وأفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأنّ المواجهات بين الحوثيين ومسلحي القبائل، تفجّرت مجدداً الخميس الماضي، مع بدء الحوثيين هجوماً جديداً ضدّ المواقع التي يتمركز فيها رجال القبائل بمنطقة العبيسة، مركز قبائل حجور، حيث تدور الاشتباكات بصورة متقطعة منذ أكثر من أسبوعين، مع انتشار الحوثيين على أكثر من مدخل باتجاه المنطقة، وسط أنباء عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى من الجانبين.
وأشعل تصعيد حجور ردود فعل وتفاعلات واسعة، على أكثر من صعيد، بما في ذلك بين القبائل، التي تداعى العديد من وجهائها للدعوة إلى نصرة حجور أو القيام بدور الوسيط لحلّ الأزمة. لكنّ قسما كبيرا من الانتقادات انصب باتجاه الحكومة الشرعية، التي ترابط قواتها على بعد ما يقرب من 20 كيلومتراً من المناطق التي تشهد مواجهات، في حين اقتصرت تحركاتها على المواقف المعلنة بدعم القبائل واعتبارها تتعرض لـ"عدوان"، من قبل الحوثيين، فيما تدخل التحالف السعودي الإماراتي مرة على الأقل، بتنفيذ غارات جوية ضدّ مواقع مفترضة للحوثيين الذين يفرضون حصاراً على المنطقة ويحاولون اقتحامها من أكثر من مدخل.
ولم يقتصر التحرّك الحوثي، على الجانب العسكري، إذ لجأت الجماعة إلى وساطات ولقاءات، بما فيها اجتماع رئيس ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" (مجلس الحكم التابع للحوثيين في صنعاء)، مهدي المشاط، في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، مع وجهاء قبائل وقيادات محلية موالية للجماعة في محافظة حجة، في وقت تذهب بعض توصيفات المسؤولين الموالين للحوثيين، إلى اعتبار أنّ ما يجري هو بين قبيلتين في كشر، وهو ما ينفيه وجهاء قبائل حجور.
وخلص اجتماع المشاط بوجهاء محافظة حجة، إلى "تشكيل لجنة من أبناء المديرية والمحافظة للنزول إلى مناطق مديرية كشر، وحل الإشكاليات العالقة، بما يحقن الدماء ويوحّد الصف" بمواجهة من وصفه بـ"العدوان الذي يستهدف كل اليمنيين بدون استثناء". وعقب ذلك، جرى الإعلان عن اتفاق من قبل اللجنة التي شكّلها الحوثيون، من ستة بنود، أبرزها "تشكيل لجنة رقابة لوقف اطلاق النار يضم ست شخصيات وهم، الشيخ علي وهبان والشيخ أحمد هندي لدى بيت النمشة، الشيخ محمد صغير شنتر والشيخ صالح وهان لدى بني الدريني، والشيخ عبده علي غانم والشيخ صالح هادي قرسوس لدى بيت الشنفي". هذا بالإضافة إلى "انسحاب جميع المجموعات المسلحة والمقاتلين الذين هم من خارج تلك القبائل، على أن تقوم الدولة ممثلة بالمجلس المحلي في المديرية (السلطات التابعة للحوثيين) وبالتنسيق مع محافظ المحافظة، بمعالجة وحلّ قضايا المديرية، وتشكيل أفراد أمن من أبناء المديرية المحايدين، ووضع ثلاث نقاط أمنية رئيسية؛ الأولى في منطقة المندلة والثانية في منطقة العبيسة والثالثة في منطقة عاهم". وأخيراً "تشكيل لجنة لمتابعة السجناء والمعتقلين والأسرى من أبناء المديرية للإفراج عنهم".
وفيما أعلن متحدثون باسم قبائل حجور، أنهم لم يكونوا طرفاً في الاتفاق المعلن، وضعت القبائل سبعة مطالب، تمثّلت بوقف إطلاق النار من قبل الطرفين (الحوثيون وحجور)، وإزالة المتاريس، وإخلاء منطقة العبيسة من المليشيات الحوثية، وإطلاق جميع السجناء لدى الحوثيين من أبناء قبائل حجور، بالإضافة إلى المطالبة بتعهّد الجماعة بـ"عدم اختطاف أبناء حجور في المناطق التي تسيطر عليها"، ورفع "جميع نقاط المليشيات داخل المديرية وعلى مداخلها في الطرق الرئيسية والفرعية"، وكذا "تأمين الطريق من منطقة حوث إلى مثلث عاهم".
وتكتسب أحداث حجور في محافظة حجة أهمية استثنائية، من جوانب عدة، أبرزها الأهمية التي تمثلها جبال حجور في مديرية كشر، كبوابة نحو محافظتي عمران وصنعاء، في ظلّ التقدّم الذي حققته القوات الحكومية المدعومة من التحالف في الأشهر الأخيرة في الجزء الساحلي والمناطق الحدودية لمحافظة حجة مع السعودية، مروراً بطبيعة التطوّر، كمحاولة من الحوثيين لإخضاع أي أصوات قبلية ترفض هيمنة الجماعة، بعد أن خاضت الأخيرة منذ ما قبل اجتياح صنعاء، سلسلة من الحروب لإخضاع القبائل في المناطق الشمالية للبلاد.
وعلى الرغم من المعلومات الواردة من حجور، والتي تتحدّث عن "صمود" ملحوظ يبديه رجال القبائل لكسر الحملات الحوثية، إلا أنه في المقابل تنطلق تحذيرات من شخصيات محلية ومعارضة للحوثيين بصورة عامة، من أنّ موازين القوى العسكرية وبدون تدخّل قوات الشرعية، قد لا تكون في مصلحة أبناء القبائل، الذين يستخدمون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في الغالب، مقابل حشد الحوثيون آليات ثقيلة، بما فيها الدبابات لفرض سلطتهم بالمنطقة. وإذا ما تمكن الحوثيون من تحقيق ذلك، فإنّ الآثار لن تنحصر في إطار حجة، بل سيكون لها تأثيراتها في عموم مناطق القبائل المنقسمة في الأصل بالولاءات بدرجات متفاوتة.