ردُّ المتظاهرين اللبنانيين على "إصلاحات" حكومة الحريري: بنود تخديرية وباقون في الساحات

بيروت

فاطمة نصر الله

avata
فاطمة نصر الله
21 أكتوبر 2019
41E69069-35B0-4B21-95AD-7D820E313F7D
+ الخط -
بـ"مقاومة مدنية"، كما كتب على لافتة كبرى اعتلت إحدى المنصات في ساحة الشهداء بوسط بيروت، قرر اللبنانيون الاستمرار بمواجهة السلطة في مختلف المدن وعلى امتداد المناطق اللبنانية لليوم الخامس على التوالي، والانتفاض ضد الفساد، رافضين "بنود المورفين الإصلاحية"، في إشارة إلى الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة، اليوم الاثنين، بعد جلسة في القصر الرئاسي في منطقة بعبدا، شرق بيروت.

ويأتي قرار مواصلة التظاهر ضدّ الطبقة السياسية، وحتى إسقاط النظام، كما يطالب كثر من المحتجين، على الرغم من الحملة التي قادتها جهات حزبية عدة، وارتفع منسوبها في الساعات الأخيرة، مستهدفة التشكيك في المتظاهرين وترهيبهم.

وفيما تنوّعت الآراء بشأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بعد مهلة الـ72 ساعة التي كان قد منحها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، يوم الجمعة الماضي، لشركائه في الحكم لإقرار مشاريع إصلاحية، إلا أنّ الجو الغالب على المتظاهرين كان فقدان الثقة بالسلطة وبإمكانية إجرائها إصلاحات فعلية، بعدما دأبت خلال العقود الماضية على السرقة والنهب، بحسب ما قال أحد المتظاهرين لـ"العربي الجديد".

وقال الطالب الجامعي يوسف الشدياق، الذي نزل من بلدة بكفيا شمال بيروت إلى وسط المدينة: "سنطلع على البنود التي أقرّت بالتفصيل، وإذا كان هناك نسبة 1 في المائة غير محققة من مطالب الشعب الكثيرة، فسنبقى في الساحات وسيكون وجودنا أقوى"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "أي إصلاحات من دون محاسبة الفاسدين، إجراءات لا تعنينا". وتابع: "الشعب اليوم توحّد تحت رسالة واحدة وهدف واحد، على الرغم من محاولات ترهيبه وإرسال من يخوّفه".

وعبّر الشدياق عن مخاوفه من "المحاولات الحزبية لتخريب الحراك الشعبي، وانتقال ما حصل في الجنوب، وتحديداً في مدينة صور حيث اعتدى أنصار رئيس حركة أمل، رئيس مجلس النواب نبيه بري؛ إلى بيروت، إذ يبدو أن بعض الأحزاب مصرة على إفشالنا، ولكن لديّ أمل كبير بأننا سنبقى يداً واحدة".

أما نجلا من منطقة الأشرفية في بيروت، فقالت: "لا أصدّق أي قرارات"، مرددة هذه العبارة ثلاث مرات. وأضافت لـ"العربي الجديد": "هؤلاء خونة، ويريدون تخديرنا وتخويفنا، لكن الشعب لم يعد خائفاً من أي أحد".

وتحت مظلة كبيرة، تجلس أنطوانيت كرم في وسط ساحة الشهداء، وهي تعمل معلمة وفق نظام التعاقد منذ 12 عاماً. ولأن الراتب الذي تتقاضاه كل سبعة أشهر جراء مهنتها في التعليم لا يكفيها، تبيع اليوم الكعك في الساحة للمتظاهرين. وقالت لـ"العربي الجديد": "مطلبي اليوم تثبيتي في مهنتي". وبرأيها، إن "الإصلاح داخل السلطة الحالية، لأن سقوطها الآن والذهاب إلى الفراغ ليس حلاً أيضاً. نريد أن نأخذ حقوقنا من هؤلاء الموجودين في السلطة اليوم، وأي إصلاحات جيدة نرحب بها. كل شخص هنا لديه قضية وعليهم أن يقدموا الحلول لقضايانا".

أما جيلبير الذي أتى من منطقة الدامور جنوب بيروت، فرأى أنّ "البنود التي أقرّتها الحكومة لا تحلّ ولا تربط، والحل بإسقاط هذه الدولة بكل من فيها". وأضاف: "ما يقومون به، إعطاء إبر مورفين (تخدير) للناس، وكل ما يعدوننا به كذب، لم نعد نثق بهم ولا نصدقهم، مهما فعلوا".

ومن طريق الجديدة في بيروت، أتت بدرية السكتي مع أولادها لليوم الخامس على التوالي. وقالت: "لا ثقة بأي زعيم، هؤلاء يضحكون علينا، كل مرة يقدمون الوعود وبعد فترة قليلة يعودون كما كانوا"، مؤكدة أنه "يجب أن نبقى في الشارع لتستقيل الحكومة، ويتم تشكيل أخرى جديدة حيادية".

وعلى الرغم من محاولات التشويه والترهيب التي قادها عناصر حزبيون عدة أخيراً، إلا أن ذلك لم يثنِ نديم حرز عن النزول من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى ساحة الشهداء، والتظاهر ضدّ السلطة بكاملها. وقال بدوره لـ"العربي الجديد": "جميعهم نصابون ويريدون تخدير الشعب بقرارات وقتية، ثمّ بعد ذلك يعودون إلى النهب والسرقة". وبرأيه، "الحل بسقوط النظام كله، ولبنان مليء بالرجال والنساء القادرين على قيادة هذا الوطن".

أما حسين الذي أتى كذلك من الضاحية الجنوبية، فرأى أن "هذه السلطة ليست في وارد إجراء أي إصلاح، إصلاحاتها فقط قرارات ورقية، فقد جربناهم، وهم يعطوننا إبر مورفين". وأكّد أن "العبرة ليست في إقرار القوانين، كاستعادة الأموال المنهوبة وغيرها، بل في استعادة الأموال التي سرقت على مدى العقود الماضية فعلياً وعودتها إلى خزينة الدولة وللمواطنين". وعن حملات الترهيب والتهديدات، قال: "يريدون إخراج الناس من الساحات، ولكن مطالبنا محقة، وسلوكهم جميعاً باطل، بمن فيهم حزب الله الذي لديه مثلهم نواب ووزراء في هذه السلطة".

دلالات

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير