وفي سبيل أن يكون الضغط فعالاً، ارتأت منظمات مدنية عريقة اقتراح خارطة طريق وتقديم مقترحات حول المشاريع، لا سيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، وعرضها على البرلمان.
وشارفت الدورة النيابية الحالية في تونس، والتي تمتد لخمس سنوات، على الانتهاء، من دون أن يتمكن البرلمان من إرساء كل المؤسسات، وخاصة الهيئات التي نصّ عليها، كما لم يتوصل إلى ملاءمة الترسانة القانونية القديمة بالمقتضيات الدستورية.
وفي ظلّ الكمّ الهائل من المشاريع المحالة من قبل الحكومة، لا سيما المتعلقة باتفاقيات الاقتراض وتسيير دواليب الدولة، فإن البرلمان وجد نفسه مغرقاً بالنظر في القوانين اللازمة لتسيير البلاد، فيما تخلف عن تنزيل الدستور وانتخاب كل الهيئات. لذلك قرر "الائتلاف المدني للدفاع عن الحقوق والحريات الفردية" تصعيد تحركاته، في إطار الضغط على السلطة التشريعية لاستكمال المحطات اللازمة لإنهاء مرحلة الانتقال الديمقراطي.
ولن يكتفي الائتلاف بالاحتجاج فقط، وفق ما أكدته عضو المكتب التنفيذي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نجاة الزموري، لـ"العربي الجديد"، حيث يتواصل التنسيق بين المنظمات المكونة له، من أجل اقتراح خارطة طريق على مجلس نواب الشعب، تضع الأولويات التشريعية في مجال الحقوق والحريات الفردية، وتطالبه بالتسريع في النظر فيها.
وأكدت الزموري أن الرابطة ستسعى للتنسيق مع "الاتحاد العام التونسي للشغل" وعمادة المحامين و"اتحاد الأعراف"، إضافة إلى الجمعيات الناشطة في الحقل الحقوقي، من أجل تجميع الجهود والضغط لإلزام البرلمان بخارطة الطريق.
وبيّنت الزموري لـ"العربي الجديد"، أن سياق الأوضاع في البلاد إبان الاغتيالات السياسية التي وقعت عام 2013، حتّم على المنظمات الأربع قيادة حوار وطني من أجل الخروج من الأزمة، كما يفرض عليها الوضع اليوم أيضا أن تتدخل وتقف أمام كل محاولات العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد.
في المقابل، اعتبر عضو اللجنة الانتخابية، بدر الدين عبد الكافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المجتمع المدني محق في خشيته من عدم التوصل إلى استكمال المؤسسات الدستورية، لكن ذلك لا يجب أن يحجب جزءاً من الحقيقة حول الأسباب الأساسية في عدم تركيز الهيئات.
وذكر عبد الكافي أن جانباً من المسؤولية يتحمله بعض النواب الذين لم يبدوا التزاماً وانضباطاً في عملهم النيابي بالحضور والتصويت على المشاريع، أو المشاركة في انتخاب أعضاء الهيئات.
وأرجع عبد الكافي في حديثه لـ"العربي الجديد"، الجانب الأكبر من المسؤولية، للحكومة التي تأخرت في عرض مشاريع القوانين المتعلقة ببعض الهيئات إلى البرلمان، ولم تقدم أي مبادرات بشأن مؤسسات دستورية أخرى، وبقي البرلمان رهن انتظار مبادرتها وتحمل الكلفة السياسية لذلك، واتهامه بالفشل.
ولا يشاطر عبد الكافي رأي "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، بشأن ضرورة عقد حوار وطني حول خارطة طريق لما تبقى من العهدة البرلمانية، مبرزاً أن السياق اليوم مختلف عما عاشته البلاد عام 2014، رغم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وحتى السياسية، وهو ما يجعل هذا المقترح ضرباً من المبالغة، وفق تقديره.