أدى نسف غالبية الأسماء المطروحة لمنصب رئاسة الوزراء في العراق، من قبل المعسكرين الشيعيين ومرجعية النجف، في الفترة الماضية، إلى إعادة طرح اسم عادل عبد المهدي بقوة، وذلك بالتزامن مع تسريبات تشير إلى دعم عدد من مراجع النجف للرجل لتولي المنصب، لاعتبارات عدة، بينها علاقاته الجيدة مع الأميركيين والإيرانيين، على حد سواء، وعدم وجود تحفظ سني أو كردي على عبد المهدي الذي تولى في السابق مناصب سيادية عدة، من بينها نائب رئيس الجمهورية، وأخيراً وزير للنفط، وقدم استقالته بعد فترة من توزيره لأسباب وصفها بالشخصية.
وبعد قائمة طويلة، قدمتها كتل سياسية شيعية من كلا المعسكرين، خلال الأسابيع الماضية، وضمت أسماء مثل هادي العامري، وحيدر العبادي، وطارق النجم، وعبد الوهاب الساعدي، وعبد الحسين عبطان، وعلي علاوي، جرى أيضاً طرح قائمة أسماء أخرى منتصف الأسبوع الماضي، مثل وزير العمل محمد شياع السوداني، ووزير الصحة السابق صالح الحسناوي، وابن عم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، جعفر الصدر، قبل أن يعاد طرح اسم عادل عبد المهدي بقوة، بحسب مصادر سياسية في النجف وبغداد. وقالت المصادر إن عبد المهدي تعرض لضغوط لقبول طرح اسمه كمرشح تسوية بين القوى السياسية. وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "عبد المهدي زار النجف أخيراً، والتقى مع زعامات دينية في حوزة النجف ومراجعها، وتلقى إشارات واضحة على دعمه ووجوب دعمه لجهود حل الأزمة السياسية"، مبيناً أن "أطرافاً سياسية في بغداد، خصوصاً قطبي المحورين الشيعيين، الفتح وسائرون، تجد في عبد المهدي شخصية مقبولة". وأكد أن "اعتذار عبد المهدي مع طرح اسمه مطلع الشهر الحالي كان بسبب عدم الاتفاق على برنامج حكومي واضح بين الكتل السياسية المتصارعة".
ووفقاً للمسؤول العراقي، فإن أطرافاً في تحالف "الإصلاح والإعمار"، الذي يضم مقتدى الصدر ورئيس الحكومة حيدر العبادي، أعدوا مسودة برنامج حكومي لعرضه على التحالف المقابل، محور رئيس الحكومة السابق نوري المالكي ورئيس "الفتح" هادي العامري. وأوضح أن من الخطوط العريضة لمسودة البرنامج الحكومي أن يكون رئيس الوزراء غير منتمٍ إلى أي حزب سياسي، ولا يشكل أو ينتمي لأي حزب سياسي بعد توليه الحكومة، وألا يترشح لولاية ثانية، ولا يترشح للانتخابات التشريعية في العام 2022، وأن تتم مراجعة أداء حكومته كل ستة أشهر داخل البرلمان، وأن يكون الوزراء أصحاب اختصاص، لكن يختارهم من قوائم تتقدم بها الأحزاب والكتل الفائزة بالانتخابات. وأشار إلى أن منصب نائب رئيس الوزراء سيكون منصب ترضية لأحد قطبي الصراع السياسي الحالي في بغداد، موضحاً أن "الحكومة المقبلة ستكون خدمية، على عكس حكومة العبادي التي أخذت طابعاً عسكرياً، وكلفت بمهمة استعادة المدن والأراضي العراقية من سيطرة داعش. بمعنى أن ملفات الكهرباء والماء والبطالة ستكون على رأس مهام الحكومة، ولن يكون هناك أي تحريك لملف الحشد الشعبي أو الوجود الأجنبي في العراق على الأقل خلال العامين الأوليين من عمر الحكومة، لاعتبارات أمنية وسياسية وأخرى خارجية، تتعلق بتوازن العراقيين بين الأجندتين الأميركية والإيرانية". وأوضح أن "هذه المعلومات أبرز ما تم تناوله في اجتماع القيادات السياسية خلال الأيام الماضية"، مؤكداً أن "الصدريين يؤيدون فتح ملف قضايا الفساد السابقة بالحكومات المتعاقبة خلال برنامج الحكومة المقبلة، فيما يرفضه تحالف المالكي والعامري ويعتبره تسقيطاً سياسياً".
من جانبه، قال عضو تحالف "الفتح"، فاضل الدجيلي، لـ"العربي الجديد"، إن "المرجعية لن تدعم شخصاً بعينه، كما يتردد حول عبد المهدي، لكنها ستبارك من تجده الأصلح، وعبد المهدي اسم مطروح حالياً ويتم التباحث حوله". وبين أنه "أفضل الخيارات حالياً، كشخصية غير محسوبة على أي طرف من أطراف الأزمة"، لافتاً إلى أن "اعتذار مكتبه عن إجراء أي لقاءات أو حوارات صحافية، وانقطاعه عن الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف اليومية منذ أيام قد يعتبر موافقة ضمنية منه على تولي المنصب بعدما كان متردداً في ذلك". في هذا الأثناء، قال القيادي عن تحالف "سائرون"، صباح العكيلي، في بيان صحافي، إن تحالف "الإصلاح" لم يتفق على تسمية مرشح لرئاسة الوزراء حتى الآن. وأضاف "هناك الكثير من الأسماء المتداولة لشغل منصب رئاسة الوزراء، ضمنهم عادل عبد المهدي، لكن لا يوجد اتفاق رسمي لغاية اللحظة على ترشح شخصية محددة لرئاسة الحكومة المقبلة". وأكد أحد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، القريب من مشاورات الكتل السياسية ضمن تحالف "سائرون"، لـ"العربي الجديد"، أن "عبد المهدي سيكون الخيار الأخير في حال تأزم الموقف أكثر بين المحورين". وأشار المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن "الصراع سينتهي أو سيشتعل بعد يوم من عقد جلسة اختيار رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يكلف مرشح الكتلة الكبرى داخل البرلمان بتشكيل الحكومة". وتابع "في حال لم يتم التفاهم على حكومة توافقية بين معسكر المالكي ـ العامري ومعسكر الصدر ــ عمار الحكيم ــ العبادي حيال منصب رئيس الحكومة، فإنه سيتم الاحتكام إلى المحكمة الاتحادية حول من هي الكتلة الكبرى"، متوقعاً "بقاء طرح اسم عادل عبد المهدي في الحالتين كمرشح قوي للحكومة المقبلة".