تتجه الأنظار اليوم الاثنين في تونس إلى الاجتماع الأخير للموقّعين على وثيقة قرطاج، التي جرى الاتفاق عليها بين تسعة أحزاب منتصف العام 2016، أبرزها "نداء تونس" وحركة "النهضة"، وأنتجت ولادة حكومة يوسف الشاهد، فيما يُنتظر اليوم قرارهم الأخير بشأن بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد في منصبه أو رحيله.
وفشلت الاجتماعات السابقة في حسم هذه النقطة، على الرغم من اتفاق الجميع على 64 محوراً من بنود الوثيقة الثانية (التي تتضمّن نحو مائة نقطة، أهمها عدم ترشح أعضاء الحكومة التي ستتولى التحضير للانتخابات، للاستحقاق الرئاسي والتشريعي)، وجاءت تلك المحاور لتسطّر برنامج عمل الحكومة الجديدة وخطوطها العريضة، وهي بنود إشكالية كانت حولها خلافات كثيرة، إذ تشمل ملفات اجتماعية واقتصادية هامة. ولكن الجميع اتفق على تلك المضامين، ليتركّز الخلاف بوضوح على طبيعة التعديل الحكومي، وإن كان جزئياً يشمل بعض الوزارات، أو كلياً، إذ يطرح البعض حكومة جديدة برئيس جديد.
وفي هذا السياق، قالت سميرة الشواشي، المتحدثة الرسمية باسم حزب "الاتحاد الوطني الحر" المشارك في الحوارات، إن حزبها يطالب بتغيير جذري للحكومة يشمل بالأساس رئيسها، مؤكدة في تصريحات صحافية إثر انتهاء اجتماع موقّعي وثيقة قرطاج يوم الجمعة الماضي، أن جميع الأطراف الحاضرة في الاجتماع والمشاركة في الوثيقة تطالب بتغيير عميق في الحكومة برئيسها، باستثناء حركة "النهضة" فقط التي أعلنت منذ البداية تمسكها بإجراء تعديل جزئي مع الإبقاء على الشاهد رئيساً لها، وما زالت مصرّة على موقفها.
ولم ينفِ رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي ذلك، مؤكداً تمسك حركته بيوسف الشاهد وبقائه على رأس الحكومة مع إجراء تعديل وزاري. وقال الغنوشي إن "النهضة متمسكة بموقفها، ويتلخّص في إقرار البرنامج الذي يمكن تطبيقه في هذه الحكومة برئاسة يوسف الشاهد بعد إخضاعها لعدد من التحويرات (التعديلات)".
أما الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، فقد عبّر عن استغرابه من إقرار "النهضة" بفشل الحكومة وتمسكها على الرغم من ذلك ببقاء رئيسها يوسف الشاهد. في حين كانت انتقادات المدير التنفيذي لـ"نداء تونس"، حافظ قائد السبسي، لموقف "النهضة" قوية جداً، حين هاجم تمسك الحركة بما تسميه الاستقرار الحكومي. الموقف الحاد للسبسي الابن من حكومة الشاهد ومن دفاع "النهضة" عن بقائها، يؤكد نهائياً أنه لم يعد هناك من مجال لأي تراجع للشق الذي يمثله حافظ السبسي في "النداء"، وربما يتماهى مع تقييم الرئيس الباجي قائد السبسي كذلك، على الرغم من أن البعض يذهب إلى تعارض بين الأب والابن، ولكنها تبقى فرضية مستبعدة جداً.
اقــرأ أيضاً
يتضح إذاً أن الجميع مع إبعاد الشاهد، باستثناء "النهضة". وفي محاولة لفهم أسباب ذلك، يشير السبسي الابن إلى أن "البعض ينتقدون موقفنا المطالب بتعديل حكومي عميق، لأن هذه المطالبة من شأنها أن تمس الاستقرار في بلادنا، ويضيفون على الأمر جملة أخرى تمنيت لو أنهم لم يجاهروا بها وهي: بمثل ما يطالب به الشركاء الدوليون". كلام يعني بوضوح أن هناك تأثيرات أجنبية دخلت على خط هذه المسألة التونسية الداخلية، وهي ليست جديدة، إذ سبق للشاهد أن اجتمع بسفراء الدول السبع الكبرى المعتمدين في تونس وسفير الاتحاد الأوروبي، وقال السفير الفرنسي في تونس، أوليفيي بوافر دارفور، إثر الاجتماع إن "ثقة فرنسا كبيرة في حكومة الشاهد من أجل مواصلة الإصلاحات وجعل تونس نموذجاً في المنطقة"، معتبراً أنّ "المؤشرات حول تحسّن وضع تونس الاقتصادي وعودة النمو والاستثمارات التي قدّمها رئيس الحكومة خلال الاجتماع جيدة ومشجّعة".
وقتها اعتبر الطبوبي أن تقييم السفير الفرنسي لعمل الحكومة يُعدّ "تدخلاً في الشأن التونسي وتجاوزاً لصلاحياته"، مضيفاً أن السفراء "يلتزمون بالأعراف الدبلوماسية في تنقلاتهم وتحركاتهم ولقاءاتهم، ولكن سفير فرنسا تجاوز الحدود"، واصفاً موقفه بـ"العار". ولمّح البعض إلى أن لقاء السفير الفرنسي بالغنوشي بعد الانتخابات البلدية قد يكون تطرق إلى هذا الموضوع. ولكن على الرغم من أهمية المعطى الدولي لـ"النهضة" عموماً، فإن موقفها يُبنى عادة على معطيات واقعية داخلية، تتعلق بوضعها وعلاقته مع وضع البلاد، وفي معادلة المتوقَّع من تطورات الأحداث في تونس، خصوصاً أن وضع الحركة بعد انفراط تحالفها مع "النداء" ومع ما يجري الإعداد له لتغيير هذه المعطيات السياسية قريباً استعداداً لاستحقاق 2019، قد يدفعها إلى محاولة الإبقاء قدر الإمكان على الظروف الحالية نفسها، والإبقاء على استقرارها، بما يمكّن من تفادي ردود قوية قد تعصف بكامل المسار حتى الآن.
لكن هل ستتمسك "النهضة" إلى آخر لحظة بموقفها المساند للشاهد؟ وهل يمكن أن تقف ضد الجميع في هذا الأمر؟ سؤال قد تجيب عنه تجربة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، حين تمسكت "النهضة" به أيضاً ولكنها في النهاية قبلت إقالته ولم تمنحه الثقة مجدداً في البرلمان. وعلى الرغم من أن "نداء تونس" لن يكون بإمكانه سحب الثقة من الشاهد في البرلمان بعد انقسام نوابه في هذا الخصوص، وإعلان عدد منهم العصيان الواضح ضد السبسي الابن، فإن مصير الشاهد يبقى معلقاً بيد "النهضة" وحدها.
وفشلت الاجتماعات السابقة في حسم هذه النقطة، على الرغم من اتفاق الجميع على 64 محوراً من بنود الوثيقة الثانية (التي تتضمّن نحو مائة نقطة، أهمها عدم ترشح أعضاء الحكومة التي ستتولى التحضير للانتخابات، للاستحقاق الرئاسي والتشريعي)، وجاءت تلك المحاور لتسطّر برنامج عمل الحكومة الجديدة وخطوطها العريضة، وهي بنود إشكالية كانت حولها خلافات كثيرة، إذ تشمل ملفات اجتماعية واقتصادية هامة. ولكن الجميع اتفق على تلك المضامين، ليتركّز الخلاف بوضوح على طبيعة التعديل الحكومي، وإن كان جزئياً يشمل بعض الوزارات، أو كلياً، إذ يطرح البعض حكومة جديدة برئيس جديد.
ولم ينفِ رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي ذلك، مؤكداً تمسك حركته بيوسف الشاهد وبقائه على رأس الحكومة مع إجراء تعديل وزاري. وقال الغنوشي إن "النهضة متمسكة بموقفها، ويتلخّص في إقرار البرنامج الذي يمكن تطبيقه في هذه الحكومة برئاسة يوسف الشاهد بعد إخضاعها لعدد من التحويرات (التعديلات)".
أما الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، فقد عبّر عن استغرابه من إقرار "النهضة" بفشل الحكومة وتمسكها على الرغم من ذلك ببقاء رئيسها يوسف الشاهد. في حين كانت انتقادات المدير التنفيذي لـ"نداء تونس"، حافظ قائد السبسي، لموقف "النهضة" قوية جداً، حين هاجم تمسك الحركة بما تسميه الاستقرار الحكومي. الموقف الحاد للسبسي الابن من حكومة الشاهد ومن دفاع "النهضة" عن بقائها، يؤكد نهائياً أنه لم يعد هناك من مجال لأي تراجع للشق الذي يمثله حافظ السبسي في "النداء"، وربما يتماهى مع تقييم الرئيس الباجي قائد السبسي كذلك، على الرغم من أن البعض يذهب إلى تعارض بين الأب والابن، ولكنها تبقى فرضية مستبعدة جداً.
يتضح إذاً أن الجميع مع إبعاد الشاهد، باستثناء "النهضة". وفي محاولة لفهم أسباب ذلك، يشير السبسي الابن إلى أن "البعض ينتقدون موقفنا المطالب بتعديل حكومي عميق، لأن هذه المطالبة من شأنها أن تمس الاستقرار في بلادنا، ويضيفون على الأمر جملة أخرى تمنيت لو أنهم لم يجاهروا بها وهي: بمثل ما يطالب به الشركاء الدوليون". كلام يعني بوضوح أن هناك تأثيرات أجنبية دخلت على خط هذه المسألة التونسية الداخلية، وهي ليست جديدة، إذ سبق للشاهد أن اجتمع بسفراء الدول السبع الكبرى المعتمدين في تونس وسفير الاتحاد الأوروبي، وقال السفير الفرنسي في تونس، أوليفيي بوافر دارفور، إثر الاجتماع إن "ثقة فرنسا كبيرة في حكومة الشاهد من أجل مواصلة الإصلاحات وجعل تونس نموذجاً في المنطقة"، معتبراً أنّ "المؤشرات حول تحسّن وضع تونس الاقتصادي وعودة النمو والاستثمارات التي قدّمها رئيس الحكومة خلال الاجتماع جيدة ومشجّعة".
لكن هل ستتمسك "النهضة" إلى آخر لحظة بموقفها المساند للشاهد؟ وهل يمكن أن تقف ضد الجميع في هذا الأمر؟ سؤال قد تجيب عنه تجربة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، حين تمسكت "النهضة" به أيضاً ولكنها في النهاية قبلت إقالته ولم تمنحه الثقة مجدداً في البرلمان. وعلى الرغم من أن "نداء تونس" لن يكون بإمكانه سحب الثقة من الشاهد في البرلمان بعد انقسام نوابه في هذا الخصوص، وإعلان عدد منهم العصيان الواضح ضد السبسي الابن، فإن مصير الشاهد يبقى معلقاً بيد "النهضة" وحدها.