انتهت الاحتجاجات في إيران، لكن لم ينته الجدل بعد بشأن عدد ضحاياها ومعتقليها، والسلطات لم تنشر بعد أرقاماً رسمية بهذا الشأن، لكنها تنفي الإحصائيات التي تنشر، متهمة الجهات التي تنشرها بـ"التزوير" و"تلفيق أرقام".
ودعا النائب عن طهران، علي مطهري، ووفقاً لوكالة "إيسنا" الإيرانية، اليوم الثلاثاء، إلى الإعلان عن عدد الذين سقطوا قتلى على يد قوات الشرطة خلال الاحتجاجات الأخيرة، قائلاً إن البرلمان سيتابع استجواب وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي خلال الأسبوع المقبل.
وفي معرض رده على سؤال في جامعة "خواجه نصير" بطهران، عمّا إذا كان أنصار الملكية وعناصر "منظمة مجاهدي خلق" المعارضة وراء الاحتجاجات الأخيرة، قال مطهري إن البرلمان تسلم تقريراً يقول إنه "لم يكن لهما دور كبير، هؤلاء المحتجون كانوا مواطنين عاديين فقراء".
وأضاف مطهري أنه "تم اعتقال أشخاص في طهران لم يكونوا يعرفون ما هو الإصلاحي أو المحافظ أو المنافق".
وأمس الاثنين، دعا النائب الإصلاحي عن طهران، محمود صادقي، في تغريدة، على "تويتر" السلطات المعنية في البلاد إلى نشر "الأرقام الدقيقة عن عدد القتلى والمصابين والمعتقلين"، قائلاً إنه إذا لم تفعل السلطات ذلك "فنواب المجلس (البرلمان) سيضطرون لنشر إحصائيات مبنية على تقارير شعبية".
Twitter Post
|
واندلعت هذه الاحتجاجات في الخامس عشر من الشهر الماضي، على خلفية رفع أسعار البنزين بنسبة 3 أضعاف، وهي أوسع احتجاجات مطلبية، تشهدها إيران منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، طاولت سريعاً أكثر من 100 مدينة في 28 محافظة، بحسب تصريح لنائب القائد العام لـ"الحرس الثوري الإيراني"، علي فدوي. وشكل السادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني يوم الذروة.
واتهمت السلطات الإيرانية جهات أجنبية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وإسرائيل بالوقوف وراء الاحتجاجات، معتبرة أنها "فتنة جديدة".
وفي سياق الجدل الدائر بشأن عدد ضحايا ومعتقلي هذه الاحتجاجات، قال المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران، غلا محسين إسماعيلي، اليوم الثلاثاء، في مؤتمره الصحافي الخامس عشر، إنّ "الأرقام التي تنشرها مجموعات معادية حول الضحايا كاذبة تماماً والعدد أقل من ذلك بكثير"، من دون أن ينشر العدد الرسمي.
وأضاف إسماعيلي أن "الكثير من الأشخاص الذين قيل إنهم قتلوا، هم أحياء"، مشيراً إلى أن "الفتاة نيكتا اسفنداني 14 عاماً، التي قالوا إنها قتلت في أحداث الشغب بالرصاص، يؤكد الطب العدلي وعائلتها إنها توفيت بسبب التسمم الغذائي".
وفيما لم يسم إسماعيلي" المجموعات المعادية" التي قال إنها تنشر تقارير "كاذبة" عن عدد ضحايا الاحتجاجات، إلا أن منظمة "العفو" الدولية قد أفادت، أمس الاثنين، في أحدث تقرير لها حول قتلى الاحتجاجات في إيران، بأنّ 208 أشخاص على الأقل، قُتلوا جراء قمع الحركة الاحتجاجية التي بدأت، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، في إيران، بعدما كانت قد أعلنت مقتل 143 شخصاً، قبل أسبوع.
وقالت المنظمة ومقرها في لندن، إنّ "الحصيلة الفعلية تتجاوز على الأرجح 208 قتلى"، موضحة أنّ هذا التقدير يستند إلى "معلومات ذات صدقية" حصلت عليها من فرقها على الأرض.
إلى ذلك، نقل موقع "كلمة" الإيراني المعارض، الخميس الماضي، عن "مصدر" وصفه بـ"المطلع" أن عدد قتلى الاحتجاجات الأخيرة "هو 366 شخصا".
والجدل لا يتوقف عند عدد القتلى، بل هناك أيضاً جدل بشأن الطريقة التي قتل بها هؤلاء، وفيما تنشر جهات معارضة وحسابات على شبكات التواصل مقاطع فيديو عن حوادث قتل خلال الاحتجاجات، متهمة قوات الأمن والشرطة بإطلاق الرصاص تجاه المحتجين، إلا أن السلطات الإيرانية، تنفي ذلك، موجهة أصابع الاتهام لـ"المندسين" و"مثيري الشغب"، قائلة إن "هناك تسجيلات مصورة تظهر أنهم أطلقوا النار صوب المتظاهرين من الخلف".
وفي الإطار، قال قائد "حرس محمد رسول الله" في طهران الكبيرة، محمد رضا يزدي، أمس الاثنين، إن "هناك من فقدوا أرواحهم وهم أبرياء".
وأضاف يزدي أن "هؤلاء قد تعرضوا للرصاص من الخلف"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "عدداً من مثيري الشغب أيضاً قد قتلوا".
إلا أنه لم ينف أو يؤكد مقتل أشخاص على يد قوات الأمن في معرض رده على سؤال بهذا الشأن، وفقاً لوكالة "تسنيم"، قائلاً إن "ذلك قيد الدراسة"، مضيفاً أنه "حول هذا الموضوع لا يمكننا الحديث الآن وليس وقته، لكن أقول إننا ندرس بدقة أسباب مقتل الذين قتلوا".
عدد المعتقلين
وعن عدد المعتقلين، قال المتحدث باسم السلطة القضائية في مؤتمره الصحافي، إن معظم من اعتقلوا خلال الاضطرابات تم الإفراج عنهم، من دون ذكر عدد المعتقلين، مشيراً إلى أن 300 من المحتجين هم قيد الاحتجاز حالياً في العاصمة.
لكن محافظ العاصمة الإيرانية، أنوشيروان محسني بندبي، ذكر اليوم الثلاثاء، أن عددهم في طهران 2021 شخصاً، لافتا إلى أنه تم الإفراج عن معظمهم، وفقاً لما أوردته وكالة "إيسنا" الطلابية.
وحول عدد المعتقلين في أنحاء إيران، لم تعلن السلطات بعد أرقاماً رسمية، لكن صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، نقلت الثلاثاء الماضي عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية حسين نقوي حسيني، قوله إنه أثناء الاحتجاجات اعتقل 7 آلاف شخص.
كما نقلت عن مندوب وزارة الأمن خلال اجتماع للجنة بالبرلمان، أن معظم المعتقلين إما عاطلون عن العمل أو لديهم أعمال بدخل منخفض أو يحملون شهادات متدنية.
إلى ذلك، ذكر النائب الإصلاحي عن طهران مصطفى كواكبيان، الثلاثاء الماضي، في ندوة "دور البرلمان في الحريات المدنية"، أن "70 في المائة من المعتقلين عاطلون من العمل"، مشيراً إلى أن "معظمهم يحملون شهادات أقل من الثانوية العامة".
في الأثناء، أعلن قائد قوات الشرطة الإيرانية، حسين أشتري، من مدينة "ماهشهر" بمحافظة خوزستان، التي شهدت احتجاجات واسعة، أنّ اعتقال "مثيري الشغب والمخلين بالأمن سيستمر"، مؤكداً أنه "سيتم التعامل بحزم مع من يخل بهدوء المجتمع".
وتأتي زيارة أشتري إلى ميناء ماهشهر، في وقت تنشر، على شبكات التواصل وقنوات معارضة في الخارج، مقاطع فيديو تظهر قتل عدد من الأفراد في المدينة داخل القصب أثناء الاضطرابات التي شهدتها، إلا أن حاكم المدينة، محسن بيرانوند، قال للتلفزيون الإيراني إن القتلى "كانوا مسلحين وانفصاليين"، نافياً إحراق القصب. وأضاف أن قوات الأمن واجهت "المسلحين بحزم".
وتفيد تقارير رسمية بأن خمسة من قوات الأمن والشرطة والباسيج قتلوا أثناء الاضطرابات.
وتخللت الاحتجاجات الأخيرة في إيران، عمليات تخريب واسعة، تعزوها السلطات إلى "مثيري الشغب ومخربين".
وكشف وزير الداخلية الإيراني، عبدالرضا رحماني فضلي، الأربعاء الماضي عن "هجوم على 50 مقراً عسكرياً"، مشيراً إلى إحراق 34 سيارة إسعاف و731 بنكاً و140 مكاناً عاماً و9 مؤسسات دينية و70 محطة بنزين و307 سيارات شخصية و183 سيارة عسكرية و1076 دراجة نارية شخصية، خلال الاحتجاجات. ولفت إلى أن عدد المشاركين في الاحتجاجات تراوح بين 130 ألفاً و200 ألف شخص في أنحاء البلاد.