ووفقاً للمصادر، التي تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ دائرة السيسي تستهدف جمع 100 ألف شخص على الأقل في المساحة الواقعة بين نصب الجندي المجهول وميدان رابعة العدوية المعروف رسمياً حالياً بميدان هشام بركات. وقد صدرت التعليمات لشركة "إعلام المصريين" التي تمثّل الجناح الإعلامي والدعائي للنظام، من دائرة السيسي، بالاستعداد لتصوير الحشود المأمولة بواسطة طائرات مروحية تم توفيرها بالتنسيق مع الجيش. كذلك تمّ الدفع بعدد كبير من وحدات التصوير الميداني في المنطقة منذ مساء أمس الخميس، استعداداً لبث صور حية توحي بتضخيم الحشود.
ولضمان وجود أكبر عدد ممكن من المواطنين، أعلن جميع نواب "مستقبل وطن" بالقاهرة والجيزة عن تسيير حافلات بعد صلاة الجمعة إلى مكان الاحتفال، مع صرف مبالغ مالية ووجبات غذائية للمشاركين، فيما طلبت المخابرات من بعض كبار رجال الأعمال، وعلى رأسهم محمد أبو العينين ومحمد فريد خميس، تسيير الحافلات من مصانعهم بالعاشر من رمضان والعبور والشروق. كذلك سينظم بعض رجال الأعمال وقفات "عمالية" مؤيدة للسيسي في محافظات الغربية والسويس وبني سويف، وسيتم تصويرها وترويجها أيضاً.
كذلك، أوعزت بعض الشركات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام ودواوين بعض الوزراء وشركات بترول حكومية وبعض شركات الاتصالات بتوجه موظفيها للمشاركة في التظاهرات المؤيدة للسيسي، والتوقيع على دفاتر حضور وانصراف هناك، مقابل صرف أجر يومين أو منح الموظف يومي عطلة إضافيين.
وبالتوازي مع هذه الاستعدادات الميدانية للحشد؛ واصلت دائرة السيسي المخابراتية استخدام وسائل الإعلام لإحداث حالة من البلبلة والتشويش على دعوات التظاهر التي أطلقها المقاول والممثل محمد علي وساندها العشرات من نشطاء التواصل الاجتماعي. وقد قامت أخيراً بإذاعة محادثة هاتفية منسوبة للقيادي بجماعة "الإخوان" المقيم في تركيا، علي بطيخ، مع أحد قيادات الجماعة بمصر، ويحذره فيها من الاقتراب من الأديرة والكنائس بحجة أنّ عملاً إرهابياً كبيراً سيتم تنفيذه ضدّ أحدها، وسط شكوك حول صحة المحادثة، لا سيما في ظلّ عدم تطابق الصوت وأسلوب الحديث فيها مع المعروف عن بطيخ.
وفي الإطار ذاته، وبأمر من المخابرات وبالتعاون مع الجيش، أطلق الممثل محمد رمضان أغنية تم إعدادها على عجالة بعنوان "هم عايزينها فوضى"، وهي تذاع بصورة شبه مستمرة على الإذاعات المحلية، وحققت انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع استمرار تولي المخابرات إدارة المشهد على مستوى الحشد والإعلام، واصلت الشرطة استنفارها الميداني مع عودة إدارتها له في هذا الشأن. إذ تم البدء صباح أمس بنقل آلاف المجندين من قطاعات الأمن المركزي المختلفة إلى المعسكرات الرئيسية في القاهرة بهدف الدفع بأكثر من 5000 عنصر منذ الصباح الباكر في محيط ميدان التحرير، مع إبقاء 5000 عنصر آخرين على أهبة الاستعداد داخل مقر وزارة الداخلية القديم بالقرب من الميدان، فضلاً عن انتشار المصفحات والمدرعات وآلاف الجنود بالميادين الكبرى بالجيزة والمطرية وعين شمس وغيرها من المناطق الشعبية التي يتوقّع أن تشهد خروج الجماهير اليوم.
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية إنّ عملية التحقيق مع المعتقلين الذين تمّ القبض عليهم ونقلهم لمعسكرات الأمن المركزي، توقفت منذ أمس، انتظاراً لما ستؤول إليه الأوضاع، موضحةً أنّ حملة الاعتقالات مستمرة في المحافظات بهدف إشغال وتخويف المواطنين والأسر واستنزاف القوى السياسية والشخصيات التي من الممكن أن تنخرط في الدعوة للتظاهر.
وفي الوقت الذي امتنع فيه النائب العام المصري المعين من قبل السيسي أخيراً، المستشار حمادة الصاوي، عن إصدار أي بيانات عن عدد المعتقلين أو كيفية التحقيق معهم أو التعليق على ما نشره "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" عن تجاوز عدد المعتقلين حاجز الألفين، وبينما أعلن نقيب المحامين سامح عاشور من الغردقة مساندته للنظام الحاكم، طالب المحامون المشاركون في الدفاع عن المعتقلين السلطات بإصدار بيان بشأن عددهم وأماكن احتجازهم والتحقيق معهم، نظراً إلى عدم استطاعة المحامين مواكبة الزيادة الكبيرة في العدد واختلاف أماكن التحقيق، علماً بأن جميعهم تصدر ضدهم قرارات بالحبس 15 يوماً على ذمة القضية نفسها.