية لطرح موقفه.
وكشف تقدير موقف، أبلغ به دبلوماسيون في الخارجية الجزائرية عدداً من الصحافيين، ضمنهم مراسل "العربي الجديد"، أن الجزائر لن ترد على خطاب العاهل المغربي، وتعتبر أنه "مناورة ومراوغة للاستهلاك الإعلامي".
ووصف مصدر دبلوماسي "الرسالة السياسية، التي ضمنها الملك المغربي محمد السادس في خطابه الأربعاء الماضي، بأنها مخالفة للأعراف الدبلوماسية". وشدد المصدر نفسه على أنه "توجد قنوات رسمية دبلوماسية معروفة، يمكن أن يتبادل من خلالها البلدان المواقف والرسائل السياسية، بدلاً من المناورة إعلامياً"، مشيراً إلى أن المغرب "يريد جعل ملف نزاع الصحراء ملف خلاف ثنائي بين الجزائر والمغرب، فيما هو ملف أممي يتعلق بتصفية استعمار وتقرير المصير وفقاً للمقررات الأممية".
وفسّر المصدر في الخارجية الجزائرية، لجوء الرباط إلى طرح مبادرة سياسية بهذا الشكل، بأنه "يندرج ضمن محاولة المغرب التسويق للرأي العام العربي والدولي، على أن الجزائر هي التي ترفض الحوار"، مشيراً إلى أنه "يمكن فهم سرعة تجاوب الإعلام الفرنسي مثلاً مع الدعوة المغربية، برغم أن ذلك غير صحيح، بدليل عدد المرات التي حاولت فيها الجزائر الحوار مع الرباط فيما كانت الأخيرة توصد الأبواب".
وذكّر المصدر، بـ"الطريقة المهينة التي ألغيت بها زيارة رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى للرباط عام 2005، عبر برقية نشرتها حينها وكالة الأنباء المغربية دون إبلاغ الجزائر عبر القنوات الدبلوماسية بإلغاء الزيارة"، إضافة إلى عدم "تقديم المغرب اعتذاره حتى الآن على حادثة إنزال العلم الجزائري عن قنصلية الجزائر في الدار البيضاء وحرقه، والاكتفاء بالحكم على الفاعل بغرامة بـ 20 دولاراً"، إضافة إلى "خرق الرباط تفاهمات فبراير 2013، المتعلقة بوقف الحملات الدعائية بين البلدين وبدء الزيارات على مستوى الوزراء".
وتتمسك الجزائر بأربع نقاط تمثل أساسات الحوار السياسي مع الرباط، هي وقف الحملات الدعائية والدبلوماسية، وحل الخلافات بالحوار بدلاً من التصريحات الإعلامية، ووقف تدفق المخدرات المغربية إلى الجزائر، وتحييد قضية الصحراء عن أي مسار للحوار الثنائي.
وفيما لم تعلن الحكومة الجزائرية أي موقف رسمي، سارعت دول مهتمة، إلى إبداء مواقف مشجعة للحوار بين الجزائر والمغرب، إذ أعلنت الخارجية الفرنسية اهتماماً كبيراً "بالاقتراح الذي تقدم به ملك المغرب من أجل تجديد الحوار مع الجزائر".
وأكد البيان، أن "فرنسا لطالما دعت إلى تقوية الروابط بين المغرب والجزائر، وهما شريكان رئيسيان توحد بينهما روابط ذات كثافة استثنائية". وذكرت الخارجية الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون، كان قد أكد خلال زيارته الرسمية لتونس في فبراير الماضي، أن "المغرب العربي لا يمكن أن ينجح إذا بقيت دوله منقسمة، وإذا كان الطريق من الشرق إلى الغرب غير موجود. أعرف كل الاختلافات الموجودة وأعرف كل أسباب عدم التوافق، لكنني أعرف أيضاً أن هناك أشياء مهمة يمكن للوحدة المغاربية أن تحققها".
كذلك صدر بيان للخارجية القطرية الأربعاء الماضي، أكد أن دولة قطر ترحب بدعوة الملك محمد السادس إلى حوار صريح ومباشر مع الجزائر، لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية بين الطرفين، وتثني على هذه الخطوة راجية أن تكون بداية لحوار بنّاء ومثمر.
كما رحبت نواكشوط، في تعليق للمتحدث باسم الحكومة الموريتانية، وهو وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان سيدي محمد ولد محمد، بأي حوار سياسي يفضي إلى تحسين العلاقات بين الدول المغاربية.