التعزيزات التركية في إدلب تؤجل المعركة

عادل حمود

avata
عادل حمود
13 سبتمبر 2018
E77CC02B-BA3F-4E50-A1DE-45DD28E566B0
+ الخط -
تنبئ وتيرة التحركات العسكرية في محافظة إدلب ومحيطها، بأن كل الأطراف تستعد للمعركة المؤجلة في المنطقة، فالنظام السوري وحلفاؤه يواصلون إرسال تعزيزات عسكرية إلى المناطق المحيطة بالمحافظة والخاضعة لسيطرتهم، فيما روسيا تتحدث عن ضرورة حل مشكلة "التنظيمات الإرهابية" في إدلب بشكل جذري عاجلاً أم آجلاً. في المقابل، ومع تعزيز تركيا لتدابيرها الأمنية عند حدودها، برز أمس، ما كشفته مصادر في المعارضة السورية عن تكثيف أنقرة إرسال إمدادات السلاح لمقاتلي المعارضة لمساعدتهم على الاستعداد لمعركة طويلة الأمد في إدلب. يأتي كل هذا مع كشف الأمم المتحدة من جديد أن النظام استخدم السلاح الكيميائي هذا العام مجدداً لاستعادة مناطق من سيطرة المعارضة، فيما ترتفع التحذيرات الدولية للنظام من استخدام الكيميائي في الهجوم على إدلب. ومن المتوقع أن يحضر ملف إدلب خلال لقاء وزيري الخارجية الألماني هايكو ماس، والروسي سيرغي لافروف، في برلين، يوم غد الجمعة.

ميدانياً، يدفع الجيش التركي بمزيدٍ من التعزيزات العسكرية نحو ولاية هاتاي الحدودية مع شمال غرب سورية، وتدخل بعض هذه التعزيزات بشكل شبه يومي في الأيام الماضية إلى منطقة "خفض التصعيد"، في إدلب ومحيطها، حيث لأنقرة 12 نقطة مراقبة عسكرية هناك. وقال شهود عيان من سكان القرى الحدودية مع تركيا لـ"العربي الجديد"، إن "آلياتٍ مصفحة، ومدرعات، وجنوداً أتراكاً، يصلون تباعاً منذ أيام، عابرين الشريط الحدودي نحو نقاط المراقبة التركية المتوزعة في إدلب ومحيطها وصولاً لشمال حماه قرب مورك"، في الوقت الذي قالت فيه مصادر محلية في مدينة الباب لـ"العربي الجديد"، إن "نحو 20 ألف مقاتل من فصائل الجيش الحر المنضوية في درع الفرات، بدأوا بالاستعداد في المناطق التي يتمركزون فيها حالياً (جرابلس، الباب، إعزاز ومحيطها) لمواجهة احتمالات تصعيدٍ من قِبل النظام بدعم روسي في إدلب".

في السياق، كشفت وكالة "رويترز" نقلاً عما قالت إنها مصادر في المعارضة السورية، أن تركيا تكثّف إمدادات السلاح لمقاتلي المعارضة لمساعدتهم على التصدي لهجوم متوقع من النظام وحلفائه. وقال مسؤولون رفيعو المستوى في المعارضة، بحسب الوكالة، إن تركيا أرسلت المزيد من المساعدات العسكرية للمعارضين في منطقة إدلب وحولها منذ أن فشلت قمة طهران الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق لتجنّب شن هجوم على المنطقة. وقال قائد كبير في الجيش السوري الحر مطّلع على محادثات في الأيام القليلة الماضية مع كبار المسؤولين الأتراك، لم تنشر "رويترز" اسمه، إن "الأتراك تعهّدوا بدعم عسكري كامل لمعركة طويلة الأمد. لن يستطيع النظام أن يصل إلى ما يريد". وقال قائد آخر بالمعارضة "هذه الشحنات من الذخائر ستسمح لأن تمتد المعركة وتضمن ألا تنفد الإمدادات في حرب استنزاف". وأضاف "يحصلون على شحنات جديدة من الذخائر. لا يحتاجون أكثر من الذخائر".

في المقابل، يعزز النظام وحلفاؤه حضورهم في المنطقة، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وصول أكثر من أربعة آلاف عنصر من قوات النظام والمقاتلين الإيرانيين مع آلياتهم وعتادهم إلى ريف حلب الشمالي منذ مطلع الشهر الحالي. في موازاة ذلك، وبعدما شهدت منطقة إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية المتصلة بها، يوم الثلاثاء وحتى صباح أمس الأربعاء، عودة نسبية لحالة الهدوء الحذر، استؤنفت، أمس، غارات الطيران الروسي وطيران النظام المروحي. وقال المرصد السوري إن قوات النظام استهدفت بقصف صاروخي بلدة التمانعة ومحيطها في ريف إدلب الجنوبي. ومع تصعيد القصف على إدلب ومحيطها منذ مطلع الشهر الحالي، أحصت الأمم المتحدة نزوح أكثر من ثلاثين ألف شخص من ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الغربي، وريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي حتى يوم الأحد. فيما أفاد مراسل وكالة "فرانس برس" في القطاع الجنوبي من إدلب عن تراجع حركة النزوح إلى حد كبير، أمس الأربعاء، مع توقف القصف.

كل هذه المعطيات تدل على أن المعركة مؤجلة راهناً في إدلب ومحيطها. ويعزز ذلك تصريح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرينتييف، الذي حضر اجتماعاً، الثلاثاء، في جنيف، للدول الضامنة لمسار أستانة مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بشأن اللجنة الدستورية المتعثرة، إذ قال إن بلاده تعمل مع "الدول الضامنة" على حل المسألة في إدلب، بأدنى حدٍ من الخسائر، مع ضمان أمن المدنيين هناك، مضيفاً "إذا تحدثنا عن التأجيل، فيمكن تأجيل محاربة التنظيمات الإرهابية أسبوعاً أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ولكن ماذا بعد ذلك؟ يجب حل هذه القضية بشكل جذري عاجلاً أو آجلاً. ولذلك فإن الأمر يتوقف على قدرة المجتمع الدولي على المساعدة في فصل المعارضة المعتدلة الموجودة في إدلب عن المتطرفين"، قائلاً إن إدلب، بحسب اتفاق "خفض التصعيد" في أستانة قبل سنةٍ ونصف، تقع في نطاق المسؤولية التركية و"على تركيا فصل المعارضة المعتدلة عن المتطرفين".


جاء ذلك مع تجديد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مطالبته بضرورة بذل كل الجهود لحماية إدلب من "كابوس إنساني لم يحدث له مثيل في الصراع السوري"، مشيراً في مؤتمرٍ صحافي في نيويورك، إلى أن "الوضع الحالي في إدلب لا يمكن تحمله، كما لا يمكن التغاضي عن وجود جماعات إرهابية. ولكن محاربة الإرهاب لا تعفي الأطراف المتحاربة من التزاماتها الأساسية بموجب القانون الدولي".

وشهد مجلس الأمن مجدداً سجالاً غربياً - روسياً، بشأن سورية. وقال المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة، فرانسوا دولاتر، خلال جلسة مجلس الأمن، التي دعت إليها روسيا لمناقشة نتائج قمة طهران الثلاثية حول سورية وإدلب خصوصاً، إن "الحرب على الإرهاب يجب ألا تبرر خروقات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. هذه مأساة. ولقد أثبتت التظاهرات السلمية في الأيام الأخيرة أن إدلب ليست مرتعاً للإرهاب. إن الهجوم على إدلب ستكون له تداعيات كارثية. وهناك عشرات الآلاف الذين انتقلوا إلى شمال إدلب لتلافي القصف"، مضيفاً "سنرد إلى جانب حلفائنا على كل استخدام للسلاح الكيميائي في إدلب".

من جهته، تحدث المندوب الروسي في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، في الجلسة حول القمة الثلاثية في طهران، قائلاً إن "روسيا وتركيا وإيران، كدول ضامنة، مستعدة للعمل على إعادة بناء المناطق المدمرة، كما أن الدول الثلاث ملتزمة بوحدة الأراضي السورية. لقد تحدثنا عن وجود الإرهابيين في إدلب، ونطالب بأن تتوقف القوات المسلحة عن ضرب الصواريخ على القرى والمناطق المحيطة. لقد أكدت الدول المجتمعة كذلك على التزامها بالفصل بين الجماعات المعارضة وتلك الإرهابية"، مكرراً رواية بلاده حول أن "المجموعات الإرهابية في إدلب لديها إمكانية استخدام السلاح الكيميائي".

أما المندوبة البريطانية كارين بيرس، فأشارت إلى ضرورة أخذ الوقت من أجل فصل الجماعات الإرهابية عن المدنيين، مضيفة أن "التقدّم إزاء الحل السياسي غير ممكن إن حدث هجوم عسكري على إدلب". وذهبت السفيرة الأميركية نيكي هيلي، بالاتجاه نفسه، قائلةً إن "روسيا وإيران رفضتا طلب تركيا بوقف إطلاق النار، والولايات المتحدة لا تصدق ما تقوله روسيا وإيران عن إدلب وسورية".

ويُتوقع أن أي معركة في إدلب ستزيد من المآسي الإنسانية في سورية، خصوصاً أن النظام السوري لم يتوانَ سابقاً عن استخدام الأسلحة الكيميائية لاستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة. وفي هذا السياق، كشف محققون من الأمم المتحدة يعملون في مجال حقوق الإنسان، في تقرير جديد لهم، أن قوات النظام أطلقت غاز الكلور، وهو سلاح كيميائي محظور، في الغوطة الشرقية التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة، وفي محافظة إدلب هذا العام، في هجمات تمثل جرائم حرب. وذكر مسؤول في الأمم المتحدة لـ"رويترز"، أن هذه الوقائع ترفع عدد الهجمات الكيميائية التي وثقتها لجنة التحقيق بشأن سورية في البلاد منذ عام 2013 إلى 39 هجوماً، منها 33 هجوماً منسوباً للنظام، فيما لم يتم تحديد هوية المتسبب في الهجمات الست الأخرى. وأضاف المحققون في تقريرهم "لاستعادة الغوطة الشرقية في إبريل (نيسان)، شنّت القوات الحكومية العديد من الهجمات العشوائية في مناطق مدنية ذات كثافة سكانية عالية، واشتمل ذلك على استخدام أسلحة كيميائية"، في إشارة إلى أحداث وقعت بين 22 يناير/ كانون الثاني وأول فبراير/ شباط في منطقة سكنية في دوما بالغوطة الشرقية. وأوضح التقرير أن غاز الكلور استخدم أيضاً في 4 فبراير بمحافظة إدلب.

وكشفت اللجنة أن التهجير في سورية بلغ مستوى غير مسبوق منذ مطلع العام الحالي. وأكّدت أن أكثر من مليون شخص، بينهم أطفال، هُجّروا بسبب الهجمات التي شنّها نظام بشار الأسد على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة و"المنظمات الإرهابية"، خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الحالي. وحذّرت من احتمال تكرار هذا الوضع في محافظة إدلب.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة