واعتمد بن علي على تقرير طبي أصدرته مجموعة من الأطباء فجر 7 نوفمبر، مؤكدين عجز الرئيس بورقيبة (البالغ من العمر حوالي 87 عاماً حينها) عن القيام بمهامه.
وقال عضو هيئة الحقيقة والكرامة عادل المعيزي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الهيئة أحالت على القضاء ملف الزعيم الحبيب بورقيبة والذي كان فيه ضحية انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكداً أنّ الهيئة بادرت من تلقاء نفسها بالبحث والتقصي حول هذا الملف ثم أحالته على الدوائر القضائية المتخصصة في "العدالة الانتقالية".
وبين المعيزي أنّ موضوع الملف هو احتجاز وانتهاك حق التنقل للزعيم بورقيبة من قبل أجهزة الدولة في فترة الرئيس المخلوع بن علي بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987، مشيراً إلى أنّ الهيئة قامت بعديد التحريات وعثرت على وثائق أرشيفية هامة تمكنت من الاطلاع عليها إلى جانب رسالة وشكاوى قدمها الراحل الحبيب بورقيبة إلى محافظ المنستير يشكوه وضعه في الإقامة الجبرية، مطالباً بالخروج منها ومنحه حق التصرف كمواطن تونسي يحق له التنقل.
كما بين عضو هيئة "الحقيقة والكرامة" أنّ الراحل بورقيبة كان يشعر بالسوء جراء عدم الاعتراف بالدور التاريخي الذي قام به وما قدمه لتونس خاصة التعتيم الإعلامي على تاريخه النضالي ودوره في بناء دولة الاستقلال، مشيراً إلى أنّ بورقيبة كان مسجوناً تحت الإقامة الجبرية وكان يمنع عليه الاتصال بالمقربين منه أو بأصدقائه أو زيارته من أي كان.
ولفت المعيزي إلى أنّه بالإضافة إلى زين العابدين بن علي المنسوب إليه الانتهاك بالدرجة الأولى في هذا الملف، فإن هناك مسؤولين آخرين في تلك الفترة تورطوا في هذا الملف، ومن بينهم محافظ المنستير، مؤكداً أنّ اللافت للانتباه أن بورقيبة كان محتجزاً وتحت الإقامة الجبرية وممنوعاً من الزيارات، ولكن في عام 1989 ظهر خلال الانتخابات في الإعلام الرسمي وهو ينتخب ويصوت للحزب الحاكم ولبن علي، وفي ذلك مفارقة بين أنه إنسان عاجز ومريض وبين أنه قادر على أن يدلي بصوته كناخب.
ويعتبر ملف الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وطريقة احتجازه من قبل نظام بن علي من أكثر الملفات المثيرة للجدل في تونس وخلفت امتعاضاً من قبل مناصري بورقيبة ومحبيه، ولكنها ظلت من الملفات المسكوت عنها لسنوات بعدما أحاطها النظام السابق بالكثير من السرية وكان يمنع التطرق إلى الراحل بأي شكل من الأشكال في ظل تواتر الأنباء عن سوء معاملة كان يتلقاها بورقيبة وسوء تغذية والاستيلاء على ممتلكاته الخاصة والهدايا التاريخية والرمزية التي كانت تخصه.
ويذكر أن هيئة "الحقيقة والكرامة" أحالت ملف الحبيب بورقيبة كضحية انتهاكات يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2018 على الدوائر المتخصصة في "العدالة الانتقالية" لتحدد المحكمة أخيراً جلسة للنظر فيه، والتي سيتم الإعلان عنها قريباً.