الحكومة الروسية الجديدة: تغييرات لا تمسّ الحقائب السيادية

موسكو
AA57C697-9636-44B1-8EB4-8BAD8E26A738
رامي القليوبي
مراسل "العربي الجديد" في روسيا
24 يناير 2020
40F32E8A-E420-4665-BB2C-52BEA4511FD0
+ الخط -

بعد أسبوع على تعيينه رئيساً للوزراء خلفاً للمستقيل دميتري مدفيديف، اختار ميخائيل ميشوستين تشكيلة الحكومة الروسية الجديدة، مُدخلاً عليها تعديلات عدة، خصوصاً لجهة جمعها بين أعلى نسبة من الوزراء التكنوقراط الشباب الذين تولوا الحقائب الاقتصادية، لكن في الوقت ذاته تم الحفاظ على النواة الصلبة للحكومة السابقة مثل الخارجية والداخلية والدفاع.

وفي الوقت الذي يقل فيه عمر ستة من أصل ثمانية وزراء جدد عن 45 سنة، حافظ وزراء الخارجية سيرغي لافروف، والدفاع سيرغي شويغو، والداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، والمالية أنطون سيلوانوف، والطاقة ألكسندر نوفاك، على حقائبهم في الحكومة الجديدة. ومن التغييرات اللافتة التي طرأت على تشكيلة المسؤولين عن اقتصاد البلاد، تعيين معاون الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية أندريه بيلووسوف، في منصب النائب الأول لرئيس الوزراء، وهو معروف بانتمائه إلى كتلة أنصار تدخُل الدولة في الاقتصاد. كما تم تعيين محافظ مقاطعة بيرم مكسيم ريشيتنيكوف وزيراً للتنمية الاقتصادية، لكنه تم في الوقت نفسه تقليص صلاحيات الوزارة عن طريق إخراج هيئة ممتلكات الدولة "روس إموشيستفو" وهيئة تسجيل العقارات من تحت مظلتها.

وفي هذا الإطار، يعتبر مدير عام "مركز المعلومات السياسية" في موسكو أليكسي موخين، أن التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة هو نيل دعم مجموعات النفوذ للمضي قدماً في تحقيق المشاريع القومية الكبرى، التي يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استكمالها قبل انتهاء ولايته الرابعة والأخيرة بموجب الدستور في العام 2024. ويقول موخين، لـ"العربي الجديد"، "ظل هناك عدد من الوزراء من الفريق الذي يحظى بثقة بوتين، بينما يشكل القسم الثاني منهم مجموعة من الكفاءات في مجالاتهم، تحظى بالدعم السياسي من رئيسي الدولة والحكومة. التحدي الأكبر أمامها الآن هو الحصول على دعم مجموعات النفوذ من أجل استكمال المشاريع القومية".

وحول دوافع الإبقاء على الوزراء القائمين على الحقائب السيادية من دون تغيير، يوضح موخين "يعتمد بوتين على لافروف وشويغو بشكل كبير، وليس من المستبعد أنهما طلبا إعفاءهما من منصبيهما، لكنه لم يتركهما. كما أن آلية تغيير وإعفاء القائمين على الوزارات السيادية تختلف عن غيرها، ولا ترتبط بمواعيد تعيين أو استقالة الحكومات". ويرى أن نسبة تأييد الحكومة الجديدة ستكون مرهونة بقدرتها على إدارة الملفات الاقتصادية.


ويقول "انتظرنا ذلك من حكومة مدفيديف مرتين عند تشكيلها في عامي 2012 و2018، لكن الأمر لم يتحقق". ومنذ الإعلان عن الإصلاح القاضي بالرفع التدريجي لسن التقاعد منتصف عام 2018، عانت حكومة مدفيديف وحزب "روسيا الموحدة" الحاكم تراجعاً كبيراً في الشعبية، إذ انخفضت نسبة مؤيدي الحزب إلى 32 في المائة، وفق الأرقام الأخيرة الصادرة عن صندوق "الرأي العام" (مؤسسة روسية مستقلة). كما لم يسلم بوتين هو الآخر من تراجع نسبة مؤيديه إلى ما دون الـ50 في المائة.

من جهتها، ترى الباحثة في مركز "كارنيغي" بموسكو، تاتيانا ستانوفايا، في مقال بعنوان "الشاملية والشباب. ماذا ننتظر من الحكومة المحدثة؟"، أن الوزراء الجدد هم من الشباب غير الصداميين ولا يطمحون لدخول عالم السياسة. كما أن بوتين، البالغ من العمر 67 عاماً، يكاد يكون في سن آبائهم. وتشير كاتبة المقال، الذي نشر على موقع مركز "كارنيغي"، إلى أن "بوتين شكّل أخيراً، وبعد عام ونصف العام على الانتخابات الرئاسية، حكومته المكتوب لها أن ترافقه خلال فترة الترانزيت الكبير"، مرجعة "التأخر في اتخاذ مثل هذه الخطوة إلى ضرورة إجراء إصلاحات أليمة مثل رفع سن التقاعد، وتحديد شكل انتقال السلطة، وإيجاد وظيفة جديدة لمدفيديف المرشح لشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي". وتضيف ستانوفايا أن "مجلس الوزراء الجديد تكنوقراطي بامتياز"، ما يشكل سابقة لحكومة روسية "غير سياسية" وبلا "أصدقاء قدامى" لبوتين وأنصاره، منذ عمله في رئاسة بلدية العاصمة الشمالية الروسية سانت بطرسبورغ في تسعينيات القرن الماضي. ومع ذلك، تحذر المحللة السياسية الروسية من أن "السلطة العليا نفسها قد تسقط مع مرور الزمن ضحية لهذه التكنوقراطية، كونها محافظة جداً بالنسبة إلى التكنوقراط الجدد الذين تدفع بهم لأداء الأدوار الرئيسية في الوقت الحالي".

وكان بوتين قد أعلن في رسالته السنوية إلى الجمعية الفدرالية الروسية، في 15 يناير/كانون الثاني الحالي، عن حزمة من التعديلات الدستورية، من شأنها تعزيز صلاحيات مجلس الدوما (النواب) وتحديد الحد الأقصى للولايات الرئاسية. تلا ذلك تقدم حكومة مدفيديف باستقالتها، وتكليف ميشوستين الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب رئيس الهيئة الفدرالية الروسية للضرائب، وله سجل حافل في إصلاح منظومة الضرائب الروسية ورقمنتها.

ذات صلة

الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
بايدن وهاريس  يستقبلان السجناء بقاعدة أندرو العسكرية، 2 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

سياسة

استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس في قاعدة أندروز الجوية، قرب واشنطن، 3 سجناء أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل سجناء مع الغرب.
الصورة
بايدن وزيلينسكي أثناء مشاركتهما بقمة حلف الأطلسي بواشنطن، 11 يوليو 2024 (Getty)

سياسة

ارتكب الرئيس الأميركي جو بايدن هفوة جديدة، الخميس، خلال قمة لحلف شمال الأطلسي في واشنطن، بتقديمه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنّه الرئيس بوتين