وأعلنت الحكومة الجزائرية، في أول اجتماع لها عقدته الأربعاء، برئاسة بدوي، جملة من الإجراءات والقرارات تتعلق بدراسة سريعة وعاجلة للملفات المودعة لدى وزارة الداخلية، والمتعلقة باعتماد الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، ودراسة الملفات المودعة لدى وزارة العمل والمتعلقة باعتماد النقابات والبت فيها.
وكان 15 حزباً قيد التأسيس وتنظيمات المجتمع المدني قد أودعت ملفات للحصول على ترخيص بالنشاط، لكن السلطة كانت ترفض منحها، وتجاوزت بذلك القوانين التي تقرّ بحيازة هذه الأحزاب على الاعتماد آلياً في حال عدم تلقيها رفضاً من السلطات بعد 60 يوماً من إيداع الملف، حيث كانت السلطات تمنع الناشطين السياسيين من قادة الأحزاب قيد التأسيس من النشاط.
كما تعمدت السلطة في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة، الذي قدم استقالته أمس وأقرّ المجلس الدستوري، إثر ذلك اليوم الأربعاء، شغور منصب الرئيس، تعطيل إنشاء النقابات المستقلة التي لا تتطابق مواقفها مع سياسات السلطة.
وكان لافتاً في السياق مفارقة سياسية تتعلق بكون رئيس الحكومة الحالي، الذي قرر فتح ملف اعتماد الأحزاب والتنظيمات منذ عام 2011، هو نفسه المعني بمسألة تعطيل اعتمادها وتجاوز القانون، وينطبق الأمر نفسه على وزير الداخلية الجديد صلاح الدين رحمون، الذي كان يشغل منصب أمين عام وزارة الداخلية قبل تعيينه في منصبه الحكومي الأحد الماضي.
وفي سياق القرارات الحكومية الجديدة، أقرت الحكومة في اجتماعها الأول إعادة توزيع الإشهار العمومي على الصحف ووسائل الإعلام بشكل شفاف ومتوازن، وقررت، بحسب البيان الحكومي، اعتماد "الشفافية والموضوعية في توزيع ومنح الإشهار العمومي دون إقصاء ودون تمييز بين كل وسائل الإعلام العمومية والخاصة".
وفي الفترة الأخيرة، تضررت عدة صحف ووسائل إعلام مستقلة من قطع السلطة للإشهار عنها، بسبب خطها التحريري، وفتحها مساحات النقاش للمعارضة السياسية، وانتقاد سياسات الرئيس بوتفليقة والحكومة، كما امتد التضييق الحكومي إلى منع صحف مستقلة من الطبع في مطابع عمومية.
وقال الناشط عبد الوكيل بلام، لـ"العربي الجديد"، إن القرارات التي اتخذتها الحكومة الجديدة هي "محاولات تهدئة موجهة لناشطين سياسيين ومؤسسات إعلامية قصد تخفيف حدة مواقفها ضد الحكومة، وتصب في نفس المنطق السياسي الذي كان يدير به بوتفليقة الشأن السياسي والإعلامي والشأن العام، عبر توزيع الريع وشراء الذمم السياسية".
وذكر عبد الرحمن هنانو، رئيس حزب "جزائر البناء" قيد التأسيس، والذي ظل معلقاً عن النشاط منذ سنوات، لـ"العربي الجديد"، أن "القرارات الحكومية التي تخص معالجة ملفات الأحزاب الجديدة هي نزوة سياسية فرضتها الظروف ومخرجات الحراك الشعبي، وهي قرارات تدين السلطة نفسها، وإقرار منها بأنها تجاوزت القانون".
وتواجه حكومة بدوي رفضاً شعبياً حاداً ومن المعارضة السياسية التي تضع حلّ هذه الحكومة ضمن أبرز شروطها، ما قد يدفع عدداً من الوزراء إلى الاستقالة من مناصبهم، بحسب بعض المعلومات المستقاة من مقربين من الوزراء الجدد.