دخلت المعارك الدائرة في محافظة أبين، بين الجيش اليمني والقوات الانفصالية، المدعومة إماراتياً، شهرها الثاني. وطوال الأسابيع الماضية، كان الاستنزاف للمقدرات العسكرية والعنصر البشري هو العنوان الأبرز للمواجهات، التي لم تشهد أي تقدّم حاسم على الأرض للجانبين.
وفي 11 مايو/ أيار الماضي، اندلعت معارك بين قوات الجيش اليمني وألوية الحماية الرئاسية المرابطة في شقرة من جهة، وقوات "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً من جهة أخرى، على مشارف زنجبار عاصمة أبين، قبل أن تتوسع إلى مدينة جعار، في كر وفر، لا يؤدي إلى حفاظ أحد الطرفين على مكاسبه الميدانية لساعات طويلة.
وحتى الآن، لا توجد أي مؤشرات على وجود معركة حقيقية في أبين، إذ بدت الأمور أقرب إلى استعراض قوة ومناورات، مع استمرار الطرفين بحشد مئات العناصر وعشرات الآليات العسكرية إلى مسرح تخوم زنجبار، والاكتفاء بكمائن وهجمات مباغتة وتبادل للقصف المدفعي. وقالت مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد" إن القوات الحكومية لا تنوي اجتياح مدينة زنجبار عاصمة أبين، وإن دخول جعار ثم الانسحاب منها سريعاً، في اليومين الماضيين، كان الغرض منه إيصال رسالة فقط إلى حلفاء أبوظبي بأن الشرعية قادرة على الوصول إلى أي نقطة إذا أرادت. وشعر "المجلس الانتقالي" بوجود ثغرة في أبين، إذ منذ الهجوم المباغت على جعار، دفع بأكثر من 24 دورية عسكرية، تحمل عشرات المقاتلين من "لواء العاصفة"، الذي يقوده أوسان العنشلي. كذلك دفعت "ألوية العمالقة" الجنوبية المرابطة في الساحل الغربي بقوات مماثلة.
وأعلنت القوات الحكومية أن هجومها الخاطف على جعار تُوّج بالاستيلاء على 80 صاروخاً حرارياً كانت في أحد معسكرات "الانتقالي" قرب جبل خنفر. وقال مدير أمن أبين، الموالي للشرعية، علي الكازمي، إن قوات الجيش تلقت معلومات تفيد بتخزين "الانتقالي" لـ80 صاروخاً حرارياً في معسكر سيود. ولفت إلى أن عملية الاستيلاء عليها جرت بتعاون مع من وصفهم بـ"الشرفاء" داخل قوات "الحزام الأمني"، المدعومة إماراتياً، ونُقلَت إلى مواقع الجيش الوطني في أبين.
ولا يُعرف مدى دقة تصريحات المسؤول العسكري الموالي للشرعية في إمكانية نجاح عناصر تابعين لهم باختراق قوات "الانتقالي"، لكن عملية اغتيال قائد "الحزام الأمني" السابق في مودية نصر الصالحي، أمس الخميس، تضع أكثر من علامة استفهام حول إمكانية تصفيته من قبل حلفاء أبوظبي. وبعد إذاعة موالين للشرعية عدداً من المقاطع التي تُظهر كميات من الصواريخ الحرارية جرى الاستيلاء عليها، حاول الانفصاليون دحض تلك الروايات، ووصف المقاطع المتلفزة بأنها عمل ممسرح، ولا علاقة له بالواقع، وذلك على لسان متحدثهم العسكري محمد النقيب.
ويملك "الانتقالي" العشرات من الصواريخ الحرارية، التي قدّمتها أبوظبي له، في خرق واضح للقوانين التي تمنع تسليم الأسلحة المتطورة لجيوش غير نظامية. وخلال الفترة الماضية، كان لهذه النوعية من الأسلحة، على الأرجح، دور بارز في تعطيل المعركة وإمكانية حصول مواجهات مباشرة للطرفين. وقال مصدر عسكري لـ"العربي الجديد" إن الصواريخ الحرارية ساهمت في كبح جماح المعركة، وحصول محارق غير مسبوقة للآليات العسكرية، من دبابات ومدرعات، أُعطِبَت كلها بالصواريخ الحرارية في غضون أيام، وهو ما لم يحدث في جبهات يمنية أخرى تتوافر فيها هذه النوعية من الأسلحة.
وما زالت المعارك متواصلة في تخوم وادي سلا بمحافظة أبين، حيث يحاول "الانتقالي" التوغل للسيطرة على مرتفعاته، بهدف إحكام السيطرة على مواقع الجيش الوطني في منطقة شقرة، لكن هجماته خلال الساعات الماضية باءت بالفشل. وتوعد المتحدث باسم قوات "الانتقالي" في أبين محمد النقيب، بقلب المعركة على الشرعية. وقال، في تغريدة على "تويتر"، فجر أمس الخميس: "أبين على موعد مع ملحمة الانتصار للجنوب والحياة في معركة اجتثاث الإرهاب"، في إشارة إلى القوات الحكومية.
وعلى الصعيد السياسي، يواصل "المجلس الانتقالي" مشاورات غير معلنة مع السعودية في الرياض منذ أكثر من أسبوعين، لكن قياداته تعقد لقاءات متواصلة مع سفراء الدول الكبرى لدى اليمن. وبعد يومين من اللقاء بالسفير الفرنسي كريستيان تيستو، التقى رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، أمس الخميس، بالسفير الصيني لدى اليمن كانغ يونغ. ووفقاً لوسائل إعلامية موالية لـ"الانتقالي"، فقد ناقش اللقاء ملفات إنسانية واقتصادية.