من جنين إلى نابلس... حرب إسرائيلية على فدائيي الضفة

سامي الشامي

avata
سامي الشامي

نائلة خليل

نائلة خليل (فيسبوك)
نائلة خليل
صحافية فلسطينية، مراسلة ومديرة مكتب موقع وصحيفة "العربي الجديد" في الضفة الغربية.
08 فبراير 2018
9DC63FF3-BF0A-46B2-92BA-A9CDFBBF3A76
+ الخط -
لم يكن الشهيد أحمد جرار حاضراً ولو بكلمة واحدة، في خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام احتفالية "القدس عاصمة الشباب الإسلامي" لعام 2018، التي نظمت في مقر الرئاسة مساء أول من أمس، رغم أن حدث استشهاده هز الشارع الفلسطيني، ولا يزال. تجاهل عباس أي ذكر للجرار، أمام نحو 1200 شاب من جميع الدول العربية والإسلامية، لم يكن وليد الصدفة أو النسيان. فموقف عباس، الذي أكد جاهزيته دوماً للسلام، قائلاً "أقول للعالم أيدينا ممدودة للسلام ومن خلال المفاوضات، ونحن مع الحرب على الإرهاب في كل مكان في العالم، ولن نتوقف عن ذلك"، هو ذاته الذي لطالما تبناه بنبذ المقاومة المسلحة، ولو كانت ضد المستوطنين.

وغير بعيد عن موقف عباس جاء موقف الحكومة الفلسطينية، التي تجاهلت هي الأخرى، في اجتماعها الأسبوعي الثلاثاء، أي ذكر للشهيد جرار. واقتصر موقفها، في بيان طويل، على فقرة تدين فيها الاقتحامات اليومية لجيش الاحتلال و"استباحته المدن والقرى والمخيمات، والتي كان آخرها الحملة الوحشية التي طاولت جنين وبلداتها ومخيمها الصامد، والتي أقدمت خلالها على هدم البيوت واعتقال العشرات"، وذلك على الرغم من أن جرار استشهد في قرية اليامون وتم هدم الغرفة التي احتمى فيها على رأسه بعد تفجيرها. وعلى مدار ثلاثة أسابيع كان جرار حديث الكابينت الإسرائيلي، وخرج وزراء الاحتلال بتغريدات تحتفي بما حصل، إذ اعتبر وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، أنه "تم إغلاق الحساب مع جرار"، فيما سبقه رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، قبل نحو أسبوعين، مؤكداً "أنه لن يسكت على من يجرح كبرياء إسرائيل". وعلى المقلب الآخر، لم يخرج وزير فلسطيني واحد بتصريح حول جرار، ما يعطي انطباعاً بأن القيادة والحكومة الفلسطينية في مكان والشارع في مكان آخر.

ولعل خروج آلاف المواطنين في تظاهرات عفوية في اليامون وبرقين وجنين ونابلس غضباً بعد اغتيال جرار، ودفاعاً عن مطارد آخر، كما هو الأمر في نابلس، أكبر دليل على أن الشارع والقيادة أصبحا خطين متوازيين. فعلى مدار الأسابيع الثمانية الماضية، أوعزت القيادة الفلسطينية لحركة "فتح" بتحريك الشارع للضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن القدس "عاصمة" لإسرائيل. وفي كل مرة كانت تتم الدعوة لأيام غضب وتصعيد، كان الحضور لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، رغم استخدام "فتح"، في بياناتها المتلاحقة، للهجة تصعيدية غير مسبوقة منذ الانتفاضة الثانية. ومن دون دعوات رنانة، تظاهر آلاف الفلسطينيين إما غضباً على استشهاد جرار، أو دفاعاً عن مطارد آخر في نابلس، هو عبد الكريم عادل عاصي، الذي يقول الاحتلال إنه من نفذ عملية طعن المستوطن قبل يومين في مستوطنة مقامة على أراضي محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة. ولم يكد مشهد الاقتحامات المتواصل في مدينة جنين وأحيائها وقراها ينتهي باستشهاد أحمد نصر جرار، حتى انتقلت العملية إلى مدينة نابلس، مع اقتحام قوة إسرائيلية خاصة مساء الثلاثاء، شارع بيكر في الجبل الشمالي من المدينة، تبعتها قوات كبيرة، وصلت بحسب شهود عيان إلى أكثر من 20 آلية عسكرية، انتشرت في المنطقة بشكل كامل. وبالتزامن مع اقتحام نابلس، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي حاجز حوارة العسكري المقام على أراضي الفلسطينيين جنوب نابلس، فيما رشق مستوطنون المركبات المارة بالحجارة. ونصبت قوات الاحتلال حاجزاً عسكرياً قرب قرية تل، وهي الطريق التي يسلكها الفلسطينيون عند إغلاق حاجز حوارة. وأدت عملية الاقتحام التي استمرت ساعتين إلى استشهاد شاب وعشرات الجرحى.


وتقول مصادر محلية إن قوتين إسرائيليتين اقتحمتا المدينة، بعد مداهمتها في البداية من قبل القوة الخاصة. واقتحمت إحدى المجموعتين المدينة من شارع عمان، والأخرى من الطريق الذي يربط نابلس بعصيرة الشمالية. وتشير المصادر إلى أن قوات الاحتلال تبحث عن منفذ عملية سلفيت، التي نفذها شاب فلسطيني طعن مستوطناً عند مدخل مستوطنة "أريئيل" المقامة على أراضي الفلسطينيين شمالي مدينة سلفيت، ما أدى إلى مقتله وفرار منفذ الهجوم. وأعلن جيش الاحتلال أن عبد الكريم عادل عاصي هو من نفذ عملية الطعن، مشيراً إلى أنه يحمل الهوية الزرقاء التابعة للاحتلال، وأن والده من نابلس، لكنه أشار إلى أن عملية اقتحام مدينة نابلس لم تؤد إلى اعتقاله.

وشهد محيط شارع بيكر، حيث تمركزت قوات الاحتلال، مواجهات عنيفة جداً مع الشبان الفلسطينيين الذين حاولوا التصدي لاقتحام الجيش، امتدت إلى شارع عمان أمام محافظة نابلس، أطلق خلالها الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي بشكل كثيف، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز باتجاه الفلسطينيين، الذين كانوا يهتفون "طلقة طلقة ونار بنار... بنحيي أحمد جرار". ولفتت مواجهات نابلس انتباه الجميع، إذ لم تشهد المدينة مثل هذه المواجهات منذ سنوات. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد خالد وليد التايه، وإصابة نحو 110 فلسطينيين، بينهم 32 بالرصاص الحي، و50 بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، و26 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، فيما أصيب شاب دهسه جيب عسكري. وأعلن الرئيس التنفيذي لمستشفى النجاح، سليم الحاج يحيى، أن التايه استشهد جراء إصابته بالرصاص في القلب. وقال، لـ"العربي الجديد"، "وصل إلى المستشفى أربعة جرحى، اثنان بينهم بحالة خطرة، تم إدخالهما لغرفة العمليات وإجراء العمليات اللازمة للسيطرة على حالتهما. وبعد التأكد من حالتهم الصحية توجهنا مع فريق طبي إلى مستشفى رفيديا لمساعدة الزملاء هناك". وأضاف "غالبية الإصابات التي وجدناها في مستشفى رفيديا كانت بالرصاص الحي وفي منطقة الصدر"، مشيراً إلى أن "قوات الاحتلال كانت تنوي قتل المتظاهرين وليس تفريقهم، وذلك من خلال إطلاق الرصاص على الأجزاء العلوية من الجسد".

إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، استشهاد فلسطيني بالرصاص، بحجة طعن "حارس أمني" عند مدخل مستوطنة في جنوب الضفة الغربية المحتلة. وقال الجيش، في بيان، إن "الحارس الأمني" كان عند مدخل مستوطنة "كرمي تسور" شمال مدينة الخليل حين طعنه الفلسطيني، وإن "حارساً أمنياً آخر أطلق النار على المهاجم الفلسطيني فقتله". وأكدت مصادر أمنية فلسطينية أن "الشهيد هو حمزة يوسف نعمان زماعرة (19 سنة)" من سكان بلدة حلحول. وأضافت أن "قوات الاحتلال داهمت منزل الشهيد الزماعرة، وأجرت عمليات تحقيق ميدانية مع أسرته قبل أن تقوم باعتقال والده".

ذات صلة

الصورة
قناة السويس من جهة الإسماعيلية، 10 يناير 2024 (سيد حسن/Getty)

سياسة

دعت جهات مصرية إلى منع مرور السفن الحربية الإسرائيلية في قناة السويس بعد توثيق مشاهد عبور سفينة حربية إسرائيلية فيها أخيراً، وسط غضب شعبي مصري.
الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
ما تركه المستوطنون من أشجار مقطوعة ومحصول مسروق في قرية قريوت (العربي الجديد)

سياسة

تعرضت الأراضي الزراعية في موقع "بطيشة" غربي قرية قريوت إلى الجنوب من مدينة نابلس لهجوم كبير من المستوطنين الذين قطعوا وسرقوا أشجار الزيتون المعمرة