وجاء إقرار الجلسة بعد أكثر من 6 ساعات من التداول وبإجماع الحضور، رغم انسحاب أحزاب سودانية شريكة في الحكومة، في وقت سابق اليوم من جلسة المجلس، وتهديدها بتصعيد احتجاجها بالانسحاب من الحكومة، ورفع يدها عن التوافق السياسي الذي حققه مؤتمر الحوار الوطني العام الماضي.
ومع بداية الجلسة البرلمانية اليوم، التي خُصّصت لمناقشة قانون الانتخابات في مرحلته الثالثة والأخيرة، قدمت لجنة التشريع والعدل تقريرها عن مشروع القانون الذي أودعته الحكومة في يوليو/ تموز الماضي.
وأوصت اللجنة في تقريرها، بإجراء نحو 49 تعديلاً على المشروع، قالت إن الكتل البرلمانية توافقت عليها، أبرزها الانتخاب المباشر لحكام الولايات وتشكيل المفوضية القومية للانتخابات بالتشاور مع الأحزاب السياسية.
ورفضت اللجنة، مقترحاً لكتل برلمانية بتحديد أيام الاقتراع بيوم واحد أو يومين على الأكثر، وأوصت بتحديد 3 أيام للتصويت.
وخلال الجلسة البرلمانية، أعلن حسن عثمان رزق، نائب رئيس حزب "الإصلاح الآن"، انسحاب الحزب مع ممثلي قوى سياسية أخرى من الجلسة. ومباشرة، خرج نحو 35 نائباً، من أحزاب الاتحادي الديمقراطي، الإصلاح الآن، تيار الأمة، كتلة المستقلين فضلاً عن آخرين، فيما واصلت الجلسة تداولها حول القانون.
وقال الزبير أحمد الحسن ممثل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إن الأحزاب المنسحبة "تريد كأقلية فرض مقترحاتها على الأغلبية"، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى التفاوض مع تلك الكتل من أجل إعادتها إلى الجلسات.
بدوره، اتهم أبو القاسم برطم رئيس كتلة المستقلين، في تصريحات صحافية، حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، بـ"العمل ضد مبدأ التوافق السياسي"، مشيراً إلى أن تقرير اللجنة "أغفل عدداً من المقترحات، منها السجل المدني كمعيار لتوزيع الدوائر الجغرافية، والسماح للمستقلين بالمشاركة في التحالفات السياسية خلال الانتخابات، فضلاً عن تجاهل الطريقة التي يصوت بها أفراد القوات النظامية".
في غضون ذلك، أوضح حسن عثمان رزق، أن 34 حزباً رفضت قانون الانتخابات بشكله الحالي لجملة من الأسباب من بينها عدم السماح بتصويت المغتربين في الدوائر النسبية القومية، ورفض إعطاء المستقلين الحق في تشكيل قوائمهم، مبيناً خلال تصريحات أن حزب المؤتمر الوطني "يريد فرض شروط إذعان على الأحزاب الأخرى"، مضيفاً أن لجنة التشريع رفضت الأخذ برأي كثير من الخبراء ومنظمات المجتمع المدني التي قدمت مقترحاتها.
وأبان رزق، أن الحزب الحاكم "رفض كذلك مقترحات بإدراج موادّ في القانون حول ضوابط نزاهة الانتخابات، وخاصة ما يلي الحريات السياسية والسماح للأحزاب بإقامة نشاطاتها الانتخابية دون إذن من أحد.
في سياق متصل، اعتبر كمال عمر عضو حزب المؤتمر الشعبي، أن "تصرف المؤتمر الوطني الحاكم، جاء ضد مخرجات الحوار الوطني"، وقال إن الحزب "لا يريد تنفيذ مخرجات الحوار الوطني".
إلى ذلك، قال حسن عبد الحميد، عضو كتلة "الإخوان المسلمين" لـ"العربي الجديد"، إن الانسحاب اليوم "سيكون له ما بعده، وأن الأحزاب ستجلس مرة أخرى لتقييم ما حدث".
ولم يستبعد عبد الحميد التصعيد ضد القانون بخطوات أخرى، منها الانسحاب كلياً من البرلمان ومعارضة تعديل الدستور، أو حتى نفض الأحزاب يدها جملة وتفصيلاً من الحوار الوطني.
من جانبها، قللت عضو البرلمان عن الحزب الحاكم آمنة السيد من خطوة الانسحاب، واعتبرته "غير موضوعي، وليس له تبرير منطقي وأريد به فقط تضخيم المواقف".
وأشارت السيد خلال تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن من بين الأحزاب المنسحبة مثل المؤتمر الشعبي، وافق على قانون الانتخابات من خلال وزرائه في الحكومة، وأن الموقف الحالي يتناقض كلياً مع مواقفه السابقة.
فيما اتهم علي حسين دوسة، نائب رئيس حزب "تحرير السودان"، الأحزاب المنشقة عن الحزب الحاكم، مثل المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن، بـ"العمل على تصفية حساباتها مع الحزب الحاكم، من خلال الاعتراض على قانون الانتخابات التي اكتملت حلقات التشاور والتوافق حوله للمدى البعيد".
وأضاف دوسة لـ"العربي الجديد"، أن ما حدث اليوم داخل جلسة البرلمان من انسحاب يمثل تشويشاً للممارسة السياسية في البلاد.
حزب الأمة يقاطع انتخابات 2020
وفي أول ردة فعل على إجازة قانون الانتخابات، أعلن حزب الأمة القومي بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، الصادق المهدي، مقاطعة مبكرة لانتخابات 2020.
وقال الحزب في بيان له اليوم، إن طريقة إجازة قانون الانتخابات، "أمر متوقع ويتماشى تماماً مع طريقة الحزب الحاكم الإقصائية والاستبدادية المعهودة"، على حد ما جاء في البيان.
وأضاف الحزب، أن سجل المؤتمر الوطني الحاكم "يؤكد تمرير كافة القوانين بصورة انفرادية، وأنه ليس هناك جديد في موادّ قانون الانتخابات الجديد، سوى مزيد من الهيمنة وتفصيل الموادّ استجابة لحالة الوهن التي تعتري الحزب الحاكم، وذلك لضمان فوزه وإقصاء المنافسين مبكراً".
وأكد الحزب رفضه بصورة قاطعة، "ليس لأنه لا يخدم مصلحة البلاد في الانتقال الديمقراطي فحسب، وإنما لأنه يكرّس لمزيد من الشمولية والديكتاتورية"، مضيفاً أن البرلمان الحالي "غير مؤهل لأي دور تشريعي أو رقابي".
وذكر البيان أن حزب الأمة "لن يكون طرفاً في أي انتخابات تجرى بموجب القانون المجاز".