يمنيون يستذكرون 26 مارس 2015: هنا كنا وهناك أصبحنا

10 ابريل 2018
إجماع على ضرورة وقف الحرب والمعاناة (عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -
ثلاث سنوات مرت على بدء التدخّل العسكري للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، وخلال تلك الأعوام حصلت تبدّلات كثيرة على المشهد، أثّرت على مختلف اليمنيين. "العربي الجديد" استطلعت آراء عدد من الصحافيين والناشطين والخبراء اليمنيين، المقيمين خارج البلاد اليوم، لمعرفة تأثير الحرب عليهم، وما الذي اختلف بالنسبة لهم بين 26 مارس/آذار 2015، يوم بدء عمليات التحالف، واليوم.

يروي الناشط المدني عبدالواحد العوبلي، أنه كان في منزله في صنعاء عندما بدأ هجوم التحالف يوم 26 مارس 2015، وفي اليوم التالي بدأ الحوثيون بفرز الناس وتصنيفهم حسب معاييرهم، "وبعد فترة بسيطة قام الحوثيون المسيطرون على الشركة الحكومية التي كنت أعمل فيها باستبعادي من وظيفتي، ومن ثم قطع راتبي وكذلك إيصال رسائل تهديدات لي بأني من أنصار (العدوان)، الأمر الذي اضطرني لبيع ما أملك لأتمكن من شراء تذكرة سفر ومغادرة البلد". ويشير إلى أنه "بعد ثلاث سنوات من الشتات، ما زلت في المنفى أحاول البدء من جديد".

الشاعرة والناشطة والدبلوماسية سماح الشغدري، كانت قد عادت إلى صنعاء قبل الحرب بشهر واحد لتنتظر نتيجة الحوار الوطني، وجاء يوم 26 مارس وهي في العاصمة، و"هو يوم قتل الدولة وقتل أحلامنا"، كما تقول، مضيفة "عملت عبر مؤسسة صوت لمقاومة الحرب بالثقافة عن طريق عرض الأفلام السينمائية الأسبوعية مجاناً، لكن مع التحريض والتهديد ممن يفترض أنهم رفاق المطالبة بالدولة المدنية في 2011 وإعادة فرزهم لنا كخصوم، لم أتمكن من البقاء، خصوصاً أن المقاومة بالثقافة في زمن السلاح والعنف لم تعد مجدية بل باتت مصدراً للخطر، فخرجت من صنعاء إلى عدن ومنها للقاهرة ثم ألمانيا"، معربة عن تخوّفها من ألا يعود اليمن كما كان.

الصحافي والباحث عارف الأتام، كان في القاهرة يوم 26 مارس 2015، ويتحدث عن وضع صعب مر به، والقلق من الاضطراب القائم في اليمن واستمرار الدمار ونزيف الدماء والشتات. أما الباحثة والكاتبة ميساء شجاع الدين، فقد كانت في 26 مارس 2015 في مصر، "وكان يوماً عصيباً وصعباً". من جهته، يقول الصحافي صدام أبو عاصم، الذي يعيش اليوم في سويسرا، إن "26 مارس 2015 و26 مارس الماضي يشكّلان خارطة زمنية لرحلة المعاناة التي بدأتُها كواحد من أبناء الشعب الذين شردتهم الحرب"، مضيفاً أنه كان في منزله في صنعاء عند بدء تدخل التحالف "وكنتُ مبتهجاً بالتدخل العربي الذي جاء ليساند يمنيين يحلمون بالدولة والوقوف في وجه العنجهية والفوضى والانقلابات بقوة السلاح"، لكنه يضيف "مع مرور الزمن وتزايد أخطاء هذا التدخل وبعد أن بدأت رحلة التشرد والهجرة القسرية خارج اليمن، بت أشعر أكثر من أي وقت مضى بضرورة إيقاف الحرب وإنهاء المعاناة".
من جهتها، تروي رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، أمل الباشا، أنها في 26 مارس 2015 كانت في قبرص للمشاركة في مؤتمر حول السلام، "وعلقت حتى يومنا هذا خارج اليمن، أعيش الآن في مصر منذ سنتين بعد رحلة تشرد من بلد إلى آخر".


الكاتب والشاعر محمد عبده الشجاع، كان يوم 26 مارس في صنعاء، وكانت الصدمة بقصف التحالف العربي للعاصمة ولمدن أخرى، وفق قوله، مضيفاً "أيقنت أننا نعيش مرحلة مختلفة وخارجة عن تفكيرنا التقليدي أو الذي كنا نعتقد أنه يقودنا إلى حلول وشيكة، أما 26 مارس 2018 فجاء وأنا في طريقي من صنعاء إلى سيئون ثم القاهرة، وقد تفاجأت من طول المسافة وعدد نقاط التفتيش وطريقة التعامل مع المسافرين"، متابعاً: "ودّعت صنعاء وهي تحتفل بصمود لم يعد حاضراً إلا في الجدران واللافتات، ودّعتها وهي تعج بالأوجاع وغلاء الأسعار واختفاء مادة الغاز".
أما المستشارة في وزارة الخارجية اليمنية سلوى الخضر، فتقول إنها عانت خلال تلك السنوات الثلاث "من غربة عن وطني، فلم أتمكن من العودة إلى البلاد"، آملة انفراج الأوضاع.

الصحافي غمدان اليوسفي، المقيم حالياً في هولندا، كان في مصر عندما حلّ 26 مارس 2015، "وكان قد مضى شهران على بقائي هناك إذ خرجت قبل اختطاف مدير مكتب الرئيس، وحين خرج من الاختطاف نبّهني أن اسمي قد ورد في التحقيقات معه من قبل الخاطفين الحوثيين، فقررت البقاء في مصر". ويتذكّر كيف تحدث بغضب عن الهجوم في قناة تلفزيونية "لأنني يمني، ولا أفرح بالحرب"، شارحاً أن "التفاصيل تغيّرت، لكن لم يتغيّر موقفنا من الحوثيين، فمن يهدم دولة لا يمكن أن أغير موقفي تجاهه".

من جهته، يقول الصحافي عبدالرزاق العزعزي، إنه كان في صنعاء في ذلك اليوم من العام 2015، "والآن أبحث عن وطن بديل، وأعيش في الكويت التي تستضيفني بنظام الكفالة"، موضحاً أنه ترك اليمن بعد أول عملية قصف صاروخي استهدفت عطّان من البارجات البحرية، تزامنت مع قيام "أنصار الله" برصد ما ينشره الصحافيون من الانتهاكات التي تُقدم عليها الجماعة.

كان الصحافي هلال الجمرة في المغرب، ويروي أنه خرج من اليمن قبل شهرين من الحرب، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، و"خبر الحرب كان بمثابة النهاية بالنسبة لي، فشعرت بأني فقدت بلدي للأبد وأن الحرب ستكون جحيماً علينا"، مضيفاً: "كنت أفكر بالعودة، ولكن في 26 مارس 2018 أصبحت أبحث عن طريقة لإخراج أسرتي، فلا أعرف كيف سيعيش أولادنا في وضع تحكمه المليشيات والعنف والدمار والدماء والجوع".
أما نائب وزير المياه والبيئة حالياً عمار العولقي، فيقول "كنت في شقتي في فج عطان، وبعد سجني من قبل الحوثيين لمدة أسبوع، قررت ترك صنعاء وانتقلت إلى عدن، وهناك لم أستطع الاستقرار بسبب اضطراب الوضع ومضايقة مسؤولي الحكومة فانتقلت مرة ثالثة إلى القاهرة".

المذيعة في قناة "بلقيس" أمل علي، كانت يوم 26 مارس 2015 في إسطنبول وما زالت هناك حتى اليوم. تشير إلى أنها "خرجت عن طريق مطار صنعاء فجراً بعد تلقي زوجي تهديدات من قبل الحوثيين نتيجة ظهوره الإعلامي في الفضائيات العربية للتعليق على الأحداث في صنعاء".

في تركيا أيضاً، يعيش اليوم رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد، لكنه كان يوم 26 مارس 2015 في صنعاء، ويقول: "خرجت متخفياً من منزلي ولم أستطع الوصول إلى مكتبي فقد كان الحوثيون يسألون عني، ولم يمر أسبوع حتى بدأوا بملاحقتي، ووضعوا طاقماً عسكرياً إلى جانب منزلي وأرسلوا رسالة لي عبر فيسبوك تبلغني بأنني مطلوب للنائب العام بتهمة الخيانة وتقديم إحداثيات عبر إشارات أثناء حديثي في القنوات الفضائية"، مضيفاً أنه خرج متخفياً إلى الحديدة ثم انتقل إلى السعودية مع عائلته واليوم يعيش في تركيا.