وشهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، سيلاً من تصريحات المناوشات بين مختلف الشركاء الحاليين في الحكومة، برزت فيها محاولات حزب "البيت اليهودي"، بقيادة نفتالي بينت، زيادة الضغوط على نتنياهو وابتزازاه لتمديد أمد الحكومة الحالية مقابل منح زعيم البيت اليهودي حقيبة الأمن بدلاً من ليبرمان، إذ أعلن وزير العدل أيليت شاكيد أنه فقط في حال منح نفتالي بينت حقيبة الأمن وإعادة الحكومة إلى مسارها الأصلي كحكومة يمين، يبقى مبرر لبقائها.
في المقابل أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه لا يوجد مبرر للذهاب لانتخابات مبكرة، قائلاً "تحدثت في الأيام الأخيرة مع كافة رؤساء كتل الائتلاف الحكومي، وسألتقي مساء اليوم مع وزير المالية كاحلون وأحاول إقناعه بعدم إسقاط الحكومة، ففي الفترة الأمنية الحساسة لا حاجة وليس صحيحاً الذهاب للانتخابات، فنحن نذكر ما حدث في انتخابات 1992 وفي انتخابات 1999، حيث حصلنا على كارثة أوسلو وكارثة الانتفاضة الثانية، ويجب بذل كل ما يمكن لمنع تكرار هذه الأخطاء".
وقصد من التاريخين اللذين ذكرهما التذكير بالخلافات داخل معسكر اليمين في إسرائيل، والتي أدت عام 1992 إلى فوز إسحاق رابين بتشكيل الحكومة وسقوط "الليكود"، وتكرر ذلك في انتخابات العام 1999 عندما فاز إيهود باراك على نتنياهو في الانتخابات المباشرة، إلا أن تصريحات نتنياهو هذه رمت إلى محاصرة شركائه في الحكومة ومحاولة منعهم من الاتجاه نحو تبكير الانتخابات، مع أن هذه المرحلة باتت شبه حتمية، خاصة في حال لم يتمخض لقاء نتنياهو كاحلون عن تفاهمات تدفع الأخير إلى تغيير موقفه المؤيد لتبكير الانتخابات، وإقناعه على الأقل بتأجيل موعدها إلى منتصف مايو/أيار المقبل وليس إلى أوائل مارس/آذار.
وفي هذا السياق، يبدو الجدول الزمي المطروح للانتخابات مرتبطا بما سيحدث أيضاً يوم الأربعاء المقبل، حيث من المقرر أن يصوت الكنيست على اقتراح قدمه حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة ليبرمان، يقضي بحل الكنيست الحالي والذهاب لانتخابات مبكرة. وفي حال أقر الكنيست اقتراح القانون المذكور بالقراءة التمهيدية، تبدأ عملية المماطلة قدر الإمكان وفق الصلاحيات الممنوحة لرئيس لجنة الكنيست، ميكي زوهر من الليكود.
وأعلن زوهر، اليوم، بشكل جلي في مقابلة إذاعية، أنه سيستغل الصلاحيات التي يمنحها له القانون لعدم استدعاء لجنة الكنيست للانعقاد للبت في تحديد موعد الانتخابات، طالما يعتقد أن "الظروف الأمنية الحساسة لا تزال قائمة".
وأضاف أنه "بالتالي لن يطلق عمليات البت في قانون حل الكنيست ولا طرحه لإعداده للتصويت عليه بالقراءة الأولى". مما يعني عمليا تأخير وتعطيل سن القانون، لعدة أسابيع، وعندها يكون قد مرت مهلة إجراء الانتخابات في مارس، لينتقل الحديث عن موعد 22 مايو، وهو الموعد الأفضل نسبياً لرئيس الحكومة نتنياهو، في حال كان لا بد من الذهاب لانتخابات مبكرة.
في غضون ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، أنها لا تستبعد أن يتوصل نتنياهو وكاحلون في لقائهما، مساء اليوم، إلى صفقة بخصوص تأجيل موعد الانتخابات، مقابل أن يحصل كاحلون على تصديق وموافقة الليكود على مخطط رفع مخصصات التقاعد لآلاف عناصر الشرطة والجيش، وفق قرار من محكمة العدل العليا وتحديد مبلغ 22 مليار شيقل(عملة إسرائيلية) لهذه الغاية تصرف على امتداد الفترة بين 2019 و2035، وهو ما سيعزز من قوة كاحلون الانتخابية.
وفي حال توصل كاحلون ونتنياهو، مساء اليوم، إلى تفاهمات بهذه الروح فقد يتغير كل الجدول الزمني المطروح لتبكير الانتخابات، خاصة إذا وافق كاحلون على منح الحكومة الحالية، فرصة إضافية قبل الذهاب إلى حلها من خلال قانون خاص، وتمديد عمر الحكومة حتى مطلع شهر يناير/كانون الثاني.
ويحتاج كاحلون أيضاً، وباقي الوزراء لعدة أسابيع إضافية لإنهاء جملة تشريعات في الكنيست، لا يمكن مواصلة العمل عليها إذا ما أقر قانون تبكير الانتخابات بالقراءة التمهيدية. كما أن هناك حاجة لإنهاء تعيينات أساسية مهمة في الدولة وعلى رأسها عملية تعيين رئيس الأركان لجيش الاحتلال بشكل نهائي، وتعيين المفوض العام القادم للشرطة، بالرغم من أن المرشحين لهذين المنصبين بدأا إجراءات التعيين في اللجان الحكومية المختصة بتعيين كبار الموظفين والمسؤولين وهي لجنة غولدبيرغ.
ولكن وعلى الرغم من أن التصويت على قانون حل الكنيست بالقراءة التمهيدية سيكون يوم الأربعاء، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة إتمام تشريعه بشكل سلس وسريع، خاصة في ظل تصريحات ميكي زوهر المذكورة أعلاه.
وإلى جانب تحديد القانون مدة 90 يوماً لإجراء انتخابات مبكرة من تاريخ إقرار القانون بالقراءة الثالثة، (وهي القراءة التي تلزم أغلبية 61 صوتاً خلافاً للأغلبية صوت واحد في أي من القراءات السابقة: التمهيدية والقراءتين الأولى والثانية) فإن القانون ينص في البند 35 على أنه لا يجوز أن يتجاوز الموعد المعلن لانتخابات مبكرة مدة خمسة أشهر، ولذلك فإن نتنياهو بحاجة لأن تتم المماطلة في عملية تشريع قانون حل الكنيست، حتى لا تتم المصادقة على القانون، بالقراءات الثلاث، بعد إقراره بالقراءة التمهيدية، قبل أواسط شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
إلى ذلك، فإن إعلان التوصل إلى تفاهمات بين كاحلون ونتنياهو، ثم بين كاحلون وبينيت، قد يدفع إلى سحب مقترح قانون حل الكنيست، خوفاً من عدم نجاحه بالقراءة التمهيدية، إذ ينص قانون أساسي الكنيست أنه في حال عدم نجاح مقترح قانون بالقراءة التمهيدية، لا يجوز عرضه مجدداً للتصويت عليه إلا بعد ستة أشهر، أي في شهر مايو/أيار المقبل.